من يروّج الفيديوهات والأخبار المفبركة للشعوب (السوشلجية)

حمله القضاء على تناقل الإشاعات، التي بدأت بعض الأصوات الواعية لإطلاقها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لهي جديرة بالاهتمام، وأتمنى ألا تمر مرور الكرام شأنها شأن أي مبادرة جيدة وتذوب كفقاعة على سطح الماء.

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/19 الساعة 01:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/19 الساعة 01:37 بتوقيت غرينتش

حمله القضاء على تناقل الإشاعات، التي بدأت بعض الأصوات الواعية لإطلاقها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لهي جديرة بالاهتمام، وأتمنى ألا تمر مرور الكرام شأنها شأن أي مبادرة جيدة وتذوب كفقاعة على سطح الماء.

إن أي أداة يمكن استخدامها بشكل مثمر أو مدمر، تحدد نظم القيم البشرية ما إذا كان الابتكار التقني يتقدم أو يضر برفاه الإنسان.

ولكن العواقب الأكثر خطورة لاستخدام التكنولوجيا غالباً ما تكون خفية تماماً، وأرجو أن لا أفهم من قبل القراء بأنني ضد استخدام وسائل التواصل اجتماعي، بل على العكس، إلا أن ما اخشاه هو فقداننا تلك الفضاءات التي ساهمنا بدون قصد على اختفائها بسبب اعتمادنا الكلي عليها وأدت إلى تعطيل الأنماط الاجتماعية والثقافية الثابتة، وهنا اختفت النقاشات الجادة والمشورة الحقيقة التي تنتج عن تضارب الآراء والأفكار أحياناً لي الوصول إلى الحقيقة، وتعطينا التحليل الواقعي لما يدور حولنا، سواء في تجمعات الأحياء أو المحادثات الجادة لزملاء العمل، وغيرها من الفضاءات.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك؛ بل تعداه إلى تبني الشعوب (السوشلجية) إلى انتشار الفيديوهات والأخبار المفبركة، وتنتشر خلال ثوانٍ معدودة كانتشار النار في الهشيم.

وفي سبيل مواجهة طوفان تدفق الأخبار "المفبركة" والقصص المضللة على "السوشيال ميديا"، قامت مختلف دول العالم بسن القوانين التي تحمي الناس من اختراق الخصوصية، أو نشر معلومات مضللة من شأنها زعزعة استقرارها وأحياناً عند أسوأ الحالات ترويج للأخبار المضللة والإشاعات بين مواطنيها.

ولكن يبقى الأهم كيف علينا أولًا كأفرادٍ أن نكون مفعمين بحس قوي لهدفٍ نبيلٍ في الحياة يضمن رقي الفرد والمجتمع معاً، يركّز على تطوير الفرد من جانبٍ وعلى دوره في تطوير المجتمع من جانبٍ آخرٍ.

هذان الجانبان من الهدف المزدوج هما بالأساس متلازمان وغير قابلين للانفصال.

فهل تتحدد معايير الأخلاق باختلاف المكان والزمان لدى نفس الشخص؟ وهل غياب الرادع المباشر يجعل من الإساءة للآخرين أمراً يمكن ارتكابه بكل سهولة، ومن دون أدنى إحساس بالمسؤولية؟!

وكيف ينقلب البعض إلى أشخاص آخرين بمجرد أن يصبحوا مؤثرين على شبكات التواصل؛ فيبيحون لأنفسهم التطاول، والسؤال الأهم: هل تردع القوانين الإلكترونية بتقليل هذه الظاهرة.

والتحدي اليوم هو كيف يمكن تسخير تكنولوجيا التواصل هذه في خدمة قضايانا؟ وكيف يمكن للناشطين على وسائل التواصل أن يعوا بعظم المسؤولية الملقاة على عاتقهم؟

فالموثرون إذا ما أرادوا أن يكونوا نموذجاً للتأثير في قرائهم أو مستمعيهم عليهم بأن يكونوا مؤمنين بمدى التأثير على عاتقهم، وكثيراً ما يسبب التناقض ما بين الأقوال والأفعال مصدراً للارتباك ما بين فئة الشباب، الذين يبحثون عن معايير يشكلون حياتهم على أساسها.

ولهذا فإن علينا هنا مسؤولية كبيرة في المساهمة في إصلاح المجتمع، وإثراء الحوار وليس اختزال قضايانا في جملة مؤثرة أو في عدد الإعجابات التي يحصدها هذا المؤثر.

إن هدفنا في الإصلاح يتطلب تغييراً كلياً في كيفية تنظيم أمور مجتمعاتنا بالطريقة الإيجابية وفي سلوك تصرفاتنا وسلوكياتنا كأفراد أيضاً.

فعندما لا تعرف مصدر المعلومة، ولا تعلم مدى صدقية الرسالة، وخاصة بالعادة تكون المصادر غير معروفة، فتقوم بنقل الخبر لثقتك في الشخص الذي نشر الخبر أو "البوست"، ومشكلة "السوشيال ميديا" أنها تنتشر بسرعة كبيرة جداً، وتأخذ مصداقية عالية على غير الحقيقة، وأحياناً تعيد نشر أخبار صحيحة، إلا أنها أرشيفية ومر عليها وكان يتم استحضارها لتصلح لمناسبة ما على أنها تقع في حالياً.

إضافة إلى حاجتنا للإجابة عن التساؤلات المطروحة أعلاه بشأن مسؤولية معيد النشر، ومدى مسؤولية مَن يقوم بالإعجاب للمحتوى أو إعادة نشره، فعلينا التريث هنا في التدقيق على الاقل من مصدر المعلومة، حتى لا تكون بقصد أو من غير قصد بأنك تروج للشائعات أو الأخبار المسيئة، فالسبق الصحفي ليس من مسؤولية المؤثرين وليست محاولة إلى انتزاع الاختصاص من وسائل الإعلام.

وهنا نحتاج لإعادة تعريف مفهوم المؤثر على هذه الشبكات الاجتماعية، الذي لا يعني وجود عدد كبير من المتابعين للشخص، ولكنه يعني التأثير الإيجابي الذي يحدثه في حياة الناس.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد