بعد كل هذه الضجة على الفيسبوك، عما حدث مع المنتخب المصري ومحمد صلاح في كأس العالم.
لديَّ ما أقوله عن محمد صلاح، وأتمنى أن يفهم كل قارئ ما سأكتبه بهدوء.
محمد صلاح هو بالفعل من أفضل لاعبي كرة القدم الذين مرّوا علينا من سنين، والأبرز والأكثر نجاحاً وشهرة.
لكن ما حدث في الفترة الأخيرة تحديداً يجعلني أكتب رأيي بصراحة في شخصية هذا النجم.
من اللحظة التي ظهر فيها محمد صلاح وهو رجل قراراته كلها منطلقة من دافع شخصي بحت، بل و"أناني" أحياناًَ كثيرة.
وهذا ليس أمراً سيئاً، خاصة بالنسبة للبلد التي نعيش فيها "مصر".
لكن المشكلة هي عندما تكون نجماً كبيراً بهذا الشكل، فلا يصح أن يكون لديك اختبار أن تكون أنانياً بهذا الشكل!
محمد صلاح عندما سألوه في فترة حكم الإخوان المسلمين لمصر عن انتمائه لهذه الجماعة، كان رده غير واضح و"مايع"، كما يقولون بالمصري، وكأنه يردي أن يمسك العصا من النصف؛ لأنه قال حينها: "مين قال إني مش إخوان؟!"، بطريقة النصاحة المصرية التي لا تؤكد ولا تنفي، وطبعاً عندما كان جاء السيسي وأصبح رئيساً لمصر كلنا شاهدنا حواره عن التبرع لصندوق تحيا مصر وغيره، وحينما أحب أن يُعلق على إحباط الشباب المصري كتب تغريدة على تويتر يقول فيها: "قبل ما تقول البلد دي عملت لي إيه شوف انت الأول عملت إيه؟!".
أرجوكم ألا يُعلق أحد منكم ويقول إنه مضطر لفعل كل هذا، ولإطلاق هذه التصريحات؛ لأنه لو لم يفعلها لطلبته الحكومة للتجنيد الإجباري في الجيش المصري!
لأنه ببساطة هذا الكلام مثير للضحك جداً!
فبالتأكيد أسوأ شيء يمكن أن يحدث لمحمد صلاح لن يكون أبداً طلبه للتجنيد الإجباري فيتوقف عن السفر إلى مصر ويُحرم من صحبة أهله وجيرانه وأصدقائه في قريته بالريف المصري "بسيون" ويظل "يا عيني" موجوداً ومقيماً في أوروبا يسجل الأهداف والناس تحتفل به وتحبه، وهذا أمر طبعاً مؤلم وصعب جداً ومثير للشفقة يا حرام!
الحقيقة أيضاً.. أن التجربة والوقت أثبتا أن صلاح يتحدث ويتكلم بما يراه في حالة واحدة فقط، وهي أن تكون الأمور في صالحه الشخصي فقط.
رأيناه جميعاً وهو يتحدث وقت مشكلة الطائرة والإعلان الذي كان مع شركة WE التابعة والمملوكة للجيش المصري شخصياً.
وبمجرد أن كتب التغريدة على تويتر ولمح فيها إلى أنه مستاء مما حدث، بعدها بمدة قصيرة جداً تم حل هذه المشكلة لصالحه.
ورأيناه أيضاً يتكلم ويتحدث عندما ثارت ضده الانتقادات بعد موضوع تكريمه من رئيس الشيشان، وخاصة أن هذه الانتقادات وصلت له من إنكلترا نفسها وبات الموضوع يُهدد "كاريره"، حينها تسرب خبر اعتزاله للعب الدولي.
ولم نرَه ينفي هذا الكلام بأي شكل من الأشكال.
وحتى لا يقول لي أحد منكم: إنني أريده أنه يصبح بطلاً ورجلاً عظيماً وهذا الكلام. فهذا غير غير صحيح، أنا فقط أطالب بالحد الأدنى من اتخاذ المواقف الشجاعة.
محمد صلاح كان يجب عليه أن يخرج علينا ويفضح الفضائح التي حدثت في المعسكر طبعاً أو حتى يُلمح لها.
لكنه طبعاً يفهم الكرة جيداً ويعرف أنها لن تصنع فارقاً بالنسبة له على المستوى الشخصي.
أما بقية اللاعبين فسيعودون إلى مصر ويُمسح بهم "البلاط" ويتم تحميلهم المسؤولية بغض النظر عن التفاصيل.
لذلك فمحمد صلاح -حسبها- قال: إن الأمر لن يؤثر بالنسبة له والأمر لا يستدعي "وجع الدماغ".
الرئيس الشيشاني قاديروف يمر عليه ويوقظه من النوم حتى يلتقط معه صورة تذكارية، لا مشكلة!
الفندق يتحول إلى سوق وكل مَن هبَّ ودب يذهب إلى هناك، وتتسرب أخبار بأن مشادة كبيرة حصلت بينه وبين المسؤولين فيخرج علينا سريعاً بتغريدة ينفي فيها هذه الأخبار.
يسافر قبل المباراة بساعات قليلة حتى يتم تكريمه من قاديروف، أيضاً لا توجد مشكلة!
وبالفعل هو لم يتحدث في الأمر إلا بعد أن أثرت هذه الانتقادات على كاريره في إنكلترا!
وحتى إن الاتحاد المصري قال لرويترز: إن محمد صلاح لم يكن مستاء من تكريم رئيس الشيشان له.. ماذا ستفعل أنت إذن؟!
على الناحية الأخرى نتذكر جميعاً شخصاً مثل أبوتريكة الذي لم يحمِه شيء طول عمره من البطش إلا حب الناس له، ولا تشير بوصلته إلا لهذا الأمر طوال الوقت.
لا مجال هنا لذكر وسرد مواقف أبوتريكة الإنسانية والأخلاقية في الكرة وخارجها، والأثمان التي دفعها مقابل مواقفه الشجاعة والعظيمة.
على مستوى أقل وتحديداً فيما له علاقة بالمنتخب نتذكر أيضاً حسام غالي عندما اشتبك مع كوبر؛ لأن حسام غالي -من وجهة نظري- لاعب يفهم في الكرة جيداً ويلعب أيضاً بقدم واحدة.
وكان معترضاً على طريقة كوبر في اللعب فاشتبك معه في مشادة مشهورة ورفض الاعتذار عن الموضوع.
أتمنى فعلاً من كل قلبي أن يعتزل محمد صلاح اللعب الدولي؛ لأنني سعيد بأن يكون لدينا لاعب مصري بهذا المستوى من التحقق والتأثير والإجادة في لعب الكرة، لكن ارتباطه بالمنتخب يُجبره ويضطره إلى أن يضع نفسه في مواقف أراه عاجزاً عن مواجهتها، وأمام اختيارات لا يستطيع أخذها أيضاً؛ لذلك رسالتي إليه أن يُركز في اللعب في ليفربول فقط.. وشكراً جزيلاً.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.