تكون العروس العربية ليلة زفافها مبتهجةً وأجمل من كل ورود الفردوس. فلا تمر إلا أيام معدودات حتى أراها داخل الجحيم وقد فقدت طعم الراحة في يقظتها وحتى في منامها. وتمر شهور وسنوات قليلة ويتغير جلد بشرة وجهها وجسدها، ويصبح مترهلاً وكأنها عاشت مائة سنة وبينها وبين القبر سوى خطوات.
وأتساءل: لماذا الزوجة العربية تفقد ضياء وجهها ورونقها؛ فإما تظهر عليها علامات السمنة المفرطة وإما النحالة المفجعة؟ فلماذا تفقد بسرعة كبيرة، الابتسامة ويحل محلها الحزن والقلق والندم وكأن سنّها جاوزت الستين في ظرف سنة واحدة؟
الأسباب التي ألاحظها عديدة جداً، وسأحاول تلخيصها:
1- الصدمة الأولى: مسؤوليتها في تحقيق السعادة
المرأة لا تتصور الزواج مثل الرجل، ويبقى تصورها سليماً وصحيحاً بالنسبة له. فهي ترى في الحياة الزوجية شراكة منصفة، وأنها ستشارك زوجها في صناعة السعادة. فتُصطدم حينما ترى أن الزوج يجعل على عاتقها فقط مهمة السعادة، بحيث يلزمها أن تُسعده وتُسعد "الحماة"(1). وهذا أمر مستحيل تحقيقه، فيحمّلها الزوج مسؤولية التقصير، وتتهمها "الحماة" بهذه العبارة المقررة "من يوم أن عرفناك لم نعد نرى أي خير".
2- الصدمة الثانية: تحوُّل فارس الأحلام إلى كاسر الأحلام
تنتظر المرأة أن يكون زوجها فارس أحلامها ويحترمها، متفانياً في خدمتها لتحقيق راحتها، وتتوقع منه أن يغازلها طيلة حياتها، ويهتم بها ويتشاور معها في كل القضايا ويجعلها أميرة عليه. فتصطدم لما تكتشف أن الزوج هو -في الواقع- فارس أحلام "الحماة"!
3- الصدمة الثالثة: تحوُّل القصر الزوجي إلى سجن
تتصور العروس أن بيتها الزوجي سيكون قصر السعادة والهناء وحتى لو كان ضيقاً فيه غرفة واحدة. لكن عند ولوجها الحياة الزوجية، ترى القصر وقد تحول إلى سجن للأشغال الشاقة المؤبدة، وليس لها الحرية في الخروج منه سوى للذهاب إلى العمل، وتقوم "الحماة" بدور الحارس الدائم وتسجل عليها وقت الخروج والدخول.
4- الصدمة الرابعة: لا أهمية لرأيها في بناء المستقبل
تظن العروس أنها متساوية مع زوجها وسيكون لها رأي في تسيير شؤون البيت والتربية وإدارة الميزانية المالية… فإذا بها تجد نفسها مهمَّشة وليس لها رأي في بناء مستقبل أسرتها، والزوج هو الذي يقرر كل شيء ويكرر هذه العبارة "هذه نقودي وأنا الذي أتعذب لاكتسابها وأنت لا دراية لك بتسيير المال". وما شأن عمل الزوجة؟ فما مقابل عملها وعناء شقائها؟ هل "الخبز"؟
5- الصدمة الخامسة: تحوُّلها إلى متسولة
تظن الزوجة عند ولوجها عالم الحياة الزوجية، أن مال زوجها هو مالها، فإذا بها تجد نفسها تضطر إلى التسول من زوجها لتذهب إلى الطبيب أو إلى الحمام، ويكون ردُّه في أحسن الأحوال: "لا أملك شيئاً الآن"، كأنه يردُّ على متسول في الشارع.
6- الصدمة السادسة: غياب الزوج عن المنزل
تتوقع المرأة أن زوجها بعد انتهاء يوم عمله، سيعود إلى البيت على التو، متلهفاً إلى القرب منها وقضاء الوقت معها، لتحقيق المتعة الزوجية وتعزيز علاقتهما الروحانية والجسدية. فإذا بها ترى زوجها يقضي أوقاته مع أصدقائه في المقاهي أو ملاهٍ أخرى، وتبقى هي وحيدة في حين أنها متزوجة. وعندما يعود متأخراً إلى المنزل، لا همَّ له سوى المأكل والمشرب والجنس "الحلال".
7- الصدمة السابعة: هي سبب عدم الإرضاء الجنسي للزوج
الجنس في تصور المرأة لا يقتصر فقط على عملية جنسية عضوية ميكانيكية؛ بل هو حنان وعطف متعدد الأوجه وحب متواصل ليلاً ونهاراً. فإذا بها تجد نفسها خادمة مستعبَدة في النهار، وعليها أن تتحول إلى جارية السلطان ليلاً لإرضاء الزوج جنسياً. وهذا أمر مستحيل عليها تحقيقه في نوع هذه العلاقة الزوجية، فلا داعي لاتهامها بعدم مهارتها الجنسية.
8- الصدمة الثامنة: غياب الصداقة بين الزوجين
تظن الزوجة أنها ستكون صديقة زوجها، وأن الصداقة والمحبة ستجمعهما أبد الدهر في متعة متواصلة، فإذا بها ترى الزوج لا يجد سعادته إلا مع أصدقائه في المقاهي والملاعب والأندية. فتدرك أنها مجرد طباخة، وخادمة، وممرضة "الحماة"، وآلة لإنتاج الأطفال، ومربّيتهم، وبائعة هوى "حلال" لتفريغ غرائزه الذكورية.
فكيف في هذه الظروف المؤلمة، وبعد التعرض لكل هذه الصدمات العنيفة لوردة الزوجة أن تبقى بجمالها وتحافظ على عطرها؟ لهذا، نراها تذبل يوماً بعد يوم وتتحول إلى "قرنبيط". فمن المسؤول عن هذه الجريمة النكراء؟
————-
(1) أم الزوج
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.