حينما نقف على رمال الشاطئ متأمِّلين أمواجه، تأخذنا الأمواج للتفكّر في أننا نتعلَّم منه شيئاً خاصاً وهو التغيير والتجديد المستمر، فمع كل موجة ترتمي بين رمال الشاطئ تُنبئ بأخرى أفضل قادمة إلينا، كذلك الحياة الزوجية كل يوم يمر علينا يُنبئنا بأن اليوم التالي يخبِّئ لنا الأفضل من الأحداث والتغيير المستمر، الذي بيدنا أن يكون أفضل، وبيدنا أيضاً أن يكون غير ذلك.
إن الاستماع المتكرر للأغنية نفسها يجعلنا نملُّ المطرب، وكذلك استمرارنا في الحديث مع الشخص نفسه فترة طويلة أيضاً يجعلنا نملُّ هذا الشخص فترة طويلة؛ لذلك يجب علينا أن نتغير باستمرار ونطوِّر مشاعرنا؛ بل وأفكارنا وأرواحنا؛ حتى لا نكون قد ضحّينا بعقولنا وحياتنا حينما ترفض التطوير في وقت من الأوقات.
العشق يذبل
نعم.. إن العشق بين الزوجين سيذبُل لو لم يتغير ويتجدد، وإن حبك لشريك الحياة ليس معناه أن تقضي معه طوال يومك؛ بل ساعة معه وأخرى مع أصدقائك وأقاربك؛ لتثمر علاقتك بشريك حياتك، وليظل الشوق إليه متلهفاً، لكن لو ظللت طوال الوقت معه فلا سبيل بينكما إلا الفراق في النهاية.
تعلَّم كيف تتحدث مع شريك حياتك
قبل أن تتواصل مع شريك حياتك، لا بد لك أن تُشعره بالأمان بأنه لك طوال حياتكما وأنك له، ففي النهاية أنتما أقرب اثنين لبعض على وجه الأرض بلا منازع، وإن التواصل الصحيح مع شريك حياتك له آثار إيجابية تعود على حياتكما بالود المثمر والانتماء، وأقترح عليكما أن تُفهم لغة الحوار الصحيحة، بمعنى أن -مثلاً- المرأة تسرد كل ما قامت به طوال اليوم بتفاصيل قد تكون أكثر رتابةً، يذوّب الرجل فيها كل شحنة تركيزه واهتمامه بوقت الحديث، مع العلم أن الرجل لا يهتم بالتفاصيل؛ بل يهتم بالخلاصات المهمة؛ مثلاً هاتفكِ لو ظللت أنت طوال الوقت تلعب به دون جدوى من اللعب، وانتهت منك البطارية وأتت إليكِ مكالمة ضرورية، فلن تجدي هاتفك متاحاً فقد شغلتِ هاتفك عما هو أقل أهمية، كذلك وقت الرجل وعقله يستمران حسب ما تستخدمينه طوال المدة التي يوجد فيها معكِ، وحينما يجد فيكِ عدم الاهتمام به فسيغلق ويتركك ويدخل كهفه حتى لو كانت عيناه تنظران إليكِ أنت، وتعتقدين أنتِ أنه يركز تمام التركيز معكِ، ولكنه حقاً يركز نعم، ولكن في كهفه هو، وقد خرج من دائرة الاهتمام بتلك التفاصيل التي أرهقتِه فيها.
بالنسبة للمرأة
أعطِ الوفرة بالاهتمام، وكذلك أعطِ لحياتها قدراً كافياً من وقتكَ؛ لتشغل تفكيرها به، بمعنى التواصل الدائم معها ولو من خلال مكالمة وأنت بعيد عن المنزل، وحين العودة عليك بالاهتمام بجلستها وحديثها، وأعطِها حقها في الاهتمام، فهي تلك الملكة التي تعيش معك، فكن لها حقاً نعم الحاكم؛ لتنعم معها في جنة خاصة بها.
مفاجأة التغيير
أيها الزوج المحِب.. إذا أردت أن تأخذ تغييراً حقيقياً من زوجتك الرائعة، فأعطِ لها تلك الأسباب التي تمنحك على أثرها التغيير الذي ترجوه، بمعنى أن عليك أن تفاجئ زوجتك مثلاً بأن تعطيها إجازة من الأعمال المنزلية الروتينية وتقوم أنت بها، مقابل هذا أن تهتم هي بنفسها لتفاجئك بالتغيير، وسترى تغييراً لم تتوقعه قبل إعطائها تلك الفرصة.
إن المرأة تقدّر الاهتمام بها أيما تقدير، فانتبه لتسريحة شعرها، انتبه ألا تعجب حتى بجلستها، بهمستها، بنظرتها المتلهفة "الجديدة" لك، بالهمسة التي ربما تعلَّمتْها لك أنت خصوصاً؛ حتى ترى فيها شيئاً مميزاً فتعجب به.
إن ما يقتل الحب الروتين، وإن ما يقتل الحياة الزوجية الإهمال، وإن الإهمال سبب كثير من المشكلات الاجتماعية؛ بل قد يكون سبباً رئيسياً للخيانات الزوجية؛ لهذا أنتما زرعتُما زَرْعة فلا تُهملاها ليأكلها الطير الرحّال الذي يتربص بكل زرعة شاردة أو مهملة من صاحبها ليحطَّ عليها دون استئذان ويسرقها.
افتعل أزمة للتغيير
من التغيير أن تفتعل أزمة بينك وبين شريك حياتك؛ لتثمر مِلح العلاقة بينكما، فالحياة التي تمر من دون أزمات لا طعم لها كالطعام الذي من دون مِلح، لا تذوُّق فيه، لكن إذا زاد هذا المِلح فسد الطعام وإذا نقص قلَّ الاستمتاع به.
الحب أساس الحياة
ولأن الحب هذا هو أساس كل حياة، فلولا الحب ما قامت الحياة بين الرجل والمرأة وبين الأُسر، فعندما تكره إنساناً فلن توده وستقطع كل أواصر العلاقة معه- فاجعل الحب باقياً بحياتك؛ بل زِدْ منه، فبه ستعيش، واضحك مع شريك حياتك، وابكِ معه، وتعلَّم معه، تبادلا معاً الثقة والحب، وأشعِلا معاً لهفة الشوق بين الحين والآخر، واجعلا حياتكما دائمة التغيير.
وهنا هل اقتنعت بأن عليك أن تغيِّر وتجدِّد من حياتك.
إن كنت اقتنعت فلِمَ لا تضع معي خطة للتغيير؟!
أحضِر ورقة وقلماً الآن، ثم اكتب خطة التغيير التي ستفعلها لحياتك الزوجية؛ لتكون سعيدة ومثالية.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.