ونحن نحتفل بالعيد الأممي للمرأة الذي يصادف يوم 8 مارس/آذار من كل سنة؛ لا بد أن نذكر أن في مثل هذا اليوم من سنة 1857 استشهدت 129 عاملة بمدينة نيويورك الأميركية بعدما ثارت النساء ضد الحيف الاجتماعي الذي كانت تعاني منه بخصوص عدد ساعات العمل والأجر؛ لتتوالى منذ ذلك الحين المسيرات والاجتماعات من طرف قوى سياسية تقدمية وحداثية للمطالبة بتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق المدنية وبالحرية والكرامة والديمقراطية.
محطة أخرى بارزة في تاريخ النضال النسائي قادتها النساء الروسيات بعدما تبين من سجلات الحرب العالمية الأولى مقتل مليوني امرأة روسية؛ ليخرجن إلى الشارع تحت شعار "الخبز والسلام" وتضامن النساء الأوروبيات معهن في مسيرات مطالبات الحكومات بوقف الحرب.
هذه المحطة النضالية في تاريخ المرأة جعلتني أقف عندها؛ لأنها تحمل بعداً إنسانياً مهماً وحقاً مقدساً والذي هو "حق الحياة" خاصة ونحن اليوم نرى أوضاعاً دموية ولا إنسانية في مجموعة من الدول المغاربية والعربية: ليبيا، سوريا، العراق، اليمن، لنتساءل:
ماذا حققن نحن النساء المغاربيات والعربيات من أجل الضغط على حكوماتنا وعلى القوى العالمية من أجل أن نوقف هذه المجازر اللاإنسانية في هذه البلدان؟
هل نملك سجلات تثبت بالأرقام عدد النساء اللواتي قُتلن أو امْتُهِنت كرامتهن بفعل الاغتصاب جراء هذه الحروب القذرة؟
هل نملك جرأة النساء الروسيات للخروج إلى الشارع تحت شعار "الخبز والسلام" لندافع عن حق السوريات والليبيات والعراقيات واليمنيات في الحياة؟
ماذا عن الحركات النسائية التقدمية بأوروبا وأميركا والتي ترى اليوم العديد من النساء يُقتلن ويُشردن في ظروف مأساوية على مرأى ومسمع العالم؟
إننا لا يمكننا نحن النساء المغاربيات والعربيات أن نتكلم عن إنجازاتنا الحقوقية كيفما كانت انتماءاتنا السياسية ما دمنا لا زلنا لا نملك الجرأة في صنع القرارات الكبرى بمنطقتنا على غرار النساء الأوروبيات والأميركيات؛ فأغلب ما وصلنا إليه من حقوق مع اختلاف الدرجات من بلد لآخر هو راجع لحتمية دولية لمجموعة من الدول بخصوص اندماجها في النظام العالمي الجديد والذي يفرض احترام مجموعة من الاتفاقيات الدولية بخصوص المرأة، وتبقى القوانين التي تخص المرأة تحت رحمة ما قد تجود به الحكومات بهذه البلدان،
ما دامت الممارسة السياسية للمرأة هي مجرد هامشية أو شكلية وهذا طبيعي لكون المرأة لم يكن لها تاريخ نضالي حقيقي يمكنه أن تنتزع به مكانتها في تولي مراكز القرار وحتى إن كان موجوداً فهو غير مؤرخ في الكتب أو تم تقزيمه؛ ليصبح مجرد إشارات هامشية بخصوص مشاركة المرأة في استقلال بلدانها بل ولا يوجد بكتبنا المدرسية دروس حول زعيمات نسائية ساهمن في تحرير بلدانهن من يد المستعمر كنوع من رد الاعتبار للنساء بالمنطقة، وخلق ثقافة احترام المرأة في مجتمع ما زالت جل أمثلته الشعبية تحط من قيمتها الإنسانية،
مما أثر سلباً على معاركنا النضالية بخصوص صنع القرارات التي تهم رفع التهميش والفقر والظلم على مجموعة من النساء في البوادي والنساء المطلقات والأرامل والنساء الخادمات…. ليبقى نضالنا بالصيغة النسوية حبيس العمل الجمعوي والخيري بخصوص إيجاد حلول أو تدبير أزمات مجتمعية في إطار القوانين المسموح بها في كل بلد.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.