اللامركزية الإدارية في لبنان: العبرة في التطبيق والسلوك.. لا التجديد

لكن هل لبنان قادر على أن يشبه شارعاً من شوارع لندن ببساطتها؟ الأكيد أن روح المواطنة تنتعش فترة الانتخابات في كل الضيع اللبنانية فيعود للزراعة، ونظافة الشوارع أهميتها دون أن تصل إلى "الخدمات" إلا من جيب المرشح.

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/26 الساعة 00:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/26 الساعة 00:10 بتوقيت غرينتش

مع اقتراب الانتخابات النيابية في لبنان، فتحت جامعة "الحكمة" ملف اللامركزية الإدارية الموسّعة مع معالي الوزير الأسبق زياد بارود، الذي عمل على المشروع منذ عهد الرئيس السابق ميشال سليمان.

آنذاك، تم إطلاق كُتيب اللامركزية الإدارية "الموسعة" الذي لم يمر على مجلس النواب بعد. فيما وعد المرشح شامل روكز على اللائحة نفسها مع الوزير الأسبق تبنّي هذا المشروع وأخذه إلى المجلس النيابي في حقيبته. ماذا عن القانون الحالي الذي يلحظ اللامركزية منه دون لفظة "موسعة" من العبارة؟

يجيب العضو في المجلس الدستوري والأستاذ في جامعة القديس يوسف في القانون وعلم الاجتماع أنطوان مسرة على هذا سؤال مع مباشَرتنا نشر الأوراق البحثية النظرية والميدانية تباعاً حول صعوبات التطبيق للقانون الحالي والاقتراحات.

خلاصة القانون الحالي -وفق مسرة- في جانب كبير منه لا مركزي وغير مطبق بكل جوانبه، وطرح قانون جديد ستقع عليه نفس العقبات السابقة؛ لذا اقترح مسرة إنشاء لجنة برلمانية تتابع عملية التطبيق للجديد -إن أُقر- كما هي حال الدول المتقدمة.

مرتبطة فاعلية القوانين بعناصر غير القانون الوضعي وفق مسرة، وهي: توازن القوى بالمجتمع، القدرات الإدارية والمالية للدولة، وضع القضاء والثقافة السياسية السائدة في المجتمع.

لدى مسرة أسئلة كثيرة، يملك أجوبتها باعتباره باحثاً، ومن جملة هذه الأسئلة: هل التعاميم المتعلقة بالبلديات موحدة ومجموعة في وثيقة واحدة يمكن الرجوع إليها؟ قطعاً لا؛ إذ يتم التلاعب في القانون الحالي عبر التعاميم، وذلك خلال تطبيقه، فتلك تناقض بعضها وبعض الأحيان تعاميم تناقض القانون الأساسي، والمسؤولون عن البلديات يطبقون التعاميم.

من المؤكد حتى الساعة أن اللامركزية تغير في علاقات النفوذ في المجتمع، غير أن الخطورة في نظام لا مركزي يكمن انحراف نظام اللامركزي في لبنان إذا لم يترافق مع ثقافة لا مركزية ومواطنية ومحلية، فينتقل لبنان من "مركزية المركز" -على حد تعبير مسرة- إلى مركزية اللامركزية، فيسيطر بذلك رؤساء البلديات والمخاتير وزعامات وإقطاعيات محلية وهذه لطالما كانت شكوى اللبنانيين وما زالت؛ إذ الطابع العائلي والإقطاعي يطغى على الحياة السياسية في لبنان لهذا السبب، مما يعيق وصول الخدمات إلى المناطق؛ لأن سلطات محلية مهيمنة عليها.

الحل برأيه في تنمية ثقافة المشاركة والمبادرة من قِبل المواطنين المحليين.

لا يعني ذلك أن مسرة ضد اللامركزية فهي قضية واردة باتفاق الطائف، وهو مسار ديمقراطي عالمي، وليس مطلوباً أن يكون لبنان متراجعاً عنه، ولكنه يجب أن يعالج قضية اللامركزية في التطبيق فـ"نكون لا مركزيين فكراً وسلوكاً"، فلا تهزأ الجارة من جارتها إذا اعتبرت الاهتمام بنظافة الشارع من السلوكيات المرتبطة بالمواطنة، ولا تفترض زميلتها أن لديها طموحاً سياسياً ما؛ لأنها تعتقد أن هذه التصرفات "البسيطة" دون غاية، وتغير في الحياة اليومية، من أفضل ممارسات المواطنية.

لكن هل لبنان قادر على أن يشبه شارعاً من شوارع لندن ببساطتها؟ الأكيد أن روح المواطنة تنتعش فترة الانتخابات في كل الضيع اللبنانية فيعود للزراعة، ونظافة الشوارع أهميتها دون أن تصل إلى "الخدمات" إلا من جيب المرشح.

فماذا سيستفيد شامل روكز -إن صار نائباً- من مشروع اللامركزية الإدارية "الموسعة" ما كان سيفيده القانون الحالي مطبقاً؟ سؤال برسم رؤساء البلديات.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات عربي بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد