ساندويتش الـ100 دولار.. قصة نجاح في التسويق للمطاعم

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/06 الساعة 14:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/06 الساعة 14:43 بتوقيت غرينتش
"A french bread sandwich with 100 dollar bills, lettuce and tomato isolated on pure white. Concept shot for the expenses of eating out on a daily basis."

هوارد وين Howard Wein خبير في صناعة المأكولات والمشروبات والضيافة، يقترن اسمه بقصة ساندويتش الـ100 دولار والتي بدأت أحداثها في مارس/آذار 2004 حين طلبوا من هوارد المساعدة في تدشين وافتتاح مطعم فاخر صغير، متخصص في طهي اللحوم المشوية بفيلادليفيا، في الولايات المتحدة الأميركية.

حمل المطعم الجديد اسم "باركلاي برايم-Barclay Prime".

بحكم خبرته، علِم هوارد أن 25% من المطاعم الجديدة تغلق أبوابها في أول عام من افتتاحها، بينما 60% من المطاعم تلقى المصير ذاته خلال 3 سنوات بعد افتتاحها، ذلك أن مجال المطاعم شرس، المنافسة فيه عنيفة جداً، وهوامش الربح هزيلة إلى ضعيفة. (هذه الإحصائيات وفقاً لمكتب إحصاءات العمل الأميركي في ذلك الوقت)

فوق ذلك، تعاني المطاعم الجديدة من أجل إعلام الناس بأنها قد فتحت أبوابها وبدأت تستقبل الزبائن.

أراد هوارد خلق دعاية وإشهار لمطعمه دون أن يكلفه ذلك أي مال، في سوق مزدحم بالمطاعم على كل نوع وشاكلة، وأراد كذلك أن يتميز مطعمه الجديد عن الباقين، وأن يكون فريداً في فئته، وأراد الناس أن تتحدث وتتحادث عن مطعمه.

لكن كيف له ذلك؟

فكرة ساندويتش الـ100 دولار

قرر هوارد تقديم صنف فاخر جداً من شطائر اللحم المشوي التي تشتهر بها فيلادليفيا، ساندويتش يكلف 100 دولار للحصول عليه، في وقت كان سعر الساندويتش المماثل الشعبي من 4 إلى 5 دولارات.

هوارد كان يريد تقديم ساندويش يستحق أن تتحدث وسائل الإعلام عنه وتتناقل أخباره: ساندويتش الـ100 دولار.

هكذا يبدو ساندويتش الـ100 دولار

شطيرةٌ كلُّ مكوناتها من النوع الفاخر جداً، بداية من اختيار أفضل أنواع اللحوم، ثم نقعها في خلطات خاصة من مكونات عالية الجودة، للوصول إلى مزيج نادر يضمن أن ينال رضا الأفواه التي ستتناوله ويحقق لأصحابها السعادة واللذة والرضا. (بجانب الشطائر كان هناك مشروب خمر غالي الثمن!)
أتقن هوارد ما أراد فعله، وقدَّم لزبائنه ساندويتشاً من ذهب، يكلِّف أكثر من الذهب، ويجلب سعادة ورضا يصعب أن يجدهما في مطعم آخر، ساندويتش الـ100 دولار.

نجح هوارد في تقديم أغلى أفخر وأفخم ساندويتش لحم مشوي في فيلادلفيا.
بكلمات أخرى، قدَّم هوارد مادة تستحق الحديث عنها، والنظر إليها بعين الاستغراب ثم الشجاعة للتجربة، ثم السعادة، ثم الحديث عن هذه التجربة مع الآخرين، مع نصحهم بالتجربة والتغاضي عن الثمن الغالي لساندويتش الـ100 دولار

ثم نجح الأمر! بات الكل يحب ساندويتش الـ100 دولار
أصبح المطعم المجنون الذي يقدم شطيرة هي الأغلى، والذي يفتح أبوابه 5 ساعات فقط كل يوم من أيام الأسبوع، و6 ساعات في عطلة نهاية الأسبوع، حديث المدينة والناس والزبائن الراضية.

هذا القبول الأولي جعل الصحف الأميركية تتحدث عن تجربة أغلى شطيرة لحم مشوي، ثم محطات التلفزيون والأخبار، ثم الكتب، حتى إن مدونة "شبايك" كتبت عنه!
بدورهم، بدأ المشاهير زيارة المطعم وتجربة الشطيرة الأغلى من نوعها، مثل ديفيد بيكهام في 2010، ومؤخراً طلبها المغني الإنكليزي إد شيران، كما عجت شبكات التواصل الاجتماعي بتجارب الزبائن السعيدة لهذه الشطيرة الغنية!

تغريدات تمدح ساندويتش الـ100 دولار

يجلب ساندويتش الـ100 دولار للمطعم أكثر من ربع مليون دولار ربحاً سنوياً، ولا يزال يحقق أرباحاً لليوم والطلب عليه يبقى قوياً، وارتفع سعره اليوم إلى 120 دولاراً في حالته العادية، ويقارب 150 دولاراً مع إضافات فاخرة.

وأما هوارد، فترك هذا المطعم وانتقل لمطاعم أخرى يجلب لها الشهرة والأرباح، ولديه اليوم شركة خاصة تقدم استشارات للمطاعم والفنادق ودور الضيافة.

بالطبع، ظهرت نسخ مقلدة من فكرة ساندويتش الـ100 دولار، لكنها لم تنجح مثله…

الآن يأتي السؤال: هل لو جربت فكرة مماثلة ستنجح؟

بداية، وبعد قراءة مثل هذه القصص والمقالات، يسارع البعض لرفع سعر منتج لديه، من درهم إلى 100 درهم، فلا يشتريه أحد، فيشك في جدوى مثل هذه الأفكار التسويقية.

لاحظ معي أن هوارد لم يقدم منتجاً رخيصاً أراد به خداع زبائنه؛ بل قدم منتجاً فاخراً يكلف أضعاف أفضل منتج مماثل له في السوق.

هوارد يعمل في سوق الخدمات الفاخرة غالية الثمن، بمدينة تبحث عن الغالي والفاخر وتطلبه.

هوارد لفت الانتباه إلى أنه قدَّم شيئاً جديداً لأول مرة، لم يسبقه أحد إليه، وكانت مكافأته هي التسويق بالمديح لمطعمه. (ربما أردت قراءة ملخصي لكتاب 22 قانوناً في التسويق والذي يشرح هذا المثال باستفاضة)

كل هذه الملاحظات ساعدت على نجاحه، لكن الملاحظة الأهم هي أن هوارد لم يكرر الفكرة ذاتها مع مطاعم أخرى.

الشاهد من القصة هو أن تسعى لتقديم شيء جيد يستحق أن يتحدث عنه الزبائن الراضون.

شبابيك

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
رؤوف شبايك
كاتب متخصص في التسويق
تحميل المزيد