في البداية، لا شك أن كل إنسان يسعى بشتى الوسائل، وخاصة بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية، في التفكير في المستقبل الجامعي، وكيفية الحصول على القبول الجامعي، أو على منحة تساعد في تيسير أمور العيش، وكل ما يلزم لتلبية احتياجات الجامعة.
أنا أعيش في تركيا منذ أكثر من أربع سنين تقريباً، درست في إحدى المدارس السورية لإكمال أهم مرحلة في التعليم الثانوي، وبعد اجتيازي للمرحلة الثانوية اتخذت قراراً برغبتي في دخول قسم إدارة الأعمال.
بعد مرور عدة أشهر من حصولي على شهادة الثانوية، تم افتتاح التسجيل في كل الجامعات التركية، ولم أعلم أنني أستطيع أن أقدم طلباً لأكثر من جامعة، ولذلك تقدمت بطلب إلى جامعة غازي عينتاب التركية، وكنت متأكداً من قبولي في الجامعة؛ لأن معدلي في المرحلة الثانوية كان مرتفعاً، وبعد التقديم بشهر تم صدور النتائج، وللأسف لم يتم قبولي في الجامعة، بحجة العدد الكبير للطلبة الأجانب الموجودين في الجامعة.
المحاولة مرة أخرى
وبالرغم من عدم قبولي، بدأت بتعلم اللغة التركية للتحضير للسنة القادمة، للدخول إلى الجامعة؛ لأنه في كل الأحوال عليّ أن أدرس اللغة التركية من أجل أن أكمل تعليمي الجامعي.
بعد مرور عدة أشهر، وفي الأشهر الأولى من بداية سنة 2014، تم فتح باب التقديم للمنحة التركية. قرأت العديد من المعلومات حول المنحة، وحضرت العديد من الدورات لتعلّم كيفية التسجيل في المنحة التركية، وليتم قبولي في المنحة.
التسجيل على المنحة يكون من خلال تقديم طلب عن طريق الإنترنت بواسطة الموقع الرسمي للمنحة التركية.
الطلب عبارة عن العديد من الصفحات، ستتحدث فيه عن المعلومات الشخصية كالاسم والعمر ومستوى المعيشة والخبرات التي تملكها، أو الدورات التي حضرتها، واللغات التي تتقنها، وفي النهاية وأهم شيء هو رسالة النية، وهي عبارة عن ثلاثة أسئلة يجب عليك الإجابة عنها، وهي من ستحدد القبول من الرفض في المنحة:
1. سبب ترجيحك الدراسة في تركيا – إن كان لديك مجال تعليمي معين، ما سبب اختيارك له؟ – نرجو إعطاء معلومات حول خطتك العملية.
2. من فضلك وضّح لماذا فضلت تركيا للدراسة العليا؟
3. وضّح أسباب اختيارك لأقسام المجال الذي رجّحته ومدى اطلاعكم على هذا القسم؟
إن أحد أهم الأسباب للقبول في المنحة التركية هو (الصدق)!
كل معلومة تكتبها في طلب المنحة يجب أن تكون صادقة تماماً؛ لأنك في النهاية سيتم عمل مقابلة؛ ليروا مدى صدقك في كتابة المعلومات التي كتبتها في الطلب.
احرص على كتابة أي شيء أنت تملك فيه شهادة، مثلاً: (الكومبيوتر – كرة القدم – دورات تدريبية)، أي شيء يزيد من فرصة القبول في المنحة.
بعد تقديمي لطلب المنحة، وبعد كتابة كل الخبرات التي أملكها، تقدمت بالطلب قبل موعد إغلاق قبول الطلبات بـ5 أيام فقط. وكان هناك عدة أصدقاء لي يريدون التقديم بالمنحة، وعلى الرغم من الخبرة القليلة التي أملكها فإنني قد قدمت لهم طلباً للمنحة.
المقابلة
تابعت مسيرتي في تعلم اللغة التركية، وبعد مرور شهر تم إرسال رسالة إلى بريدي الإلكتروني، يوضحون فيها أنني يجب عليّ الذهاب إلى المقابلة للمنحة التركية…
الكثير من الأشخاص قالوا لي إن المقابلة من أصعب المقابلات، وسوف يتم سؤالك بعدة لغات حتى ولو لم تكن تعلم، والكثير الكثير من المحبطين حاولي إخافتي من المقابلة، بحجة أنهم يريدون لي الخير، ومن باب النصيحة.
قبل يوم من المقابلة كنت مرتبكاً جداً، وخاصة بعد الشائعات التي سمعتها بأنها مقابلة صعبة جداً، وفي يوم المقابلة ذهبت إلى مكان اللقاء بكامل عتادي، الألبسة الرسمية، وساعة اليد، وأوراقي الثبوتية، كان هناك عدد كبير جداً جداً من الأشخاص ينتظرون للمقابلة.
كان موعد مقابلتي في الساعة التاسعة صباحاً، ولكن العدد كان كبيراً جداً، دخلت للمقابلة في الساعة الثالثة، أي بعد مرور أكثر من 6 ساعات على الموعد الأصلي للمقابلة.
كانت مدة المقابلة 10 دقائق فقط، وباللغة العربية أو التركية أو الإنكليزية، وبحكم أن اللغة العربية اللغة الأم اخترت المقابلة باللغة العربية، وهناك كان رجل يعرف العربية ورجلان يعرفان الإنكليزية والتركية.
عندما دخلت ابتسمت للرجل؛ ليدل على مدى قوتي، وأنني لست مضطرباً من أي شيء، بعدها طلب منّي الجلوس، وكانت هناك كاميرا تصوّر وتسجّل كل كلامي، وتتعرف على ملامح وجهي.
سألني عن دراستي، وعن الوضع المعيشي، وعن الأسرة، وسألني عن التخصص الذي أردت، وكان آخر سؤال عن الشركات العالمية التي تختص بنقل الأموال، ثم سألني الرجل الذي يتكلم اللغة التركية عن إخوتي، فأجبته من دون أي تردد؛ لأنني أملك المعرفة التي تمكنني من التكلّم باللغة التركية بشكل جيد.
القبول
وبعد مرور أكثر من شهرين وصل البريد الإلكتروني الذي كنت أتمناه… كانت فرحتي لا توصف، دخلت فوجدت رسالة تؤكد قبولي في قسم إدارة الأعمال، وفي نفس الجامعة التي تم رفضي فيها السنة الفائتة؛ حيث كتب في نص الرسالة أنه يجب عليّ الذهاب إلى أنقرة خلال مدة 15 يوماً لتوقيع عقد المنحة وتسليم الأوراق المطلوبة.
وبعد مرور يومين على إرسال القبول ذهبت إلى أنقرة وكذلك الأمر وصلت إلى أنقرة في الساعة 6 صباحاً، وذهبت إلى مركز المنحة، وانتظرت عدة ساعات، ومن ثم دخلت، ووقّعت عقد المنحة، وبعدها عدت إلى مدينتي، وبعد شهر بدأت بدراسة إدارة الأعمال.
وفي النهاية.. إليك بعض النصائح المهمة من وجهة نظري:
1. النصيحة الأولى للإناث: إياكِ ثم إياكِ ثم إياكِ الذهاب إلى مقابلة المنحة وأنت تضعين كامل المكياج؛ لأن ذلك حتماً سيتسبب في رفضك.
2. كما ذكرت الصدق في كل شيء، لا تحاول أن تكذب ولا في أي معلومة، وتذكر أن الصدق هو أساس النجاح.
3. حاول أن تكون رسالة النية وافية لكل شيء، وأن تكون حصراً باللغة العربية الفصحى، وألا يكون بها أي خطأ إملائي.
4. قبل بداية المنحة حاول تجهيز جميع أوراقك؛ لكي تكون مستعداً للتقديم.
وختاماً.. في حال تقدمت ولم يتم قبولك، هذا لا يعني نهاية العالم، حاول قدر المستطاع مضاعفة جهودك والتقديم لأكثر من منحة، وتأمّل بكل شيء خيراً.
– تم نشر هذه التدوينة في موقع أراجيك
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
