لا شكّ أنه بعد انتهاء الثانوية العامة يتغرب الطالب للدراسة إما غربة داخلية بتنقله إلى كلية في محافظة أخرى، أو غربة خارجية بسفره خارج دولته، فيواجِه الطالب المصري معوقات كثيرة، سواء كانت معيشية أو اجتماعية أو ثقافية.
يعاني الطالب المصري معيشياً من غلاء الأسعار في المأكل، والمشرب، والمسكن، كما يعاني من زيادة أسعار أجر السيارات، فضلاً عن مصاريف دراسته، من جانب آخر يعاني الطالب قلّة دخل أسرته، لا سيما كان والده يعمل بوظيفة حكومية كمعلم، فلا يتناسب دخل الأسرة مع تحديات الطالب ولا يكفيه المبلغ الذي يحصل عليه من الأسرة شهرياً، دخل الأسرة لا يكفي لمسايرة الحالة المعيشية، فهل جزء منه يكفي لمسايرة حال طالب في ظل الظروف الصعبة الحالية؟
يلجأ الطالب إلى العمل بجانب دراسته كي يصرف على نفسه، ويقلل الضغط على أسرته، خاصة لو كان لديه إخوة يدرسون، فهم يحتاجون أيضاً إلى مصاريف للدراسة، لكن العمل للطالب له آثاره السلبية، فبعد أن كان ينشغل بدراسته فقط، أصبح ينشغل بعمله أولاً؛ لأنه صمام الأمان لدراسته بجانب الأسرة.
الطالب الذي يعمل ويكمل دراسته يستحق الإشادة به؛ لأنه يصبح مثالاً للطالب المجتهد الذي حقق هدفه وسط ظروف وتحديات صعبة نجح في التغلب عليها، وساعد أسرته في تقليل العبء عليهم، ومن جانب آخر قد لا يقدر الطالب أن يوفق بين العمل والدراسة فيفشل أو يفقد مستواه التعليمي وسط هذه التحديات التي وأدت حلمه.
أما الجانب الثقافي فيتحول رأساً على عقب من مكان تربيته وثقافة مجتمعه إلى مكان آخر وثقافة مجتمع آخر، قد لا يستطيع التأقلم معها، فتعود على عادات وتقاليد تختلف تماماً عن المكان الذي انتقل له.
وفي الجانب الاجتماعي يعاني الطالب المصري كثيراً، خاصة في بداية غربته، حيث يعيش في مكان جديد ويعامل أشخاصاً لا يعرفهم من قبل يستشعر بالوحدة ونقص الأمان، يسارع الأيام وينتظر اليوم الذي يرجع فيه إلى مجتمعه، فيصبح بين أهله، وبجوار جيرانه، ومع أصدقائه، حيث الحب والأمان والطمأنينة.
تؤثر الغربة على الوافد الجديد إما سلبياً أو إيجابياً، فآثارها الإيجابية تكمن في تعلم الشخص الاعتماد على النفس، ومواجهته لمصاعب الحياة، يتعلم أشياء جديدة تفيده، ويتعلم الثقة بالنفس، والطمأنينة عندما يكون وحيداً.
أما الآثار السلبية تكمن في انفتاح الطالب على المجتمع الجديد ثقافياً واجتماعياً، قد يصاحب أصدقاء سوء فينزلق إلى الطريق الخطأ وهنا تبدأ أولى خطوات الفشل التعليمي فمن الممكن أن لا يكمل تعليمه.
رأيت شاباً لم يكمل تعليمه لظروفه المادية، وآخر سلك طريق الخطأ، وآخر لم يوفّق بين العمل والدراسة، تعددت الأسباب والنتيجة واحدة وهي الفشل، فهل نستطيع أن نجد حلولاً لكل هذه المشاكل التي تواجه الطالب المغترب؟
لا بد من وجود حلول تحمي الطلاب من الظروف المعيشية الصعبة وكذلك الظروف الثقافية والاجتماعية، وعدم التأثر سلبياً؛ ليصبح نموذجاً وقدوةً يحتذى به، ويحقق هدفه وآمال أسرته.
فهل يوجد حل مثالي للطالب المصري المغترب الذي يعاني معيشياً واجتماعياً وثقافياً؟
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات عربي بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.