لا تعطوا ظهوركم لكل هذا العنف ضد المرأة.. ما يجب أن أقوله كأم وسفيرة للنوايا الحسنة

واحدة من بين ثلاث! ليست هذه إحصائية مرعبة فحسب، بل تعني أن هناك دائماً من تعاني الضرب الوحشي في منزلها أو الاعتداء الجنسي الغاشم كل يوم. تعني كذلك أن هناك طفلة ستفقد طفولتها لأنها ستتزوج رغماََ عنها قبل بلوغ الثامنة عشرة

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/08 الساعة 07:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/08 الساعة 07:50 بتوقيت غرينتش

من بين كل ثلاث نساء وبنات، توجد واحدة على الأقل تتعرّض للعنف والانتهاك على مدار حياتها، يعني ذلك أكثر من مليار بنت يعِشن مدمّرات بفعل صدمة نفسية أو إصابة جسدية.

واحدة من بين ثلاث! ليست هذه إحصائية مرعبة فحسب، بل تعني أن هناك دائماً من تعاني الضرب الوحشي في منزلها أو الاعتداء الجنسي الغاشم كل يوم. تعني كذلك أن هناك طفلة ستفقد طفولتها لأنها ستتزوج رغماََ عنها قبل بلوغ الثامنة عشرة. طفلة صغيرة ستعاني طيلة سنوات عمرها من ألم مبرح نتيجة تشوه في أعضائها التناسلية، ألم سيتركها بندوب ليست فقط جسدية، ولكن نفسية أيضاََ. فهل يمكنك تخيّل أن تلك الطفلة قد تكون صديقتك أو جارتك أو زميلتك في العمل أو أحد أفراد عائلتك؟

بصفتي أماً لثلاث بنات، تبدو لي تلك الإحصائية، ببساطة، لا تُحتمل. ومجرد التفكير في خطورة التواجد بالأماكن العادية بالنسبة لنا كنساء وبنات هو شيء تقشعر له الأبدان. فمن الممكن أن نتعرض للضرب أو الاغتصاب في أثناء التنزّه فقط بالحدائق أو الذهاب لرؤية أحد الأصدقاء؛ يمكن التحرّش بنا في المدارس أو حتى في أثناء تصفح الإنترنت. فالخطر دائماََ موجود، بل وعادةََ ما يحدث ذلك العنف في الأماكن التي ينبغي لها أن تكون الأكثر أماناََ على الإطلاق؛ كمدارسنا ومنازلنا ومع ذوينا.

واحدة من بين كل ثلاث، يا له من عار! أنا أيضاََ أم لابن ولن أسمح له بأن يعيش في عالم فكرته مشوّهة عن الذكورة. وعلينا أن ندرك أنه طالما نسمح لأبنائنا بأن يساووا بين الرجولة والهيمنة أو العنف، فلنعلم إذاً أن الطريق ما زال طويلاََ أمامنا لتحقيق الاحترام المتبادل والمساواة اللذين يجب أن يكونا عماداََ للعلاقات بين البنات والأولاد أو بين النساء والرجال. وأقول إن السبب الحقيقي وراء تفشي مثل هذا الوباء هو اللامساواة بين الجنسين، المتجذّرة أوّلاََ في عقولنا. فيجب علينا إعادة النظر والتفكير في معنى أن تكون ولداً أو بنتاً، أو رجلاً أو امرأة.

كسفيرة للنوايا الحسنة لشؤون المرأة في الأمم المتحدة، تقابلتُ مع الكثير من الناجين من حوادث العنف تلك، وعلمت ما الذي يُجدي نفعاََ وما المطلوب. أعلم أن القانون وحده هو من يستطيع أن يحمي هؤلاء النساء والبنات ويضمن لهن حقهن الأساسي في حياة خالية من العنف والانتهاكات، وأنه بالقانون يمكن إحضار المُنتهكين للعدالة. ورأيتُ عياناََ كم أن الناجين من مثل هذه الظروف يحتاجون فوراََ لخدمات عاجلة؛ كبيوت للسكن ومساعدات صحيّة واستشارات ونصائح قانونية.

أتذكر جيّداََ عندما أُقيم المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين عام 1995. كنت وقتها ممثلة صغيرة وعلى الرغم من بُعدي عما يحدث في بكين فإنني غُمِرت بالأمل والطموح وقتها. فقد أظهرت مختلف الدول حول العالم اهتمامها بقضية المساواة بين الجنسين وأعطوا ملف إنهاء العنف ضد المرأة أولوية عليا. وقد أقرّوا أن العنف هو الحائل الرئيسي أمام تحقيق المساواة، فمن يتعرض من النساء أو البنات للعنف عادة ما يفقد فرصته في التعلّم والعمل والنماء بشكل عام، فهن يواجهن عواقب أحداث قد أضرّت بصحّتهن، كما أن الخجل والتهميش يعملان على اختفائهن من الحياة العامة. فالعنف أو حتى الشروع في العنف ضد المرأة يؤثر سلباََ على جميع مناحي حياتها.
حدث العديد من الأشياء منذ مؤتمر بكين، ويمكن أن نرى الزخم القوي لإيقاف جميع صور العنف ضد النساء والبنات. العديد من النساء والبنات الآن تتم حمايتهن من خلال القانون والخدمات، الرجال والأولاد أيضاََ شاركوا في وضع نهاية لذلك العنف وإعلاء كلمة المساواة، ولكن ما زال هناك الكثير ليتم فعله.

كل شئ يبدأ بنا، لذا لا تشيح بنظرك بعيداََ وأكمِل الحديث.

بالنسبة لي، لا يوجد ظلم أكبر من العنف ضد المرأة، لهذا السبب تحدثت في هذا الأمر كسفيرة امرأة للنوايا الحسنة بالأمم المتحدة، وكممثلة وناشطة يمكنني دائماََ نشر الوعي، وكجارة وصديقة يمكنني التدخل عندما أرى هذا يحدث أمامي، وكأم يمكنني تعليم أولادي أن يحترموا ويقدّروا أنفسهم والآخرين، يمكنني أن أعلمهم ألا يقبلوا أو يتساهلوا مع التمييز أو العنف ضد النساء أو البنات. فإذا أردنا حقاََ أن نطوي صفحة ذلك العنف، يجب علينا البدء بأجيال اليوم والمستقبل.

بدءاََ من يوم 25 (نوفمبر/ تشرين الثاني) -اليوم العالمي لنبذ العنف ضد المرأة- إلى يوم 10 (ديسمبر/ كانون الأول) -اليوم العالمي لحقوق الإنسان- سيتخذ الناشطون حول العالم موقفاً وسيرفعون أصواتهم ضد العنف القائم على الجنس. سيستخدمون اللون البرتقالي بشكل خلّاق وواضح ليكون من المستحيل التمادي في تجاهل القضية.

شارك ولوّن منطقتك بالبرتقالي لنشر الوعي، تواصل مع جيرانك والمتاجر المحلية من حولك والمدارس والمكتبات ومكاتب البريد وانشر الوعي.
تخيّل عالماََ بلا عنف ضد المرأة، عالماََ حيث المساواة والاحترام والعدل، ليست فقط مُثلاً عليا أو قابلة للتطبيق فقط على عدد قليل؛ بل عالماََ تكون فيه تلك القيم هي العُرف والعادة لنا جميعاََ. لكل منَا دور يلعبه لتحقيق ذلك، فقم بدورك.
في نوفمبر تُدرج هيئة الأمم المتحدة للمرأة شهر العنف ضد المرأة كجزء من الأيام الستة عشر في النضال ضد العنف القائم على النوع، واليوم العالمي لنبذ العنف ضد المرأة. لمعلومات أكثر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة بكين +20 حملة العنف ضد المرأة، اضغط هنا

هذا المنشور لهذا المنتدى جزء من سلسلة "هافينغتون بوست" بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة في احتفالها بالعيد العشرين لتبنيها "إعلان بكين ومنصة العمل" لرؤية المنشورات الأخرى اضغط هنا، ولمعلومات أكثر عن حملة هيئة الأمم المتحدة بين +20 اضغط هنا.

– هذا الموضوع مترجم عن النسخة الأميركية لـ"هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد