لا تريد أن تشعر بالصدمة.. ماذا تفعل كي تجد مقابلاً لعطائك للآخرين؟

هناك نوع من الغباء الاجتماعي يدفع الكثير منّا إلى الهلاك، وهو أنك تعطي كل ما عندك من مشاعر، تعطي أكثر مما هو مطلوب منك، تعطي حتى ينقطع نفسك.. تفعل ذلك حتى تلعن العطاء من الأساس.

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/14 الساعة 08:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/14 الساعة 08:19 بتوقيت غرينتش

هناك نوع من الغباء الاجتماعي يدفع الكثير منّا إلى الهلاك، وهو أنك تعطي كل ما عندك من مشاعر، تعطي أكثر مما هو مطلوب منك، تعطي حتى ينقطع نفسك.. تفعل ذلك حتى تلعن العطاء من الأساس.

لا أعرف لماذا يصيبنا الغباء عندما نقع في حب شخص آخر أو حتى شيء ما، نغلق عقلنا ودماغنا، نأتي على أنفسنا ونجعل وجهنا "مداس"، رغم أن الذي نحبه لم يطلب منا ذلك، لكنه يتفاجأ بكمية العطاء الكبيرة التي نقدمها له، فيطمع أكثر وأكثر، إلا من رحم ربي نسبة صغيرة هم مَن يقدرون هذا العطاء من باب الأمانة لذكرهم.

كل يوم تزيد من عطائك حتى يصاب شريكك بالتخمة والبلادة ولن يظل يشعر بما تقدمه له؛ لأنه أصبح شئياً عادياً بالنسبة له.

إذاً لما نفعل ذلك من البداية؟ لماذا نتعدى المراحل الطبيعية؟ نعطي كل مرحلة حقها في المشاعر والحب، بحيث إذا وجدنا أن من نحبه يستحق أكثر، ندخل في المرحلة الأعلى، حتى لا نتفاجأ ونصطدم ونقع على وجهنا مرة واحدة، ونجد أن مخزون مشاعرنا انتهى ومطلوب منا أن نملأه مرة ثانية وثالثة.

كثيراً ما نجد فتاة في بداية تعرّفها على شخص تقدم لخطبتها، تعامله كأنه أصبح جزءاً من حياتها، وكأنه لا شيء يفرق بينهما، تفتح له قلبها وتتعلق به، على عكسه تماماً، فهو ما زال يقيم الأمور ويتساءل: هل سيوجد توافق بينهما أم لا؟ ومن الممكن أن يشعر أنه ليس مرتاحاً في هذه العلاقة، وينتهي الأمر بالفراق.

والفتاة للأسف تصاب بصدمة قوية، من وجع قلبها ونفسها التي كُسرت بسبب فراقهما، رغم أنه كان لا بد من البداية أن تحسب خطواتها وتكون حذرة في فترة الخطوبة؛ لأنها فترة تعارف فقط، إما نكمل بعدها أو يكون نصيبنا مع شخص آخر.

حتى في الزواج، عندما يكون هناك طرف هو الذي يعطي دائماً بدون مقابل معنوي من الطرف الآخر، يأتي يوم عليه يشعر أنه سينفجر؛ لأنه يعطي أكثر مما تسمح طاقته، جفّت مشاعر مثل البئر التي بداخلها ماء، الجميع يأخذ منها أكثر من حاجتهم، فجفت مياهها تماماً ولم يتبقّ نقطة واحدة.

شرط أساسي لاستمرار العطاء، هو أن يكون من الطرفين وليس من طرف واحد، حتى لو كان هناك طرف يعطي أكثر نوعاً ما من الطرف الثاني، لكنه في النهاية يكون أخذ وعطاء، والممتلئ يسكب على الفارغ مرة واثنتين وعشرة لكن ليس على مدى العلاقة وطول العمر.

حتى في العمل عندما تحمّل أكثر من طاقتك تكون أول شخص يتأذى بالحمل الثقيل وكل العمل يتحمله وحده فقط، لم أرَ في حياتي أحداً أعطى كل قدراته في العمل ولم يندم على ذلك بسبب أن التقدير جاء أقل بكثير من تعبه ومجهوده الذي كان من الممكن أن يتوزع على أكثر من شخص واثنين.

لا تفتحوا صدوركم في العطاء أو أي شيء، وفي الزيادة التي تكون فوق حدها في المشاعر، ليس كل الناس تقدر على ذلك أو تقدر على معاملتكم بالمثل، وعندما تقرروا محاسبتهم أنهم سيئون معكم، لكنكم أنتم المخطئون، فهم أشخاص عاديون تماماً، أنتم من تضغطون على أنفسكم بزيادة وتعيشون؛ لكي تسعدوا غيركم أكثر مما تفكرون في أنفسكم.

أحبوا، لكن بعقل وضبط نفس حتى لا تتعبوا، اجعلوا عطاءكم للآخرين على مراحل، ويكون منكم ومن تحبوهم وليس أنتم فقط من تعطون، حتى لا تكرهوا اليوم الذي قدمتهم فيه كل شيء جميل، وتكرهوهم شخصياً بعد أن كانوا أعز الناس لديكم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد