لا شك أن العالم بأسره، كبيره وصغيره، تابع العرس الملكي لحفيد ملكة بريطانيا الأمير هاري وحبيبته الممثلة الأميركية السابقة ميغان، عرس أشبه بقصص ديزني وأساطير الممالك الغابرة. فإليك عزيزي القارئ 5 دروس أوحى إليَّ بها هذا الحفل الملكي:
الدرس الأول: البساطة سر الجمال
قد نتفق ونختلف حول إطلالة الدوقة الجديدة ميغان، لكن لا يمكننا أن ننكر أن لهذه العروس فريقاً واسعاً جداً من خبراء وتقنين ومطلعين قاموا بمساعدتها لتظهر على هذا الشكل، بارزة جمالها كله بدون أدنى تكلّف ولا تصنع، متجملة بابتسامتها وفستانها الهادئ، وذلك التاج الأثري الفاخر. هو درس لمن ترفض تقبّل شكلها فتحاول مواكبة الجمال المصطنع بتسخير وجهها وجسمها كقربان لمقصّ الجراحين التجميليين وإِبَرهم وفرشاة متخصصات التزيين وعلبهم، متجاهلة مصدر الجمال النقيّ الطبيعي عندها دون تدخّل يشوهها أكثر مما يجملها.
الدرس الثاني: اجعل حلمك أوسع من عالمك.. واعمل عليه
لا شك أن الممثلة الأميركية من أصول إفريقية، القادمة من أسرة بسيطة جداً بلوس أنجلوس، لم تكن تتخيل يوماً نفسها وهي السائحة العادية في بريطانيا العظمى تلتقط صوراً أمام قصر الملكي أنها ستكون يوماً سيدة من سيدات هذه المملكة، وعروسة تتوج للأمير الأشد وسامة والأكثر شعبية، لكن ما يتغاضى عنه الجميع أن ميغان لم يلق بها القدر هكذا لتجد نفسها بين ليلة وضحاها أميرة داخل البلاط، بل لا شك أن الأمر تطلب منها جهداً جهيداً وثقافة عالية ونضجاً كبيراً ووعياً متقداً وشخصية فذة استطاعت أن تسحر بها أميراً، وتملك قلبه بغضّ النظر عن كل الفروق التي بينهما.
الدوقة ميغان لم تترك الحظ وحده يلعب لعبته بل لعبت معه لعبة أكبر وأمتن، عملت على نفسها وعلى حلمها وطوّرت من قدراتها ومعارفها وشخصيتها حتى بلغت منزلة ما كانت لتحلم أنها ستبلغها يوماً ما.
الدرس الثالث: لا تتنكر لأهلك فتفقد احترام مَن تسعى لنيل رضاهم
جميعنا تساءلنا عن أسرة ميغان في يوم زفافها، فعدا أمها التي انزوت في ركن بعيد مرتبكة مذهولة لم نلحظ أحداً مميزاً من أهلها، وخاصة وهي تمشي على ممر العروس والذي كان يجدر بأحد من ذويها مرافتها فيه.
ميغان ارتكبت خطأ فظيعاً لا أعتقد أن العالم سينساه لها، وخاصة الأسرة الملكية، عندما نبذت والدها وحرمته هذا الشرف على الرغم من أخطائه.
لا شك أنها تزوجت الأمير وأصبحت أميرة مثله، إلا أن كثيراً من الاحترام الذي كنّه الناس لها يوماً أصبح مجرد ازدراء.
وهذا الدرس هو لمن يتنكر لأصوله وذويه حرجاً وخجلاً منهم، حتى يكسب تعاطف من هم أكثر مستوى منه، تأكد أنه كيفما كان حال أهلك فإنهم هم مصدر كرامتك وعزتك وكبريائك، ولا تتوقع أبداً أن يحترم شخص أهنت أهلَك لأجله حتى لو أظهر لك إعجابه، ففي داخله كمية ازدراء تعادل أنانيتك وعجرفتك.
الدرس الرابع: عبّر عن مشاعرك ولا تخجل من الناس
واضح جداً كيف اكتسب الأمير هاري كل هذه الشعبية، وكيف أحبه الناس كبيرهم وصغيرهم، وذلك ليس لشيء وإنما فقط لتواضعه وعفويته، وهو ما رأيناها بمجرد وصول أميرته داخل كنيسة سانت جورج إليه ليلتفت إليها ويخبرها عن جمالها الفتان، وأنه رجل محظوظ جداً لقبولها به، مع علمه المسبق بأن آلاف الكاميرات تسجله ومثلها من القنوات تذيعه والعالم كله يراقبه، كانت كلمات رقيقة جعلت كل نساء الوطن العربي يتمنين زوجاً يعبر لهن بسلاسة دون عقد وتعالٍ وكبرياء عن حبه وتقديره.
الدرس الخامس والأخير: الطلاق ليس نهاية.. هو بداية
لقد اعتدنا أن نرى البؤس والحزن والشفقة في عيون من نزفهم خبر طلاق امرأة ما، وكأننا نخبرهم بإصابتها بورم خبيث لا رجاء في شفائها منه.
والحال أن معظم حالات الطلاق على الأقل التي عايشتها كانت المرأة أشد فرحاً فيها من يوم زفافها، فهي قد تخلصت من حياة ومن ماضٍ لم يجلب لها سوى العذاب النفسي والجسدي، والأمر صحيح عند الجنسين، فالطلاق عند انعدام الحب والاحترام والرحمة هو ذلك الترياق البارد الذي يأتي ليروي ظمأ المكروبين وهو البداية نحو التغيير والتجديد ونحو حياة أفضل.. فمن يدري ما الذي يمكن أن ترزق به مطلقة تخلصت من همّها، فها هي ميغان ماركل بعد طلاقها لم تجلس تندب حظها وتبكي خيبتها على العكس استمرت في حياتها أفضل من ذي قبل، وكان حظها أميراً حقيقياً يمنحها قلبه وخاتمه.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.