على الرغم من اهتمام نهج المونتيسوري بمهارات الطفل الفردية ونموه وفقاً لقدراته الشخصية، وجدت ماريا مونتيسوري سمات مشتركة بين جميع الأطفال في أول ثلاثة أعوام من عمرهم.
الهدف من نشر هذه السمات هو مساعدة الأهل على توقع سلوك أطفالهم، وتقبل قدراتهم واحتياجاتهم العمرية.
السمة الأولى: الفضول
يولد الفضول مع الطفل! تبدأ تراه في عينيه المتتبعة لكل ما هو متحرك، وكل ما هو ناطق، وكل ما هو داكن. يكبر فضول الطفل معه ليشمل مذاق الأطعمة والملامس والروائح، ثم يتشعَّب الفضول ويصل إلى الأدراج والأرفف والأقفال و"فيش" الكهرباء والأدوات الكهربائية. هكذا يولد الفضول وهكذا يكبر. من دون أي تدخل منك يولد، ومن دون أي تدخل منك يكبر. لقد كتبت مقالاً مفصلاً عن الفضول هنا
السمة الثانية: نمو القدرة على التركيز
ما بين 8 و15 شهراً يسهل تشتيت انتباه الطفل، ولا يمكنه اللعب بلعبة واحدة أكثر من دقيقة.
وما بين 16 و19 شهراً تكثر حركة الطفل، ولكنه يستطيع إتمام نشاط لا يستغرق أكثر من دقيقتين أو ثلاث على الأكثر!
وما بين 20 و24 شهراً يسهل على الطفل التركيز في نشاط معين.
ما بين ثلاث وست دقائق، الأصوات تشتت انتباهه في هذه المرحلة!
ما بين 25 و36 شهراً تزداد قدرة الطفل على التركيز، ليصل إلى خمس أو ثماني دقائق، ويمكنه قطع اللعب للاستماع إلى حوار، أو لمراقبة ما يحدث حوله، ثم العودة بسلاسة لاستكمال لعبه!
ما بين 3 و4 سنوات يستطيع الطفل التركيز في نشاط ما لمدة عشر دقائق!
السمة الثالثة: الرغبة في الاستقلال
تقول ماريا مونتيسوري في كتابها The Absorbent Mind، إن هناك أشياء كثيرة لا يمكن أن تعلِّمها للطفل، مثل الجلوس والمشي والكلام وإطعام نفسه وخلع وارتداء ملابسه والاستقلال! كل ما يمكنك أن تقدمه للطفل هو بيئة صديقة تساعده على هذه الخطوات، عندما يكون مستعداً لها جسدياً وعصبياً ونفسياً. لا يمكنك أن تجعل طفلاً يسير قبل أوانه، وإلا نتج عن محاولاتك العديد من الإحباطات والشروخ النفسية وتقوّس في عظام الساقين! كذلك لا يمكنك تعليم الطفل الاستقلال من خلال إرغامه على الابتعاد عنك، وحرمانه من الشعور بالأمان ونكران حقّه في الحضن والحب والاستجابة لندائه. مثل هذه النصائح تؤدي إلى النفور، والعديد من المشاكل النفسية.
السمة الرابعة: التفاوض
بدءاً من عامه الثاني يبدأ الطفل في تحدِّي الأوامر ومحاولة كسر القواعد، والتفاوض على كل شيء من الأكل للملابس للخروج للعب. يتفاوض الطفل ليرى ردَّ فعلك؛ هل ستخضع له أم ستصمد على موقفك؟ عندما يبدأ الطفل في التفاوض والتمرُّد لا تقهره باستخدام العنف اللفظي أو الجسدي. التزم بالهدوء والحسم وكرِّر طلبك. لا تخضع للبكاء أو للصراخ أو للإحراج المتعمَّد أمام الناس، وإلا سيتعلَّم طفلك أن هذه هي الطريقة المثلى للتفاهم معك.
راجع نفسك، وتذكر أن دوركَ هو أن تساعد الطفل على التعلم والاستكشاف. هذا مقالي عن استراتيجيات التعامل مع العند.
السمة الخامسة: الإحباط السريع
تجد طفلك يحاول وضع المكعب فوق الآخر، أو يحاول إدخال لعبة ما في صندوق، أو يحاول وضع قطعة بازل… تجده يفشل فيحبط فيغضب فيبكي، هذا طبيعي.
دورك هنا هو التدخل قبل أن يصل الطفل لمرحلة الغضب والبكاء. تدخّل واعرض المساعدة. لا تنجح مباشرة… علِّم طفلك كيف يحاول، وكيف يفكر، وكيف يجرِّب بطرق مختلفة ليصل إلى الحل.
السمة السادسة: الأنانية
طفلك غير قادر على تنظيم انفعالاته، أو السيطرة على رغباته، أو التعاطف معك. طفلك يريد كلَّ شيء الآن، ولا يعرف كيف ينتظر أو يصبر. شعاره هو "أنا ثم أنا ثم أنا… الآن".
دورك هو كسب ثقته من خلال الاستجابة لاحتياجاته الأساسية، مثل الرضاعة أو الطعام أو النوم أو الحضن. لا تتجاهل طفلك، ولا تدّعي عدم الفهم أو المعرفة، حتى وإن كنت مشغولاً، يجب أن يعلم طفلك أنك سمعته وفهمته وسوف تلبي احتياجه.
السمة السابعة: الاحتياج لروتين
الفوضى أكبر عدوٍّ لطفلك في هذه المرحلة؛ لأن الطفل يخاف من المجهول، وفي هذه السنوات المبكرة كل شيء مجهول بالنسبة للطفل. اجعل هناك وقتاً محدداً للنوم والاستيقاظ والطعام والحمام والخروج والعودة. اجعل هناك طقوساً متكررة لكل فعل من الأفعال السابقة. الروتين يساعد الطفل على الاسترخاء والنمو بصورة صحية.
السمة الثامنة: عدم تقبل التغيير
التغيير في أي من العادات والطقوس اليومية يزعج الطفل في هذه المرحلة، وخاصة من عمر عام. هذه بداية المرحلة الحساسة للنظام. يظن البعض أن هذه سمة من سمات التوحد، ولكنها في الواقع مرحلة طبيعية يمر بها الطفل.
السمة التاسعة: التشبث بالأهل
تشبث الطفل بأهله -في أغلب الأوقات بأمه- هو مرحلة طبيعية يمر بها الطفل أثناء نموه العاطفي والاجتماعي. تبدأ المرحلة الأولى من رهبة الانفصال تقريباً في عمر سبعة أشهر، بحسب شخصية الطفل الفردية وتنتهي بعد العامين. يشعر الطفل في هذه الفترة أن أمه هجرته، وأنها لن تعود، وأنه لن يراها مجدداً، والسبب في ذلك هو أنه لا يستطيع أن يسترجع صورها من الذاكرة، ومن الناحية العقلية هو غير قادر على فهم أن الشخص لا "ينتهي" بمجرد اختفائه. في هذه المرحلة يتعلم الطفل الجلوس والحبو والمشي والجري، ويحب أن يستكشف العالم مِن حوله، بعيداً عن أمه، ولكنه يحتاج أن يراها دائماً، وأن يعود إلى حضنها وقتما شاء. إذا لم تستجب الأم لهذا الاحتياج الدائم وتركت طفلها يعاني مشاعر الرفض والهجر، سوف يفقد الطفل الثقة فيها، وفي البالغين عموماً، وسوف تعرقل رحلته نحو الاستقلال النفسي.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.