إلى المُقبلين على الزواج.. تلك عشرة كاملة!

لا أدري لمَ كتبت كل هذا الآن، لكني شعرت أنه صار لزاماً عليّ أن أكتبه من واقع الحكايا التي كنت شاهداً عليها، ولعلها صرخة في جيلنا كي ينتبه

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/11 الساعة 09:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/11 الساعة 09:13 بتوقيت غرينتش

من واقع مشكلات كثيرة عِشتها، وكنت شاهداً على أحداثها وحكماً في كثيراً منها، ومن بعد حديث ملتهب على صفحات التواصل عن الزواج والتعامل مع المرأة العنيدة، رأيت أن أدوّن هذه النقاط علّها تسمع مجيباً.

1- اعلموا أن لبيوت الناس حرمة، وأن دخولها هو بمثابة تحميلك مسؤولية شرف البيت وعرضه، فلا تدخلوا بيوتاً إلا وقد تيقنتم من وجود درجة من التوافق الفكري والنفسي والاجتماعي والأخلاقي والتربوي بينكم، وإلا فستنقلب حياتكم لسلسلة متواصلة من الصراعات التي لا تنتهي!

2- إذا ذهبت إلى بيت وأنت تعرف عمن تريد الارتباط بها أن لها طموحات علمية وعملية كبيرة، وأنها تسعى لتحقيقها فليس من العقل ولا المنطق ولا العدل أن تحاول منعها من هذا كله بعد الزواج، بهذا تهدم بيتك من حيث لا تدري فتنبّه.

3- الوسيلة الوحيدة لترويض المرأة العنيدة أو الــ ( strong independent woman ) وتحقيق القوامة عليها هي النقاش والحوار وإقامة الحجة، وهذا كله يحتاج للعلم، والعلم لا يتحقق إلا بالقراءة الغزيرة ومشافهة أرباب العلوم في شتى ألوان المعارف، فإن لم تكن عندك القدرة على هذا فلا تقترب منها وإلا فستحترق، اهرب قبل أن توهبوا أطفالاً وتحرقوهم معكم!

4- إياك ثم إياك ثم إياك أن يحتدم بينكما نقاش فتعوزك الحجّة ويعجزك البيان، فتحاول إلزامها من منطلق أنك الرجل، وأنها لا بد أن تطيعك وتتوعدها بالويل والثبور وعظائم الأمور، فحينها ستكون قد خسرت هيبتك أمامها والتي لا تتحقق -معها- سوى بإلزامها عقلاً بما لديك، لن تطيعك، وإن أطاعتك فسيكون فقط لأجل ألا يُهدم البيت يا صاحبي، فتنبّه!

5- أُمنا عائشة -رضي الله عنها- كانت من أكثر الصحابة رواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد جاء في ترجمة مسلم بن إبراهيم الإمام الحافظ الثقة، مسند البصرة، أبي عمرو الأزدي الفراهيدي، المتوفى سنة اثنتين وعشرين ومائتين، أنه روى عن سبعين امرأة، وروي مثل ذلك عن هشام بن عبد الملك الإمام الحافظ الناقد شيخ الإسلام أبي الوليد الطيالسي، المتوفى سنة سبع وعشرين ومائتين أنه روى عن سبعين امرأة، وروى الحافظ ابن عساكر، المتوفى سنة إحدى وسبعين وخمس مائة. عن بضع وثمانين امرأة.

وقد بلغت روايات النساء في الكتب الستة ألفين وسبعمائة وأربعاً وستين رواية (2764 حديثاً) بواقع:
– ألفين وخمسمائة وتسعة وثلاثين حديثاً للصحابيات الراويات.
– مائتين وخمسة وعشرين حديثاً لسائر الراويات من غير الصحابيات.

بل وكان لهن جهود مشكورة في واحد من أدق علوم السنة وهو نقد المرويات يضيق المقام عن سردها وبيانها.

وكانت النساء يعقدن مجالسهن للتحديث والرواية في منازلهن ومنازل غيرهن، وعامة المساجد، والمدارس، والأماكن الأخرى من الرباطات والبساتين؛ حيث تيسر لهن ذلك، وما رأينا أحداً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن بعدهم من الفقهاء والمحدثين رأوا في ذلك بأساً، أو حاولوا الحجر عليهن أو التضييق عليهن، وكانت مجالسهن يحضرها الفقهاء والعلماء الكبار.. ويأخذون عنهم الحديث دراية ورواية.

أسهبت في الحديث في هذه النقطة حتى تنتبه حين يضيق بك المقام ألا تقول لها حين تعجز عن مجاراتها: (أصل الدين والعمل وطاعة الزوج والاختلاط والكلام ده..)، حقك الشرعي التزامها بالضوابط الشرعية، وحقها أنها تمارس دورها في خدمة العلم وأداء رسالتها في الحياة كيفما ارتضت لنفسها بغير مصادرة منك.

6- أختي الكريمة يا وحيدة عصرك، يا فريدة أوانك، يا جوهرة زمانك، يا من ستحلين كل مشكلات الكون، يا من تملكين في جعبتك ما تسدين به ثقب الأوزون، يا من تملكين كل الأجوبة على كل الأسئلة في كل المجالات، هناك أوقات لا بد أن تتوقفي عن حل مشكلات العالم وتتفرغي تماماً لبيتك كشهور الولادة الأولى، ولحظات تحوّل أطفالك من مرحلة الطفولة لمرحلة المراهقة، صدقيني لن تكوني سعيدة إن ذاب الحديد في يديك وصعدت القمر وطرت بغير أجنحة، وكان أولادك من الفاسدين فتنبّهي!

7- عزيزي الشاب، عزيزتي الفتاة، انتبها ثمة فارق كبير بين "الثقة والدياثة" بين "الغيرة والشك" بين "تحقيق الذات وتحطيم الذات"، فالثقة حق متبادل بينكما وعليكما ولكما، لكن شعرة دقيقة رقيقة تفصل بين الثقة وبين غيرها.

الغيرة هي ركن ركين من أركان الحب، ومن لا يغار لا يحب، لكن شعرة أدق من الشعرة الأولى تفصل بين الغيرة والشك.

تحقيق الذات هام وواجب، ولن تشعر بأهمية وجودك في هذه الدنيا بغيره، لكن لا يكون هذا بتحطيم ذات شريكك وسحقه وإفنائه في سبيل روائك -أصلحنا الله وإياك- فانتبه!

8- أختي الكريمة، في اللحظة التي تجدين فيها طموحك وأحلامك وعملك وغيرها قد أثّرت على حياتك الزوجية ورعايتك لأبنائك واهتمامك بزوجك فيسعدني -ويؤسفني في آن واحد- أن أقول لك إنك فاشلة، وإنك بلاء على زوجك وأبنائك، فإما أن توازني بين هذا كله وبيتك، وتذكّري أن بيتك هو رسالتك الأولى في الحياة، وكل شيء يجيء بعده وبالقرب منه، وإما أن توفري عليك وعلينا التعب، لعلّ قصدي واضح!

9- ما اُستُعين على قضاء الحوائج بشيء كالكتمان وإحسان الكلام، والهيّن الليّن أقرب لقلوب الناس ما بالكم بالزوج والزوجة، فلينوا في يد بعضكم، وأعينوا بعضكم على ملمات الزمان ونوائب الدهر، فإن جيلنا جيل تعس مكدود، قاسى الأمرّين وشهد من وقائع الزمان ما يكفيه ليتألم باقي العمر، فلا تكونوا ألما فوق ألم، ولكن كونوا بسمة أمل ورشفة حياة في ذاك الواقع البائس.

10- لا أدري لمَ كتبت كل هذا الآن، لكني شعرت أنه صار لزاماً عليّ أن أكتبه من واقع الحكايا التي كنت شاهداً عليها، ولعلها صرخة في جيلنا كي ينتبه، فإن العمر قصير وأيامه معدودة، وليس فيه متسع من الوقت لنبذل السنوات في التألم والوجع، طالعوا هذا الكلام مرةً بعد مرة، واحفظوه جيداً، والأهم من هذا فهمه وتطبيقه، لعل يكون فيه بعض الدواء لبعض الآلام.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد