ألا يحق لهذا الشعب أن يعيش؟

هذا ما يجرى في حكم السيسي على الصعيد العسكري والمعاملة بين الحاكم والمحكوم القمع والقتل سيد أفعاله.

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/05 الساعة 04:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/05 الساعة 04:58 بتوقيت غرينتش

الدول العربية في ساحة ملعب الدماء سواء، فلم يعد يوجد أي فرق بين دولة وأخرى بين حاكم وآخر، فشعوب الأمة العربية تعاني الفساد والتشرد والقتل والحرمان والدمار، ولكن كل دولة بمجرم مختلف ومحرك واحد، فالمصريون يعانون من جميع أنواع العنف، كما عانى السوريون والعراقيون والفلسطينيون بسبب فساد حكامهم المتشبثين بعروشهم تاركين شعوبهم تدفع ثمن بقائهم وعمالتهم مع الغرب للبقاء على كرسي الحكم.

السيسي متفرداً بالانتخابات بعد اعتقال عنان وانسحاب خالد علي

حيث يكتنف الغموض مصير رئيس الأركان المصري الأسبق المرشح للانتخابات سامي عنان بينما أعلن خالد علي انسحابه من سباق الانتخابات وقدم السيسي أوراق ترشيحه لفترة رئاسية ثانية، وفي هذه الفترة كان توجد سلسلة من الاعتقالات ومن المعتقلين سامي عنان، ولم تستطِع أسرته التواصل معه منذ مثوله أمام النيابة العسكرية إثر اتهامه بالتحريض على القوات المسلحة ومخالفته القانون، إثر ترشحّه للانتخابات، وقال سمير نجل عنان بأن والده لم يتصل بالعائلة منذ احتجازه وإنهم لا يعلمون مكان وجوده، وقال محمود رفعت في تغريدة على "تويتر": إنه تم اختطاف عنان إلى جهة غير
معروفة وتم إخراج محاميه من غرفة التحقيقات واحتجازه لمدة ساعتين بغرفة أخرى، وبعدها أخبروه بأنه ذهب إلى المنزل بينما الحقيقة تم إخفاؤه.

وأضاف أنه تم اقتحام المنزل والعبث بممتلكاته وأخذ بعضها، وفي ذلك الوقت أعلن خالد علي انسحابه من الانتخابات وأعلن السيسي حملته الانتخابية، أجرى السيسي الفحص الطبي اللازم للترشّح والسيسي هو المرشح الوحيد الذي قام بهذا الإجراء على غير العادة.

يعتقد الكثير من متابعي الشأن المصري بأن وصول السيسي للحكم أصبح بنزاهة ورغبة الشعب والانتخابات الحرة الديمقراطية، معتقدين أن نسبة 51٫7% التي فاز بها مرشحهم مرسي على أحمد شفيق باعتباره انتصاراً لخط الإسلام السياسي، متجاهلين أن سبب تصويت نسبة كبيرة لمرسي كان خوفهم من عودة الحكم الأسبق، إن فاز أحمد شفيق، وأعقب هذا الفوز سلسلة من المشاكل والأزمات التي توّجت في يونيو/حزيران عام 2013.

حسب منظمة العفو الدولية، فإن ضباط وعناصر من الشرطة والأمن من مصر يعذبون المعتقلين السياسيين بشكل روتيني وبأساليب تشمل الضرب والصعق بالكهرباء والاغتصابات، وأضاف التقرير لم يترك الإفلات على التعذيب المنهجي أي حل للمواطنين بتحقيق العدالة، وحذر بأن التعذيب الممنهج من قِبَل قوات الأمن قد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية، وكانت قصة الدكتور الإيطالي جوليو ريجيني الذي كان يجري بحثاً حول النقابات العمالية ووفاته بعد اختفائه بأيام هي التي سلطت الضوء دولياً على ما يحدث في أماكن الاحتجاز في مصر.

وقال وزير الداخلية الإيطالي بعد تشريح الجثة بأن الطالب قد تعرض لعنف حيواني وليس إنسانياً، كما أصدر المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان تقريراً يقول:
أن استمرار أزمة الحبس الاحتياطي قد يزيد الاتهامات للأجهزة الأمنية بممارسة الاختفاء القسري بمعزل عن الضمانات القانونية، وطالب التقرير بتعزيز آلية العفو الرئاسية للإفراج عن الشباب الذين لم يتورطوا بأعمال عنف، وذلك لمد جسور الثقة مع الجيل الجديد.

تحدثت صحيفة الغارديان البريطانية عن ردة الفعل العنيفة والعشوائية التي انتهجها السيسي بحق الاعتداء الذي طال مسجداً في شمال سيناء والذي أدى لمقتل 300 مصلٍّ في صلاة الجمعة؛ حيث صرح السيسي عقب الهجوم وتوعد بالانتقام للشهداء وإعادة الأمن والاستقرار عن طريق استخدام القوة الغاشمة، مع العلم بأن مَن سبقه من الرؤساء اتبعوا التعامل مع خصومهم بالقوة وفشلوا، وأن خُطة السيسي لن تكون أفضل، وأشار تيسيدول إلى أن الردود العسكرية على الإرهاب تفاقم من سوء الوضع، واستخدام السيسي للعنف يؤدي لنتائج معاكسة وينتهى الأمر إلى مزيد من التصعيد الخارج عن السيطرة. وأضاف أن الحديث عن أن الغارات الجوية المصرية نجحت بالقضاء على بعض المواقع التي قامت بالهجوم على المسجد لم يكن مقنعاً، معتبراً أن الأمر ليس بهذه البساطة، فلو كان السيسي وجنرالاته يعرفون مواقع الإرهابيين لكانوا قصفوهم قبل الهجوم.

تثبت التجارب الطويلة أن المزيد من القتل والقمع والحكم الديكتاتوري ليس الدواء الشافي لما تعاني منه مصر، ولا أي ربيع عربي، وقد باتت مصر تحت حكم السيسي ثقباً أسود فيما يتعلق بحقوق الإنسان والحكم الديمقراطي، ومع ذلك تستمر الولايات المتحدة وبريطانيا بإغماض أعينهما عما يجري .

هذا ما يجرى في حكم السيسي على الصعيد العسكري والمعاملة بين الحاكم والمحكوم القمع والقتل سيد أفعاله.

من يتخلى عن شعبه عسكرياً ليس من الممكن له أن يسانده اقتصادياً، فالحاكم قبل الوصل إلى عرشه يعد بأنه سيكون الأفضل ويوصل لشعبه الأمن والاستقرار والحياة الكريمة، ولكن كل هذه الأمور تكون ملمعة للوصول إلى الحكم وكسب الأصوات الانتخابية فقط.

فبعد المعاناة التي شهدها البلد ذو المساحة الكبيرة وكثير السكان أربع سنوات متواصلة عاشت فيها البلاد حالة من الفوضى السياسية والانقلابات الأمنية وتوقف الإنتاج وزيادة المظاهرات والاعتقالات والاعتصامات والإضراب عن العمل منذ اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 التي أطاحت بنظام مبارك بعد ثلاثة عقود عانى فيها المصريون من ويلات الفقر والجهل والمرض.

لم يتم إنجاز الوعود التي وعد بها السيسي، خاصة فيما يتعلق بكبح جماح الأسعار التي زادت بمتوسط 23%، خاصة السلع الغذائية وبقيت معظم الدخول كما هي باستثناء فئات مميزة من المجتمع العاملين في القطاع الخاص وأصحاب الحرف البسيطة والأعمال الموسمية، وكل من لا يعمل بالحكومة أو قطاع الأعمال، فتراجع مستوى المعيشة بشكل عام وتراجعت الصادرات، وعدم وجود استثمارات عربية أو أجنبية، وتراجعت السياحة منذ اندلاع الثورة، وأبرز المعوقات هي الاضطرابات السياسية ووجود انقسامات في المجتمع يحول دون وجود المزيد من الاستثمارات وإعادة السياحة، إضافة إلى أن الرئيس ما زال يعمل مع نفس الفريق والأجهزة والقوانين التي كانت في عهد الرئيس مبارك؛ ما عرّض المواطن المصري إلى مزيد من الأزمات وغلاء بالأسعار وانقطاع الكهرباء وزيادة معدل البطالة بين الشباب.

اعتبر الباحث السياسي الألماني شيتيفان رول أن الرئيس المصري السيسي أدخل بلاده في طريق مسدود، وأوصلها لحالة من الانسداد السياسي ووقوفها على حافة الانهيار الاقتصادي.

إن فشل السيسي في إدارة مصر وعجزه عن تقديم أي إجابة بشأن كيفية الخروج من الأزمات التي أوجدتها سياسته الخاطئة يفتحان الباب مع انهيار اقتصادي، وتوالى السخط الشعبي أمام النخبة والجيش المصريين للضغط لاستبداله وإخراجه من المشهد.

أوروبا ترسل رسالة للمصريين بأن دعمها للسيسي ثابت ومستمر، وأنها لا تبالي بالانتهاكات الواسعة التي يرتكبها النظام المصري بحق مواطنيه.

إن دعم أوروبا وفرنسا للسيسي تحت غطاء مصالحها، فأوروبا تتطلع لعقد صفقات بمجال محطات الطاقة، والفرنسيون يسعون لبيع أسلحة وطائرات وسفن حربية، والبريطانيون أعينهم متوجهة إلى حقول النفط والغاز، والإيطاليون ينتظرون لاستثمار حول الغاز المصري.

مطامع شخصية لجنسيات أجنبية بغض النظر منهم لوصول مصر للأسوأ مع مساندة رئيس نظام الحكم الحالي السيسي.

إن كثيراً من الساسة الغربيين لا يفهمون موضوع أن النظام المصري بوضعه الحالي هو من ينتج الإرهاب، ويتحمل مسؤولية تزايده مستقبلاً من خلال قمعه الممنهج الذي طال حتى المعارضة المعتدلة، والتعذيب المروع في السجون المصرية، وغياب القواعد القانونية في المحاكمات.

هذا هو حال حكام العرب هذه الأيام؛ خذلان يتلوه خذلان، ومطامع ومصالح لإرضاء مناصبهم والبقاء على عروشهم، وكسب رضا داعميهم على حساب أمن وأمان شعوبهم وأراضيهم، ولكن الشعوب هي الأقوى والظلم الذي يتلقونه سيكون منبعاً لجمع قواهم والتحرك والالتفاف حول بعضهم البعض للقضاء على المتواطئين، وكسر شوكة المعتدين، فنحن أصحاب الأرض والعرض والحق.

كان ما قاله الحجاج بن يوسف الثقفي حين قال عن المصريين في وصيته لطارق بن عمرو، حين صنف العرب، فقال عن المصريين:

لو ولّاك أمير المؤمنين أمر مصر، فعليك بالعدل، فهم قتلة الظلمة، وهادمو الأمم، وما أتى عليهم قادم بخير إلا التقموه كما تلتقم الأم رضيعها، وما أتى عليهم قادم بشر إلا أكلوه كما تأكل النار أجف الحطب.

وهم أهل قوة وصبر وجلدة وحمل، ولا يغرنك صبرهم ولا تستضعف قوتهم، فهم إن قاموا لنصرة رجل ما تركوه إلا والتاج على رأسه، وإن قاموا على رجل ما تركوه إلا وقد قطعوا رأسه، فاتقِ غضبهم ولا تشعل ناراً لا يطفئها إلا خالقهم، فانتصر بهم، فهم خير أجناد الأرض وتقِ فيهم ثلاثاً:
نساءهم فلا تقربهن بسوء، وإلا أكلوك كما تأكل الأسود فرائسها، وأرضهم وإلا حاربتك صخور جبالهم، ودينهم وإلا أحرقوا عليك دنياك.
وهم صخرة في جبل كبرياء الله تتحطم عليها أحلام أعدائهم وأعداء الله.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد