أُطالب بيوم عالمي للرجل

على المرأة بالأساس أن تتحرر من عقدة النقص وكل التراكمات الفكرية التي خلفتها هيمنة الرجل على شخصيتها، عليها أن تصوغ هويتها انطلاقاً من إنسانيتها ثم طبيعتها، وأن تحدد هي الدور الذي ستلعبه في المجتمع.

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/07 الساعة 05:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/07 الساعة 05:12 بتوقيت غرينتش

كلما اقترب تاريخ 8 مارس/آذار إلا وامتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة في مجتمعاتنا الشرقية، بالتنكيت والاستهزاء، ولعل أشهر جملة أقرأها "مبارك للمرأة يوم ومبارك لنا 364 يوماً".

بالنظر لهذه الجملة، فلا أجدها خاطئة، وبالنظر أكثر أعتقد أن اليوم العالمي كان خطأً في حق النساء، وسأشرح لماذا.

أكيد أن المرأة تختلف عن الرجل في عدة نواح؛ لكن هذا لا يجعلها دونه، بل يجعلهما يتكاملان على حد سواء؛ ليحققا التوازن الطبيعي، فكل رجل يحمل امرأة بداخله، وكل امرأة بداخلها رجل، المشكل أن الرجل خنق المرأة بداخله، ولمدة قرون ومن خلال نمط الحياة الذكوري والتربية غير المنصفة والتقاليد المجحفة، كرس دونية المرأة وتجاهل دورها في بناء المجتمع وقمع صوتها وعقلها، ربما انتقاماً لفترة من التاريخ البشري البدائي كانت الأنثى هي المسيطرة، كما يدعي بعض العلماء قياساً بمجتمعات الحيوانات.

كل هذا جعل المرأة قاصرة على التعبير عن ذاتها وكينونتها وجعلها خاضعة لذكر يملي عليها هويتها، هوية ناضلت كثيراً لتحديدها، لكنها لم تستطع التفكير خارج الصندوق، فحتى مع الثورة الصناعية ودخولها سوق الشغل، لم يكن ذلك اعترافاً بحقها في العمل كخطوة في تحقيق الذات ومساواتها بالرجل، وإنما لاستغلال يدٍ عاملة رخيصة احتاجتها المنظومة الاقتصادية؛ لتدخل النساء مجدداً في نضالات طويلة تنتهي كل مرة بتفضل الذكر المسيطر بمنح حق كان قد سطره على مقاس مصلحته.

المشكل أن هذه النضالات تحولت لصراع محموم نسيت فيه المرأة ميزتها وطبيعتها؛ لتحاول التشبه بأي شكل من الأشكال بالرجل، فكما قالت الناشطة الحقوقية ماري شتينم: "إننا أصبحنا الرجال الذين كنا نريد الزواج بهم".

على المرأة بالأساس أن تتحرر من عقدة النقص وكل التراكمات الفكرية التي خلفتها هيمنة الرجل على شخصيتها، عليها أن تصوغ هويتها انطلاقاً من إنسانيتها ثم طبيعتها، وأن تحدد هي الدور الذي ستلعبه في المجتمع.

إن المرأة لا تستحق حقوقاً فقط إنما وساماً واعترافاً بقوتها وصبرها، فهي في صراع دائم لتحقيق التوازن الصعب بين طموحاتها الشخصية كإنسانة وبين تقاليد المجتمع المحيط بها وبين خصوصياتها البيولوجية، وبين رغباتها الغريزية كالأمومة، في حين يعيش الرجل في الشكل الذي سطره لنفسه وسط مجتمع يؤيده حتى وإن أخطأ.

إننا لا نحتاج إلى يوم عالمي للمرأة، بل نحتاج إلى يوم عالمي للرجل؛ لنذكره فيه أنه ليس مركز الكون، بل هو شريك فيه بالتساوي مع المرأة، ونطفئ فيه نرجسيته المتغولة، يوم نصحح فيه كل أفكاره الذكورية المغلوطة بالتفوق والكمال، خاصة في مجتمعاتنا الشرقية، فكما غنت ماجدة الرومي: " إن الشرقي لا يرضى بدور غير أدوار البطولة".

إلى كل النساء.. كل يوم وأنتن بخير.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد