حقيقة التليتبيز والمليارَي دولار

لا بد أن قارئ هذه التدوينة يعرف التليتبيز؛ لأنه البرنامج الأكثر شهرةً على مستوى العالم، فلقد بثّت حلقاته في أكثر من 120 دولة، وبأكثر من 45 لغة، وقد قدرت إحدى الصحف أن إجمالي أرباحه تعدّى المليار دولار، تشمل عوائد البث وبيع الألعاب والملابس والكتب والأقراص المدمجة والعروض الحية، وغيرها الكثير.

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/21 الساعة 02:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/21 الساعة 02:07 بتوقيت غرينتش

من منا لا يذكر شخصيات التليتبيز الأربعة ذات الرؤوس الكبيرة (تينكي وينكي، ديبسي، لالا، بو) والتي تعيش داخل قبة غريبة تقع في مكان مفروش بالعشب، ولا تفعل شيئاً إلا العناق وتكرار أسماء بعضها البعض بطريقة مملّة وساذجة.

لا بد أن قارئ هذه التدوينة يعرف التليتبيز؛ لأنه البرنامج الأكثر شهرةً على مستوى العالم، فلقد بثّت حلقاته في أكثر من 120 دولة، وبأكثر من 45 لغة، وقد قدرت إحدى الصحف أن إجمالي أرباحه تعدّى المليار دولار، تشمل عوائد البث وبيع الألعاب والملابس والكتب والأقراص المدمجة والعروض الحية، وغيرها الكثير.

لربما وجدناه -نحن الكبار- برنامجاً مللاً وسخيفاً، لكن في الواقع برنامج تليتبيز قد تم إنتاجه وإعداده من قِبَل مختصين وخبراء لاستهداف الأطفال من عمر 1 إلى 4 سنوات بطريقة يسهل عليهم فهمه واستيعابه، فمزيج الألوان الزاهية والديكورات الغريبة والأزياء والجمل البسيطة المكررة والكوميديا الساذجة قد تم اختيارها وتصميمها بعناية لأجل هذه الغاية.

يروي أحد منتجي البرنامج أن شكل الشخصيات الغريب مستوحى من شكل رواد الفضاء ببدلاتهم الضخمة ورؤوسهم الكبيرة عند هبوطهم على سطح القمر، وخروجهم من مركبتهم المعدنية؛ ليبدأوا بحذر وذهول باستكشاف العالم الجديد والغريب والمليء بالمفاجآت.

فتم بناء على ذلك تصميم شكل الشخصيات، لكن مع مراعاة جعلها تعكس ثقافات وأعراقاً مختلفة؛ حيث إن لكل منها لون بشرة مختلفاً، وطريقة مشي، وأسلوباً حركياً يعكس بطريقة ما ثقافة معينة بهدف زرع فكرة التنوع العرقي في ذهن الطفل.

لتصوير البرنامج تم اختيار مزرعة نائية في مدينة وركشير البريطانية، وتم تجهيز الموقع بتكلفة 200 ألف دولار، وبعد تجهيزه بالكامل قام كاتب العمل الرئيسي بالإقامة داخل القبة (بيت التليتبيز) لعدة أسابيع؛ ليتمكن من التأقلم في موقع العمل ودراسة إمكانيات المكان، وبناء على ذلك يقوم بكتابة سيناريو يتناسب مع هذه المعطيات.

ولاختيار الممثلين فقد قام المنتجون بمقابلة مئات المرشحين لانتقاء الشخصيات المناسبة لتمثيل الأدوار الأربعة الرئيسية، بحيث كان يطلب من الممثل أن يتصرف بطريقة تجذب انتباه الأطفال، وأن يقوم بإصدار الأصوات بطريقة مشابهة لطريقة الأطفال.

من الأمور العظيمة التي قام بها المنتجون هي الحرص على جعل الشخصيات حقيقية وقريبة من قلوب الأطفال، فيروي أحد المنتجين أن من التحديات التي واجهوها محاولة الصحفيين الدائمة لالتقاط صورة لأحد الممثلين أثناء ارتدائه للزي، فيقول المنتج: إن مثل هذه الصورة لو انتشرت ورآها الأطفال فإن ذلك سيؤثر على علاقة الطفل بشخصيات التليتبيز، وسيزعزع صورتهم في ذهنه؛ لذلك فقد تم بناء خيمة قرب موقع العمل مخصصة لارتداء وخلع زي الشخصيات الرئيسية بعيداً عن الكاميرات.

كذلك الأمر بالنسبة لبرنامج أطفال آخر وهو برنامج (حديقة المرح In the Night garden) والموجّه للأطفال من عمر 1 إلى 6 سنوات أيضاً، وبتكلفة تقارب العشرين مليون دولار أميركي.

قام المنتجون في هذا البرنامج أيضاً بالاستعانة بخبراء لمعرفة كيفية تفكير الطفل؛ لتتم صياغة القصص بطريقة بسيطة يمكنه استيعابها، وكذلك لاختيار موسيقى تصويرية مناسبة لعمره وأشكال شخصيات يفضّل رؤيتها.. حتى أسماء الشخصيات الأصلية في اللغة الإنكليزية فقد تم اختيارها بعناية بحيث يسهل على الطفل تذكرها ويمكنه نطقها بسهولة.

تبدأ كل حلقة بمشهد لطفل حقيقي يغفو شيئاً فشيئاً؛ ليظهر عندها إحدى الشخصيات على ظهر مركب متجه لحديقة المرح؛ لذلك فإن الهدف الرئيسي من البرنامج -بحسب منتجي العمل- هو تعليم الطفل الفرق بين الحلم والحقيقة، ولتقليل نشاط الطفل قُبيل وقت النوم، بحيث يشدهم بطريقة جميلة ويهيئهم للنوم بأحداثه البسيطة وموسيقاه الهادئة.

لهذا فإن القناة البريطانية CBeebies وقناة براعم قد اختارتا ساعة بث المسلسل بعناية؛ ليتمكن الطفل من مشاهدته قبيل موعد النوم مباشرة.

في نهاية كل حلقة تبدأ الشخصيات بالاستعداد للنوم، ويذهب كل منها لمكانه الخاص للنوم، وهذا ما حاول المنتجون تعليمه للطفل؛ حيث يقول أحدهم: (الطفل يكره النوم، فهو ليس لديه إحساس بمرور الوقت؛ لذلك فإنه قد يكون مستغرقاً باللعب وغافلاً عن الليل والنهار فيجد نفسه فجأة في غرفة مطفأة الإنارة ومجبراً على النوم، فحاولنا تعليم الطفل أن في نهاية اللعب والمغامرات جميع الشخصيات ستذهب للنوم، وكل شخصية عليها أن تذهب للنوم لوحدها في مكانها الخاص).

إذاً فالأطفال أيضاً لديهم حسّ فني ويميزون بين البرامج الموجهة لهم وبين تلك التي لم يراعَ بها ذوق الأطفال في تصمميها. لذلك على منتجي برامج الأطفال الاستفادة من هذه التجربة، ومن هذه البرامج الناجحة في محاولة تقديم برامج أطفال هادفة ومفيدة ومصممة خصّيصاً للأطفال.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات عربي بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد