هل هدفك الربح بالجائزة أو إيصال رسالة عن قضيتك أو كلاهما؟
إذا كان هدفك الربح بالجائزة، فالمال الذي صرفته في إنتاج فيلمك أو مشروعك، إن صرفت عليه أصلاً، اذهب واشترِ به هدية وجائزة لنفسك وأرِحنا.
وإن كان هدفك إيصال رسالة عن قضيتك وأفكارك، بغضّ النظر سواء أخذت الجائزة أم لا، فهذا هو النصر والجائزة الكبرى.
قد يعتقد البعض أن حصول فيلم أو مشروع على جائزة في مهرجان هو بالضرورة الأحسن ضمن المهرجان، وهذا خطأ، فقد تحصل على الجائزة بناءً على معايير معينة توضع لدى لجنة التحكيم، وبما أن الأفلام أو المشاريع وصلت للنهائي، فيعني هذا أنها كلها جيدة وناجحة، وسواء أخذت الجائزة أم لا، فيكفي أن تكون قد حققت شيئاً جميلاً هو احتكاكك بأهل الفن وأصدقاء جدد، وكذا أوصلت فكرتك لجمهور أوسع.
وهنا أنا لا أتحدث عن مهرجانات صغيرة أو محلية؛ لأنها ليست معياراً للحديث عنه.
صحيح أن الجائزة تضفي قيمة أكبر لفيلمك أو مشروعك، وفرحة لك ولأحبتك، لكن إن كانت نظرتك من الأول مادية لفيلمك ومشروعك، وأن هدفك الجوائز، فأرجو أن تصنع جائزة من مال الفيلم، وتريحنا من تفكيرك السيئ.
جائزة الفيلم هي صوت فيلمك ومشروعك، وقوة احترافيته ومدى محاكاته لواقعك وقضاياك، وقيمة الفيلم أو المشروع ليس بالجائزة التي أخذتها، بل برسالتك وتجمّع الناس حول العالم على قضيتك.
خذوا العبرة من المشاهير، مثلاً ليوناردو دي كابريو: 12 مرة وهو يدخل سباق الأوسكار، لكنه تحصل على الجائزة فقط في فيلمه العائد، فهل هذا يعني أنه ممثل سيئ ولم يكن دوره ممتازاً؟ لا هذا غلط، فكل أدوراه ممتازة وجيدة، لكن العبرة أن الجائزة قد تضفي لك "برستيج" معيناً، وتفرحك بعض الوقت، لكن دورك وفيلمك هما مَن يتحدث عنك ويفرحك لوقت كبير، وجائزتك بمحبة ومتابعة الجمهور لك ولقضيتك.
ليس هناك عيب في أن ترغب في أن يحصل فيلمك أو مشروعك على الجائزة في المهرجانات، وأن يتم تكريمك، فهذا إضافة معنوية وممكن مادية لك، لكن العيب أن يكون هدفك من إنتاج فيلمك أو مشروعك هو الشهرة والجائزة فقط أكثر منه إيصال قضايا مجتمعك.
والحمد لله أفلامي بدأت مسيرتها في مهرجانات عالمية قبل أن تدخل مهرجانات محلية، والسبب أنني أريد إيصال رسالة عالمية لفيلمي وقضيتي، وإلى أكبر جمهور ممكن في العالم وليس هدفي الجائزة، فيكفي أن يرى جمهور أجنبي قصةً من عالمنا العربي، ويتمعن فيها، وربما يبكي ويتأثر بقضيتنا ويعرف بعض الحقائق المخفية.
في هذه الصورة مثلاً، كنت أنا الفائزة العربية الوحيدة وكذلك البنت الوحيدة ضمن الفائزين الشباب الأجانب، وتم تكريمنا بحضور وزير الثقافة التركي، وكان فيلمي ثاني أحسن فيلم في المهرجان، لكن هذه الجائزة أين وضعت؟ هي في مكتبي، وأراها حينما أكون بالمكتب، أما فيلمي فأين هو؟ ما زال يجول في المهرجانات والقارات ويراه عدد أكبر من الجماهير.
وحتى في هذا المهرجان لما قلت كلمتي، تحدثت عن فلسطين، رغم أن فيلمي عن سوريا، ورغم أنني جزائرية، وبالتالي فهدفي ليس الجائزة بقدر ما أن أوصل رسالتي الإنسانية.
سأجيبكم اليوم: الكثير يقول لي أنتِ تتنجين أفلاماً عن قضايا عربية وتركتِ قضايا الجزائر لماذا؟ سأجيبكم: لأنني أرى أن جنسيتي جزائرية، وقلبي فلسطيني، وكياني عربي، وقضيتي هي سوريا واليمن ومصر وتونس وليبيا ولبنان والعراق وكل الدول العربية.
ولأن رسالتي -بكل بساطة- هي أمة عربية بقضاياها، ويجب أن تصل إلى العالم كله، ولا يهم من أي بلد أنت، يكفي أنك عربي تنتمي إلى قضية واحدة تمس كل مجتمعاتنا.
وبالتالي لا يصنع أفلامنا إلا نحن.. وهذا الموضوع ينطبق على كل شخص عربي يشارك بمشروعه في المهرجانات، سواء كان في صورة شعر أو رسم أو فيزياء أو علوم أو غناء.
عبرة أخيرة من تجربتي المتواضعة: فيلمك هو مرآة لواقعك وأفكارك
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.