أيقونة برتقالية تنذرك بفيديو جديد من شخص تتابعه، وفيديوهات طولية تملأ الشاشة وتصل لـ60 دقيقة لبعض الحسابات الكبيرة والمؤثرة، وتجربة استخدام مختلفة تشعرك بالعشوائية التي دخل بها تطبيق سناب شات عندما قام بتحديث تجربة الاستخدام والتصميم مؤخراً.. مع الكثير بآمال بمنافسة يوتيوب، أطلقت إنستغرام ميزة سمّتها تلفزيون إنستغرام أو IGTV تعول عليها في منافسة يوتيوب ثاني أكثر موقع زيارةً في العالم، وربما ترى فيها مستقبلاً بدلاً من التلفاز وبقية منصات نشر محتوى الفيديو.
لا تأتي هذه الخطوة من عبث في خضم تنافس كبير بين عمالقة الإنترنت Google و Facebook فالأولى تمتلك أكبر موقع فيديو والأكثر من حيث متابعة المحتوى بمختلف أنواعه لا سيما الترفيهي، والثانية شركة باتت تتربع على عرش شبكات التواصل الاجتماعي بامتلاكها لإنستغرام، التطبيق الذي يعد المحتوى البصري أساسه ويسعى لتطويره باستمرار، فكلتا الشركتين الآن تمتلك ما تنافس به الأخرى، خصوصاً أن فيسبوك تقوم بتطوير محتوى الفيديو على شبكتها الاجتماعية خلال السنوات الماضية بإدخال عدة مزايا لجذب صناع المحتوى من يوتيوب، كعرض عدد المشاهدات واحتساب مشاهدة كل 3 ثوانٍ من الفيديو كمشاهدة، ومنح بعض الصفحات الأرباح لقاء عرض الإعلانات ضمن محتوى الفيديو الذي تبثه، إلى جانب عدد كبير من الميزات الأخرى.
مع أن الميزة الجديدة التي أدرجتها إنستغرام تعد جميلة نوعاً ما خصوصاً باسمها الجذاب "تلفزيون إنستغرام"، إنما هناك عدد من الأمور السلبية التي تشعرك بأن إنستغرام كشركة تسرعت بطرحها مما أدخلها في باب العشوائية، فالشركة قامت بعمل تطبيق منفصل سمته IGTV يمكن تحميله من متجر Google play وApp store، وبنفس الوقت وفرتها كميزة ضمن تطبيق إنستغرام نفسه مما يشعرك بأن الشركة لا تعرف ما تريد هل هو تطبيق مستقل يمكن اعتباره منتجاً أم ميزة كسائر الميزات مثل الرسائل والـ Stories أو القصص؟
كان الأولى أن تكون تطبيقاً مختلفاً!
في وقت سابق من 2014 طرحت شركة فيسبوك تطبيقاً سمته Paper يعد بمثابة جريدة رقمية يقوم القارئ بتصفح الأخبار وقراءتها من عدة مصادر مختلفة، سعت وقتها فيسبوك؛ لأن تنافس فيها تطبيق صاعد يعرف بـ Flipboard، إنما وفرت التطبيق بشكل مستقل عن تطبيق الشبكة الاجتماعية الرئيسي بشيء يشعرك باستقلاليته وكأنه لا يتبع لفيسبوك ثم قامت الشركة بإغلاقه في يوليو/تموز من عام 2016.
شركة تويتر أيضاً، قامت بالاستحواذ على تطبيق وموقع Periscope للبث المباشر عبر الإنترنت قبل عام 2015 وقامت بالحفاظ على استقلاليته وانفصاله عن تويتر، إلا في بعض الميزات البسيطة كإمكانية مشاهدة البث المباشر من داخل تغريدة منشورة في الموقع، وذات الأمر ينطبق على موقع Vine للفيديوهات القصيرة الذي كانت تمتلكه تويتر قبل أن تغلقه في وقت سابق.
هذه التجارب وغيرها تثبت لنا بأن إنستغرام كان يجب أن تجعل ميزة IGTV مستقلة لها هويتها وكيانها الرقمي الخاص بعيداً عن محتوى تطبيقها الأساسي، خصوصاً أن إنستغرام وصلت لمرحلة نمو كبيرة اليوم تُقدر بمليار مستخدم نشط شهرياً.
تجربة استخدام سيئة نوعاً ما
منذ فترة أُشيع عن أن إنستغرام تخطط لإمكانية التحكم بالفيديو وزيادة مدته أكثر من دقيقة، إنما بقدوم ميزة IGTV دُحِضت كل تلك الشائعات.
إن فتحت تطبيق إنستغرام ستجد أن الأيقونة الخاصة بـ IGTV بجانب أيقونة الرسائل قد تلونت باللون البرتقالي مع تنبيه يخرج منها بوجود محتوى جديد، لمس الأيقونة سيؤدي بك لصفحة طولية قاتمة يأتيك محتواها بشكل أفقي بدلاً من الشكل العمودي الذي تعودنا عليه في تجربة الاستخدام بمعظم التطبيقات (كتطبيق فيسبوك وتويتر مثلاً) وللأسف هذا أمر سلبي، فعرض (الخلاصة) أو المحتوى بالشكل الأفقي يوحي بأن المحتوى سينتهي (كما الحال عندما تتصفح كتاباً أو جريدة بوصولك للصفحة الأخيرة)، ثم يتم تقسيم عرض المحتوى ما بين محتوى مرشح لك لمشاهدته، ومحتوى قادم من أشخاص تتابعهم على إنستغرام ومحتوى شائع شبيه بصفحة Explorer، ثم نافذة أخرى لفيديوهات لم تُكمِل مشاهدتها، وأخيراً يمكنك إنشاء قناتك الخاصة على IGTV ( بشكل مستقل عن بروفايل instagram!!).
الفيديوهات التي تنشر على القناة في IGTV هي مستقلة كلياً عن حسابك الرئيسي في إنستغرام ولا تظهر به، كما يمكنك التحكم في الفيديو وتقديمه وإرجاعه والتعليق والإعجاب به.
في IGTV تأتي الفيديوهات بالشكل العمودي (Portrait) كما تتنبأ الشركة بكون هذا النوع هو مستقبل الفيديو، وللأسف لا يصلح هذا إلا لرواية القصص كما هو الحال في سناب تشات، إذ ما زال يحافظ الفيديو الأفقي على قوته لعدة إعتبارات من بينها مساحة العرض، فتخيل مثلاً أن تشاهد فيلماً بشاشة طولية؟ كم ستشعر أن عناصر الفيلم ناقصة؟.
الاستثمار في صناع المحتوى وسحب البساط من يوتيوب
يقال إن الهدف من طرح IGTV هو توفير فيديوهات أكثر طولاً، وجذب صناع المحتوى من Youtube مع المحتوى المميز الذي يصنعونه، ومع أن ذلك ممكن إلا أنه صعب أن يتحقق لعدة أسباب، أبرزها أن يوتيوب يمتلك تجربة استخدام وهوية مختلفة عن تطبيق على الهاتف المحمول مثل إنستغرام، كما أن يوتيوب كان قد بدأ الاستثمار بصناع المحتوى منذ زمن طويل فوفر لهم مشاركة الأرباح بعدة طرق أشهرها تقاسم عائدات الإعلانات، ومنحهم الجوائز، ووفر لهم أدوات كثيرة تساعدهم على صناعة المحتوى، منها أكاديمية تعليمية ودورات افتراضية، إلى جانب استديوهات يوتيوب المنتشرة حول العالم التي تسمح لهم بإنتاج محتواهم الخاص بها، ناهيك عن هذا كله؛ يمتلك يوتيوب لوحة تحكم لإدارة الفيديوهات والتحليلات متفوقة بكثير عما هو الحال عليه في إنستغرام؛ لذلك وفي الوقت الحالي من الصعب جداً أن يكون IGTV منافساً ليوتيوب.
هل سيكون هناك مستقبل لـ IGTV؟ فعلياً يبدو ذلك أكثر مع صناع المحتوى الخبري والترفيهي إلى حدٍ ما، لكن من الصعب الحكم على ذلك في بدايات هذه الخدمة، إلا أن فيسبوك تقوم بكل السبل لجذب جمهور منصات التواصل الاجتماعي الأخرى لمنتجاتها، ومع التشتت في الميزة، يبقى لإنستغرام قوته بوصفه شبكة اجتماعية تعتمد على المحتوى البصري أولاً ومجتمع افتراضي يعد من الأسرع نمواً بعدد المسجلين بين بقية شبكات التواصل الاجتماعي.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.