لماذا يسرق الأطفال؟

والسرقة من أهم المشكلات التي قد تعاني منها الأمهات مع أطفالهن، خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة؛ إذ لها نصيب كبير من شكاياتهن، فيحدث كثيراً أن يعود الطفل من الحضانة وهو يحمل معه متعلقات ليست له مما يصيب الأمهات تحديداً بالذعر.

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/22 الساعة 02:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/22 الساعة 02:22 بتوقيت غرينتش

تُعرَّف السرقة على أنها أخذ ممتلكات شخص آخر دون إذنه، بقصد حرمانه منها، وانتفاع السارق بهذه الأشياء، وتملكها.

والسرقة من أهم المشكلات التي قد تعاني منها الأمهات مع أطفالهن، خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة؛ إذ لها نصيب كبير من شكاياتهن، فيحدث كثيراً أن يعود الطفل من الحضانة وهو يحمل معه متعلقات ليست له مما يصيب الأمهات تحديداً بالذعر.

كما قد يسرق الطفل الوالدين، وإن كان هذا يجعل الوالدين أقل ذعراً، غير مدركين أن اكتشاف حدوث السرقات من الوالدين يعني أن هذا من الممكن أن يحدث مع الآخرين.

بداية يجب أن نفهم أن سلوك الطفل في هذه المرحلة العمرية المبكرة بأخذ ما ليس له، والذي يشابه ظاهرياً سلوك السارقين من الكبار لا يعتبر سرقة حقيقية لأسباب عديدة، أهمها أن الطفل لا يفهم بالأساس المفاهيم المتعلقة بالملكية، وأهمها مفهوما الملكية الخاصة والملكية العامة، وكذا مفهوم ملكيته وملكية الآخرين.

كما أنه لا يقصد كثيراً بسلوكه حرمان الشخص من ملكه، وإنما تكون له دائماً دوافعه الخاصة للسرقة التي تميز سرقات الأطفال.

بعض سمات الطفل النفسية في مرحلة الطفولة المبكرة

يُعد دخول الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة بداية انفكاك اعتماده الكلي على الكبار، وبداية احتكاكه بالبيئات الخارجية المليئة بالغرباء.

في هذه المرحلة يدرك الطفل نفسه كشخص مستقل، ولكنه يكون من الناحية النفسية مركزاً حول نفسه، فليس لأقوال الآخرين أو أفعالهم أدنى أهمية لديه ما لم تكن مرتبطة بذاته أو مؤثرة عليه. كما أن الطفل في الطفولة المبكرة لا يميز بين الواقع والخيال.

وفي الطفولة المبكرة يتلقى الطفل أول دروسه الاجتماعية حول الأعراف والتقاليد، ويبدأ تكوين الضمير وتعريفه بالصواب والخطأ.

فما هي دوافع الأطفال التي تؤدي بهم إلى هذا السلوك السيئ؟

دوافع الأطفال للسرقة

لعل أهم دوافع الأطفال التي تؤدي بهم إلى السرقة هي:
– إشباع حاجة فسيولوجية مثل سرقة الطفل الطعام للأكل، وهو ما قد يحدث من جراء تفاوت المستويات الاقتصادية بينه وبين أقرانه، أو ضعف مستواه الاقتصادي بوجه عام؛ فتمركزه حول ذاته يجعله يبحث عن إشباع فوري لحاجاته الفسيولوجية، ولا ننسَ أنه حتى قريب كان يبكي لمجرد تأخر الطعام، ولا يتحكم نهائياً في إخراجه لفضلاته.

وكلما كبر الإنسان وصار أكثر نضجاً فهم أنه يجب عليه ضبط حاجاته الفسيولوجية، والصوم الذي يتدرب عليه الأطفال الأكبر سناً هو إحدى الطرق إلى ذلك.‏
– إشباع عاطفي؛ أحياناً يكون افتقاد الطفل للاهتمام والحب دافعاً للسرقة لافتقاده ما لدى غيره من الأطفال، ‏ومحاولته إسعاد نفسه بامتلاكه.

على سبيل المثال عندما يعطي خاله إلى ابنه هدية، بينما هو يفتقد مثل هذا الاهتمام من أبيه المنشغل عنه، تمثل له تلك الهدية رمزاً للحب والاهتمام اللذين يفتقدهما، فيحاول الحصول عليها.
– الغيرة: كما قد تكون الغيرة من امتلاك الغير لما يحب دافعاً للسرقة. وهنا يكون فهم الحالة النفسية للطفل دليلنا إلى التمييز بين الدافع في هذه الحالة وحالة الرغبة في الإشباع العاطفي، وتكون هناك صعوبة حقيقية في التمييز بين الحالتين.

– الانتقام: كما ‏قد يسرق الطفل للانتقام ودعم احترامه لذاته عندما يضربه طفل آخر مثلاً أو يتسبب له في العقاب.‏

– إشباع هواية: ويشيع هذا الدافع عند سرقة ألعاب الأطفال الآخرين، ويكون تركيز الطفل منصباً على الغرض الذي سرقه وليس على أي مشاعر، سواء كانت افتقاد حب أو غيرة أو انتقاماً.

أسباب قد تؤثر في تكوين دوافع السرقة لدى الطفل:

هناك أسباب عديدة قد تؤدي إلى نشأة تلك الدوافع للسرقة عند الأطفال، من أهمها عدم الاهتمام بالطفل، والمعاملة السيئة من الوالدين أو أحدهما، وأحياناً قد تكون المبالغة في الاهتمام والتدليل بإعطاء الطفل كل ما يحب بلا ضابط، هما المؤديين بالطفل لمحاولة الحصول على كل ما يرغب فيه وامتلاكه.

وينبغي أن نتفهم أن التفكك الأسري يفقد الطفل الأمان والطمأنينة، وقد يتسبب بالتالي في محاولته التعويضية للإشباع العاطفي التي تؤدي به للسرقة.

وقاية وعلاج الأطفال من السرقة

لعل أهم سؤال تسأله الأمهات دائماً: كيف نقي أبناءنا من اقتراف هذا السلوك؟ وكيف نضمن أن يفهم من فعله مرة أن هذا خطأ فلا يكرره؟ وأقدم هنا أهم وصفات العلاج التي يجب اتباعها كاملة.

– بناء المفاهيم المتعلقة بالأمانة والملكية في ذهن الطفل

معروف أن أفكارنا تحكم سلوكياتنا، هذا ينطبق على الصغار كما ينطبق على الكبار.

وأهم ما يجب أن نتأكد من تكوينه من مفاهيم في البنية المعرفية للطفل في مرحلة الطفولة المبكرة هو مفهوم الملكية بجناحيها العامة والخاصة، ومفهوم الأمانة.

ومن الأخطاء الشائعة أن يتصور الآباء أن مفهوم الملكية العامة يُكوَّن أولاً لدى الأطفال، وذلك من باب تحبيبهم في التعاون واللعب الجماعي، لكن عقلية الطفل ونفسيته تختلف تماماً عما للكبار، فهو لن يفهم من جملة "دي بتاعتنا كلنا"، إلا أن كل ما يحبه هو ملك له! وبالتالي يمكن أن تجده الأم قد أحضره معه من الحضانة أو من بيت صديقه!

والواجب أن يبدأ الوالدان والمعلمون بتوضيح مفهوم الملكية الخاصة، وبعد أن يعي الطفل ما له وما للغير يحدث التدرج إلى مفهوم المشاركة، كما يتم التوضيح له أن هناك أشياء تكون ملك الجميع أو ملك مجموعة من البشر، كالمنزل الذي تمتلكه العائلة، وتوجد به ثلاجة واحدة، ولكنها للجميع.

– توفير مناخ جيد في الأسرة والمدرسة
في حالات كثيرة تبدأ سرقات الأطفال بسرقة الوالدين، ثم تتوسع إلى السرقة خارج المنزل. وتكون بداية العلاج إضافة إلى تكوين المفاهيم هو خلق مناخ صحي لتنشئة الطفل.

إن إعطاء الطفل الحب والتقبل، والاهتمام الصحي به في المنزل والمدرسة؛ فلا إهمال ولا تدليل، وكذا إعطاؤه الحرية، وتجنيبه الخبرات المقلقة كقصص خطف الأطفال والجن والساحرة الشريرة ما أمكن يؤدي إلى شعوره بالأمان والاستقرار، والثقة في الكبار، والحرص على أن يحوز ثقتهم في المقابل وعدم اقتراف سلوك يهز هذه الثقة.

كما ينبغي أن نعي أن الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة يحتاج التعزيز بكافة أشكاله.
ربما أكثر من احتياجه له في أي مرحلة عمرية لاحقة، فهي بداية استشعاره الاستقلالية، لكن لا بد أن يكون ذلك بحذر حتى لا تسوء العواقب فيصبح مدللاً أو مغروراً، ولديه ثقة زائدة في نفسه لا تقابلها قدرات حقيقية.

ومثل هذا الفرد عندما يكبر قد تصدر عنه سلوكيات سيئة كثيرة ربما لا تكون السرقة أسوأها.

– الابتعاد عن العقاب البدني للأطفال عند السرقة
أوضحت أن سلوك السرقة لدى الطفل ليس سرقة حقيقية لعدم وضوح مفهوم الملكية لديه في هذه المرحلة العمرية، وبالتالي فإن استخدام العقاب البدني معه، بل وحتى أساليب العقاب التربوية الأخرى لا تكون ملائمة في حالات السرقة، خاصة سرقاته الأولى.

واستخدام العقاب لا يكون إلا بعد أن نتأكد أن الطفل قد أدرك مفهوم الملكية، ويعلم أن الشيء الذي أخذه ليس له ومع ذلك قد امتدت يده إليه.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد