إن سمحت لي بأن أطلب منك أن تسايرني دقيقة، فسأطلب منك أن ترسم صورة في رأسك لشخصية، هي كما يلي: قطب من أقطاب العقارات، ومطوّر أراضٍ، ومعماري، ومؤسس 5 شركات، ومليونير صنع ثروته بيديه دون مساعدة.
إذا لم تكن قد قرأت العنوان الرئيسي لهذه المقالة، فهل كنت ستتخيل أن هذه الشخصية رجلٌ وليس امرأة؟ إذا كان خيالك أوصلك إلى هذا، فاعلم أنك لست وحيداً، وأن كثيراً من الناس يفعلون الأمر نفسه.
لكن الوصف أعلاه يتعلق بي في الواقع. أضف إلى ذلك، أنني أمٌ عزباء لطفلين، ومهاجرة إلى كندا، أفخر بكوني مهاجرة، ورائدة أعمال فضولية دائماً وأبداً وحتى النخاع.
تدفعني حركات عصرنا الحالي، التي على شاكلة #MeToo و #TimesUp، لأن أفكر في سنواتي الأولى عندما كنت وكيلة عقارات مبتدئة. وقد واجهت ما يكفي من الرجال الذين كانوا يحاولون مغازلتي. حتى إن بعض الرجال أخبروني بأن "شَعري الجميل" كان كافياً لبيع منزلهم. وكان ردي الآني والآلي دائماً: "أشكرك على الإطراء، ولكنَّ شَعري ليس له علاقة بقدرتي على بيع منزلك".
أعرف أن تجربتي ليست فريدة، وذلك يجعلني أفكر في قدرتنا على العمل الجمعي لتغيير السلوكيات المجتمعية فيما حولنا. ويبدو هذا تساؤلاً معقداً، إلا أنني أعتقد أن الحلول تبدأ بالوعي وبكوننا نساء نتبادل التجارب الشخصية فيما بيننا. لذا، إن كان لي أن أشارككم، فإليكم القليل الذي سأسرده عن خلفيتي التي أتيت منها.
وُلدت في مخيم للاجئين، وأنتمي إلى عائلة مختلطة، تتكون من 7 إخوة وأختين. ومن حين إلى حين، كنا نحصل على حصص من الأمم المتحدة، أو ندير شؤوننا المنزلية من دون مياه. وعندما كنا نواجه الأوقات الصعبة، كانت وجبات العشاء تتكون أحياناً من قِطع الخبز المغموسة في أكواب الشاي، وهي وجبة تكفي لسد رمق البطون الجائعة. إلا أن المفارقة كانت أنني لم أشعر قط بالفقر؛ بل اعتقدت دوماً بالوفرة؛ لأن عائلتي كانت دائماً تشارك ما تملكه مع الآخرين الذين كان وضعهم أسوأ من وضعنا.
غير أن حياتي انقلبت رأساً على عقب عندما بلغت من العمر 15 عاماً. أراد أبي الحبيب أن يضمن لي حياة أفضل ودبّر زواجي برجل يعيش في كندا، لم تسبق لي مقابلته من قبلُ. كان هذا الأمر ممارسة تقليدية، ولكني كنت مصدومة رغم ذلك.
بعد أن أنهيت المرحلة الثانوية ثم المرحلة الجامعية، أصبحت أماً لطفلين وفخورة بذلك. وجدت أن هدفي هو العمل في مجال العقارات، وفي نهاية المطاف بنيت الجرأة التي تُعينني على إنهاء زواجي.
يسألني الناس أحياناً: "كيف وصلتِ إلى هذا النجاح رغم أن حياتك بدأت في مخيم للاجئين؟"، كانت إجابتي: "عن طريق الإبقاء على عقلية الوفرة التي أملكها".
ففي أصعب المواقف، يمكن للمعتقدات التي نملكها في قلوبنا أن تُحدث كل الفوارق.
أتذكر اليوم الذي تسلَّمت فيه مفتاح أول منزل اشتريتُه، عندما دخلت إلى المطبخ وبكيت وسألت كيف كنت أحمل الأمر على عاتقي، بينما أعتني بأطفالي. لم يكن لديَّ أي أثاث ولا أي فكرة عن المصدر الذي سيضمن لي توفير القسط القادم للمنزل. وفي تلك اللحظة، أجبرت نفسي على الخروج من غياهب هذا التفكير وهذه العقلية. أخبرت نفسي بأنني كنت أحظى بصحة جيدة وقدرة على العمل؛ ولذا فإنني كنت واحدة من أكثر الناس حظاً في العالم.
ونظراً إلى أني أتيت من مكان يتمتع بفكرة الوفرة، اتصلت على الفور بجمعية خيرية وكفلت طفلاً محتاجاً ليكون تذكِرة بأنني أملك المزيد؛ ومن ثم كان لديَّ المزيد لأقدمه. لقد مكنتني هذه العقلية، ليس فقط من الوفاء بالتزاماتي المادية؛ بل تمكنت أيضاً من دفع الأقساط على مدى 4 سنوات.
وانطلاقاً من روح امتلاكنا قيمتنا وتبنّي مبدأ الوفرة، إليكن نصائح قليلة ساعدتني على "كسر الصورة النمطية" في مجال يسيطر عليه الرجال بقوة. وأتمنى أن تلهمكنَّ هذه النصائح أيضاً:
انسي مسألة "التأقلم"
تشعر النساء، في كثير من الأحيان، بالضغط كي يفعلن مثل الرجال من أجل التأقلم. أقول لهؤلاء: لا ينبغي لنا أن نغير ما نحن عليه؛ بل ينبغي لنا بدلاً من ذلك تكوين ثقافة في مجال العمل، تدافع عن النساء كي يفعلن ما عليهن وفقاً لنقاط القوة التي يملكنها.
كوني مميَّزة
عندما أكون في غرفة ممتلئة بالرجال، لا أنظر إلى نفسي أبداً وأقول: "يا إلهي، إنني المرأة الوحيدة هنا!"؛ بل أعتقد بدلاً من ذلك أنه ينبغي أن يكون لدي شيءٌ مميزٌ أقدمه لأنني فريدة في هذا المكان. وكم أنا محظوظة لأن أكون في مثل هذا الموقع.
اخلقي أرضية مشتركة
عندما لاحظت أن بعض الرجال يعاملونني كما لو أنني خصمٌ لهم، كنت أسالهم عن بناتهم وأخواتهم وأمهاتهم والنساء الأخريات في حياتهم. كان هذا يكسر دائماً الجدران بيني وبينهم ويخلق فرصاً حقيقية للتواصل.
تجاهَلي تلميحات "من أنتِ لتكوني هنا؟!"
على الرغم من وجود كثير من الرجال الذين ربما يشعرون بأن أي امرأة تشكل تهديداً لهم، يوجد آخرون داعمون بقوة.
اخترت دائماً أن أركز على الرجال الذين يرحبون بي ولديهم رغبة في توجيهي. وتجاهلت الطاقة السلبية التي تأتي من الرجال الذين هاجموني. لا تقع علينا مسؤولية الحكم على الآخرين. وربما لن نعرف أبداً ما مروا به. لذا، يجب علينا أن نشكرهم لوجودهم، وأن ندعهم يمضون في سبيلهم.
واعلمي أن العقلية تمثل كل شيء في أثناء سيرك بالطريق نحو النجاح.
والآن، هَلِّلن لنجاحكن.
– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الكندية لـ"هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.