يقول الكاتب والباحث ويغشايدر في كتابه "تعلم تحقيق التوازن في حياتك": إن هناك سبع قُوى لا بد أن تتحقق حتى تصل إلى التميز هي: قوة الإرادة، وقوة الإيمان بالهدف، وقوة العاطفة من خلال التحكم بالمشاعر والأحاسيس، والقوة الجسدية، والقوة العقلية، والقوة الاجتماعية.
كل امرأة عزباء كانت أو أُماً تحب أن تكون مميزة، سواء على مستوى بيتها أو في تربية أطفالها، وربما تجمع بينهما وترغب أيضاً بأن تكون مميزة اجتماعياً وعملياً أيضاً، وتبدأ في صياغة شغفها الذي يتأجج في داخلها، وتخرجه إلى الواقع، وتغدو المرأة المميزة.
والكثير من السيدات قد ينظرن إلى هذا الخليط المتجانس الذي يبدو من الخارج جميلاً، ومغرياً جداً، ولكن قد يجدن أن محاولة قراءة تفاصيل طريقة صنع هذا الخليط أمر معقد للغاية، وربما مريع أحياناً، والإنسان بطبيعة الحال يخشى التغيير، ويرى راحته في الروتين الرتيب الذي تعوَّد عليه هو نفسه وربما الأشخاص من حوله، وأي خطوة قد تزعزع رتابة الحياة قد لا يجني منها سعادة.
ولكن سيدتي المرأة إن عقدتِ العزم لتخوضي مغامرة الشغف، وأن تخرجي في خليط مميز، لا بد أن تنظري إلى أهم مقومات حياتك، وهي أسرتك، وتبدئي في إعادة هيكلة نظامها فيما يتناسب مع طبيعة الحياة القادمة، وقد كنت نشرت نصائح صغيرة على صفحتي الخاصة على الفيسبوك، وهي خلاصة تجاربي، وقد لا تتطابق مع الكثيرات، ولكن قد تكون عاملاً مساعداً في المُضيّ لتحقيق أهدافهن.
الأطفال
عوّدت أطفالي منذ صغرهم على موعد نوم محدد، تقريباً في حدود الساعة الثامنة مساء، يكون كل واحد منهم في سريره، ويسبق ذلك تنظيف الأسنان وقراءة قصة قبل النوم، وما إلى ذلك من المهام الخاصة بكل طفل.
ومن بعد الثامنة حتى الثانية عشرة ليلاً يكون لديّ وقتي الخاص للدراسة أو قراءة كتاب أو متابعة أي نشاط آخر.
لذلك من أهم ركائز نجاحك كأُم هو التحكم في الوقت لصالحك وليس العكس، الأولوية الأولى في حياتك هي الأطفال.
التنظيم وتحديد الأولويات المهم فالأهم من أهم الأمور التي تساعد أي سيدة؛ لتكون مربية وناجحة.
الوقت
لا بد أن تستعيدي امتلاك كنزك (وقتك)، كيف؟
دعيني أضرب لك مثلاً صغيراً، في حال عطل الهاتف الذكي وفقدانك السيطرة على بعض الأمور التقنية ثم سألت كل مَن حولك ليكتشف أحدهم أن الإعدادات في الجهاز بحاجة لإعادة تحديث حتى تتناسب مع التطبيقات والمهام وسعة التخزين وغيرها، وبعد التحديث ستلاحظين مدى سعادة وسلاسة جهازك.
كذلك هي حياتك أنت بحاجة إلى إعادة هيكلة لتتناسب مع أي عمل أو هدف أو إنجاز ترغبين فيه، ومن هنا يبدأ التخلص من كل الأمور الكمالية التي تنهب وقتك بلا معنى ولا فائدة!
ومنها:
محادثات وسائل التواصل الاجتماعي اللانهائية، حاولي أن تُخرجي نفسك من هذه الدوامة وبأقل الخسائر، تخلصي من عقدة الشعور بالذنب من ناحية عدم رضا الآخرين، وتذكري أن مَن يحبك فقط هو مَن سيتفهم غيابك أو ابتعادك.
أما تصفح وسائل التواصل الاجتماعي خصصي لها وقتاً معيناً خلال اليوم، وللسيطرة على نفسك في البداية امسحيها مؤقتاً من هاتفك وتابعيها في وقتك المحدد من خلال جهاز الحاسوب.
تخلّصي من عادة المحادثات الهاتفية الطويلة لساعات وبالتدريج، عوّدي نفسك على التحدث في الأمور المهمة خلال زمن قصير بإمكانك التدرب على ذلك مع شخص مقرب وستنجحين.
إذا سيطرتِ على كل هذه الأمور فستكتشفين كم من الوقت الثمين الذي قد ضيعتيه هنا وهناك على حسابك وحساب بيتك وأطفالك وحلمك في إيجاد ذاتك، وأقلها ستتخلصين من جملة ليس لديّ وقت، ومبارك لك استعادة كنزك (الوقت).
العامل المساعد
عند نجاحك في ترتيب أمور أطفالك واستعادة وقتك الضائع، ولكن بعض الالتزامات البيتية ما زالت تأخذ منك الوقت والجهد الكثير؛ لذلك لا بد من إضافة عامل مساعد لتحقيق التفاعل المطلوب والوصول إلى الهدف، وهي إشراك رب البيت في ذلك.
ولنا في رسول الله أسوة حسنة، هو مَن كان يساعد أهل بيته؛ لذلك لا ينقص على الرجل العربي شيء إنه هو ساعد زوجته وتعاونا معاً في أمور البيت؛ لأن مبدأ الزواج بُني على الشراكة في كل شيء.
بالتأكيد رب البيت يتعب ويشقى طوال النهار في تأمين حياة كريمة للعائلة، ولكن أنتِ في المقابل تحملين العديد من المسؤوليات، ولا يجب أن يطغى كل ذلك على ذاتك، ونجاحك عامل مهم في حياته وسيسعده حتماً حتى لو أبدى تململاً في بداية خطواتك، لكن ثقي أن نجاحك هو نجاحه أيضاً.
أتذكر أن جدتي أوصتني عندما تزوجت بوصية (زوجك مثلما تعوديه) وطبعاً مثل هذه الوصايا لا تُعمّم، ولكن قد نتعلم منها دروساً وعِبَراً، فعندما يتفق أي شريكين على بناء الحياة الأسرية يجب أن يكونا واضحين في اتفاقهما على آلية البناء وما قد يتداخل خلال العملية من أمور تزيد من روعة الحياة الأسرية وتضيف لها رونقاً خاصاً، الزوجة إن كانت من النوعية الطموحة ولديها أحلام وأهداف طويلة المدى، لا بد من إخبار الشريك؛ ليكون حاضراً لأي جديد.
ولا بد للزوجة أن تتكلم دائماً عن حلمها وشغفها أمامه وتُبدي استعداداً لذلك، وهذا ما يجعل الشريك متحمساً دائماً ومشجعاً في تحقيق حلم زوجته وشغفها، تماماً مثل أي هدية يسعى لإحضارها لها كانت قد تمنتها شريكته يوماً ومع الوقت ستصبح العملية عملية تحقيق أهداف مشتركة.
مثال بسيط: الزوجة تريد أن تقرأ كتاباً، فما المانع أن يأخذ الزوج دورها في رعاية الأطفال لوقت معين مثلاً، كأن يلعب مع أطفاله ويأخذهم في نزهة، فالأطفال يحتاجون إلى الأب مثل احتياجهم للأم كل حالات الرعاية وليس فقط كونه مصدراً للمال.
الشراكة في تحقيق الأحلام والأهداف من أجل مصلحة العائلة من أهم أسس النجاح والراحة للزوجة؛ لذلك يا سيدتي الطموحة لا تعوّدي الزوج على أنك (المرأة الخارقة Superwoman)، وتحددين أنت وظيفته ضمن أكل ونوم، فلن تستوي الحياة على ذلك، وستبقين في دوامة لا خروج منها، ولن يكون راضياً عن أي تغيير نوعي سيجرده من راحته الملوكية التي عودته عليها.
من خلال خبرتي وخبرة زميلاتي في العمل هناك الكثير من العائلات الألمانية التي يعمل فيها الأب والأم، ويتقاسمان معاً أعمال البيت ومواعيد الأطفال ونشاطات المدارس والروضات وغيرها، وهذه من الأخلاق العالية في التعاون واحترام الغير من أجل حياة كريمة للعائلة كاملة، وهي ليست بأخلاق غريبة عنا، بل موجودة في ديننا، ولن تنتقص من رجولة أحدهم إذا غسل صحناً أو ساعد في إعداد المائدة أو قام بتدريس أطفاله وتابع أمورهم كما تفعل الأم؛ بل ستكبر رجولته في عيون أطفاله أيضاً، وسيزرع فيهم أخلاقاً نبيلة سيعملون بها هم أيضاً مع زوجاتهم في المستقبل.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.