بعد مشاركاتي في المنافسة الأولمبية.. كيف أدركت أن حياتي كانت قاسية جداً والآن أحببت جسدي وصحتي أكثر؟

بصفتي رياضيةً أولمبية وحاصلةً على الميدالية الذهبية في التجديف أربع مراتٍ، كنتُ أتساءل باستمرار: كيف سأزاول بعد تقاعدي شؤون حياتي أثناء هذه الفترة الانتقالية؛ لأعيش حياة إنسانة عادية؟ وكيف يمكنني أن أشعر بالرضا عن النفس وأتقبل عيش حياة شخصٍ بالغٍ عادي وفي وضع صحي يناسبني؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/06 الساعة 10:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/06 الساعة 10:01 بتوقيت غرينتش

بصفتي رياضيةً أولمبية وحاصلةً على الميدالية الذهبية في التجديف أربع مراتٍ، كنتُ أتساءل باستمرار: كيف سأزاول بعد تقاعدي شؤون حياتي أثناء هذه الفترة الانتقالية؛ لأعيش حياة إنسانة عادية؟ وكيف يمكنني أن أشعر بالرضا عن النفس وأتقبل عيش حياة شخصٍ بالغٍ عادي وفي وضع صحي يناسبني؟

تبلغ نسبة الدهون الطبيعية في جسم رياضيّي النخبة 12%، إلى جانب قدرة تنفسية هائلة، أما بالنسبة لي، يُضاف إلى ذلك عنصرٌ آخر، القدرة على منافسة الذكور من نفس الوزن، ومزاحمتهم. والسؤال الذي أطرحه على نفسي: كيف يمكن لِشعورٍ مثل أن أقول لنفسي "جيدة بما فيه الكفاية" أن يصبح فلسفةً إيجابيةً للياقة البدنية؟

ومع ذلك، بعد 21 عاماً من الوقوف لآخر مرة على المنصة الأولمبية، أجد نفسي في وضعٍ جيدٍ وصحي. لقد عثرت أخيراً على الوصفة السحرية التي تجعلني في وضع صحي فعلي. هل أنتم مستعدون لمعرفة ذلك؟

دعوني إذن أخبركم به، إنه الحب الذاتي. أجل مثلما قلت، إنه الحب الذاتي. إن معرفة الذات، والشعور بالتجانس والسلام مع النفس، كما هي، هو العنصر السري على الإطلاق، الكفيل بضمان حياةٍ صحيةٍ وخطة اللياقة البدنية المناسبة.

عندما كنتُ في أوج عطائي الرياضي كبطلةٍ عالميةٍ في التجديف، ازدهرت قدراتي تحت ضغط الممارسات التنافسية اليومية ثلاث مرات، وبفعل ممارسة التمارين إلى حد الإرهاق، بحيث كنتُ أشعر بالتعب المنهك، إلى درجة فقدان طعم النوم عندما أتوجه إلى الفراش حسب ما أذكر.

وكنتُ أقضي ما لا يقل عن ست ساعات في اليوم في التدريب؛ لكي أصبح الأفضل في العالم، وكُنا نبذل الجهود المتواصلة ونسعى لنكون الأفضل، لنكون الأقوى، لنكون أكثر صلابة معنوياً وذهنياً. هذه هي الطريقة التي يصنعون بها أبطال العالم، لكنها بالمقابل لا تبشر بفأل جيد، بالنسبة للياقة البدنية على مدى الحياة وعند رسم استراتيجية العيش على نحو صحي.

لا يمكن للرياضي أبداً، أن يشعر بالرضا المطلق عن أدائه؛ لأن هدفه في نهاية المطاف هو البحث دائماً على تحقيق أفضل ما في وسعه، ولا يكفيه أن يكون في المرتبة الرابعة، إنه يتوق للحصول على ميدالية، وعند الظفر بها، يخطو خطوة إلى الأمام؛ ليعتلي أعلى مراتب المنصة.

هذه الفلسفة التي تحثنا دائماً على تحقيق "المزيد" تكاد تتسرب إلى أعماق أنفسنا كبشر، وكأنه لم يكن كافياً أن أكون قوية ونحيلة، أردتُ أن أكون نحيلة أكثر، وأبدو أكثر أنوثة، لم يكن كافياً أن أكون في حالة جيدة، كنتُ أشعر بالحاجة إلى خوض سباق الماراثون، لم أكن أريد فقط أن أكتب كتاباً، أردتُ أن أكتب الكتاب الأكثر مبيعاً.. وأكثر من كل ذلك، أردتُ أن أكون الوالدة المثالية؛ لأنني أحب صغاري كثيراً إلى درجة شعرت بالرعب الشديد خشية الفشل في ضمان تأدية واجبي إزاءهم.

وقد نجم عن محاولة تحقيق ذلك على الوجه الأمثل نتائج عكسية، وفي السنوات التي أعقبت نهاية مساري الرياضي التنافسي، وقعت في دوامة البحث عن الكمال، إلى أن انتهى بي المطاف بالوقوع في حالة حادة من الاكتئاب.

لم أشعر أبداً أنني في وضعٍ مريحٍ بما فيه الكفاية، ومناسبٍ بما فيه الكفاية، ببساطة لم أشعر "بما فيه الكفاية"، لقد واجهتني أخطائي عند كل منعطف في حياتي، وهي تلمح إليّ، مثل علامات النيون، وتُنبهني وتصرخ في وجهي: "فاشلة".

لقد التزمت مَسلكي الأولمبي المتوّج بالميداليات، في كل ما كنت أفعله، إلى أن تعذر عليّ الاستمرار وأنهِكت قواي، وفي يومٍ من الأيام، لم أعُد أستطيع تحمّل هذه الوتيرة القاسية جداً، في تحقيق المزيد ثم المزيد ولا شيء سوى المزيد.. أردتُ عندئذ التوقف عن ذلك.

وكانت رحلة التوقف، والقناعة بما يكفي، رحلة طويلة وصعبة. وفي النهاية، أدركت أن الأمر كان دائماً كافياً في حياتي، كان كافياً بالنسبة لي حتى من دون الميداليات، ومن دون الجوائز، ومن دون أي شخص يقول لي إنني كنتُ بطلته، كان ذلك يكفيني؛ ليُسعدني في حياتي؛ لأنه يشكل بكل بساطة، حقي المكتسب منذ ولادتي، مثلما هو حقكم أنتم أيضاً.

في المرة الأولى التي نحمل فيها رضيعاً بين ذراعينا، هل هناك مَن يفكر ويقول في نفسه هذا المولود الصغير الجميل ليس كافياً؟ بالطبع لا، ومع ذلك، مثل هذا الحكم اللعين، نفرضه على أنفسنا مراراً وتكراراً طوال حياتنا.

عندما قررتُ أن في الأمر كفاية، تغير كلّ شيءٍ في حياتي بما في ذلك فلسفتي المتعلقة بالصحة واللياقة البدنية، وأصبحتُ الآن أختار الأنشطة على أساس ما تجلبه لي من سعادة في حياتي.

أحب الآن التنزه رفقة كلابي، أحب السباحة في الفضاءات المفتوحة، أشعر كما لو أنني أمارس رفع الأثقال في الصالة الرياضية، وعندما أركب دراجتي، أشعر وكأنني طفلةٌ صغيرةٌ، وهكذا أتسلق الجبال وأركض على طول الطرق الهادئة، أجد نفسي أضحك بصوت عالٍ لمجرد الشعور بالمتعة.

لديّ الآن بطن الأطفال والدهون في الظهر، لكن مع ذلك أحب جسدي أكثر مما كنت أحبه قبل 20 عاماً، ثم عندما أُلقي نظرة إلى ساقي أشعر كمْ أنا ممتنةٌ لكونهما قويتين، وأتذكر كم من المغامرات عشتها بفضلهما.

لم أعد مهتمة بتحميل نفسي أكثر من طاقتها، وإذا تعذر عليّ إتمام برنامج نشاطي اليومي، سأحاول إنهاءه غداً، وأحاول ممارسة رياضة اليوغا والتأمّل كل يوم، لكنني في واقع الأمر، أقوم بها فقط أربع مرات في الأسبوع.

أصبحتُ أدرك الآن أن الحياة قصيرة جداً بما لا يسمح لي أن أستمر في السير على هذا الدرب المشين في جَلْد الذات والاشمئزاز منها، وعندما تتغير عقلية الإنسان، من "حياتي ليست جيدة بما فيه الكفاية" إلى "مهلاً، إنني أُبلي بلاء حسناً!" فمثل هذا الشعور كفيل بأن يمنحك الحافز للمُضي قدماً، لتتحدى نفسك من خلال الانخراط في نشاطٍ جديدٍ، وتهنّئ نفسك على قيامك بحصة تأمّل مرة واحدة هذا الأسبوع بدلاً من توبيخها والحط من قيمتها بسبب عدم قيامك بذلك النشاط كل يوم.

لم أبلغ هذا الوضع الصحي الجيد، من خلال اتباع برنامج مثالي في اللياقة البدنية، أو التزام النظام الغذائي الأكثر رواجاً، لقد أصبحتُ في صحة جيدة فعلاً فقط عندما أدركتُ سر الصحة والسعادة: الحب الذاتي. وفي حالة اعتمادك خطة تغذية متوازنة، وبرنامج لياقة بدنية يتمحور حول جلب البهجة، فمن الطبيعي أن يتبع ذلك حياة صحية وسعيدة.

والآن دعوني أسألكم: ما وصفتكم السحرية لحياة صحية؟ أرغبُ معرفة رأيكم في الموضوع

– هذه المدونة مترجمة عن النسخة الكندية لـ"هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد