“أصابك عشقٌ”

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/29 الساعة 16:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/29 الساعة 16:58 بتوقيت غرينتش
Concept of education, library, students and love. Happy satisfied hipster high school student girl in love standing leaning against the bookshelf in the library and holding a book while smiling.

هل تعلم أنَّ مبيعاتِ الروايات التي تتحدث عن "الرومانسية والحب" تحتل 55% من مبيعات الروايات؟
توقفتُ كثيراً عند تلك الحروف…
لماذا؟.. وأعتقد أن الإجابة كانت حاضرة في قلبي قبل أن يستحضرها عقلي..
إنه الفقدُ.. أو الافتقاد.. فكلما افتقدت شيئاً كتبت له.. أو قرأت عنه.

فالكاتبُ والقارئ -يا سيدي- هنا سواء…
كاتب "قد" يفتقد الحب في تفاصيل يومه فيزجُّ بها بين سطوره آهاتٍ تارة وأحلاماً وضحكاتٍ تارة أخرى..
وقارئ قد ماتتْ دقاتُ قلبه على أعتاب حب قديم.. أو لم يذقْ للحب طعماً مذ وُلد.. فيلهث وراء حروف كاتبه المفضل علّه يجد فيها ضالتَه المنشودة.

إنْ كان هذا أو ذاك فذلك ليس خطأهم أو خطيئتهم التي يستحقون الرجم عليها فالحب خَلق مِن خَلق الله.. خَلَقه لنستمتع به ونعيش لحظاته المليئة بالسعادة في ظل تشريعٍ إلهي مقنن اسمه "الزواج"..

لكنها جريمة مجتمعية بشعة تتم صياغتها دون أن ندري.. فيُشوَّه الحب في الإعلام.. ويُقتل في مهده على أيدي بائعي الهوى.. أو يُجلَد في تحكماتٍ عائلية ومعتقدات مجتمعية بالية..

وإنْ نجا الحبُّ بأعجوبة من هذه وتلك وتمَّ زفاف المحبوبةِ إلى خدرها والحبيب إلى قلبها، فإنهما ما يلبثان أن يستفيقا على حقيقة مُرة، مفادها "ضياع الحب بين ثنايا الجهل".

فهو لم يتعلم كيف يدللها كما تحب هي؛ بل يدللها وقتما شاء أو وقتما حرَّضته رغبتُه الجسدية..
وهي تراه لا يطلقُ حروف غزله إلا لحاجةٍ في نفسه.. لا لإشباع أنوثتها.
هو لم يتعلم كيف يحتويها فيغذي مشاعرها دفئاً وشغفاً واشتياقاً..
وهي لم تتعلم فنون الحب لتطلب منه ما تشتهي روحها برقَّةٍ وعذوبة فيلبي نداءها ملهوفاً مُحِباً.. لا نافراً منزعجاً مشمئزّاً.

هو لم يتعلمْ كيف يحتوي ثورتها باحتضان دافئ بين ذراعيه..
وهي لم تتعلمْ كيف تعزفُ على أوتار قلبه النابض بالحب حتى يعود كوليد غادَر رحمَ أمه لتوِّه ليرتمِي في أحضانِها فتشبعه من حنانها.
هو لم يتعلمْ كيف يعتذر ويصوغ كلماتِه مقتصّاً لها من نفسه التى جَرحت كبرياءها..
وهي لم تتعلمْ كيف تتمنعُ في دلال ورقَّة فيشتاق وتتسارع دقات قلبه فيدنو
ويطربُ.

تتصادم الرغباتُ حتى يصبح طلبها ثقيلاً.. بل قاتلاً.. رفتلقيها الزوجة في سلَّة مهملات قلبها، الذي قررت أن تدهسه لتدفن رأسها في تربية أبنائها…
ويملُّ الزوج غير عابئ أو مكترث بما يحدث، فكل الساعات صارت بطيئة ومملة يشبهُ بعضها بعضاً.. حتى يموت الحب منتحراً على أعتاب العناد والجهل، وقد لا تنجُو المودة والرحمة فيظل كلٌّ منهما مترصداً للآخر، متصيداً لأخطائه.. لتُحتضر الحياة بينهما مؤذِنة بإطلاق رصاصة الرحمة على زواجهما فيكون أبغض الحلال.

تعلّم كيف تصنعُ الحبَّ في قلب شريكك.. علِّمه ماذا تحبُّ.. وكيف ومتى.. تعلَّم كيف تحتويه.. وكيف تحتضنه.. تعلَّم كيف تتغاضى وتتغافل وتسامح وتعفو عن زلاته.

أعلمه أنَّ الحب يبدأ صغيراً ليُزهر في قلب كليكما باهتمام كلٍّ منكما بالآخر..
أعلمه أنَّ الحب كلماتٌ وأفعال.. همساتٌ حانية ولمسات دافئة.. وأنَّ الجفاءَ لا يخلقُ إلا صراعاً وعناداً وتحدياتٍ لا تنتهي..

علِّمْه كيف يحبك.. وقبل أن تعلمه أحببه بطريقته لا بطريقتك… أظهِرْ له حبك تحت كل الظروف لا كما يفرض الواقعُ وتملي عليكما الضغوط.
انتهت القصة ولم ينتهِ الحب من قلوبنا بعد.. كل عام وأنتم سائرون على دربِ المحبة.

من كتاب "رقصة الفاصوليا"

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
فاطمة المهدي
كاتبة ومستشارة أسرية
كاتبة ومستشارة أسرية
تحميل المزيد