يوميات قارئة: فلسفة زوربا اليوناني

بعد اقتنائي للرواية وفي شارع مولاي إدريس الأول التقيت بأستاذي ربيع، رجل مهووس بشراء الكتب ويهمه أكثر أن يعثر على الطبعات الأولى، كلما وجد كتاباً كان يبحث عنه أرى سعادة في عينيه كأنه وجد تحفة أثرية أو التقى حبيبته التي انقطع الوصال بها منذ زمن، كان يتجول وسط المكتبة كأنه طفل وسط محل للألعاب.. وكنت أردد بداخلي: أي نوع من العشق هذا الذي يعشقه للكتب؟!

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/16 الساعة 10:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/16 الساعة 10:08 بتوقيت غرينتش

وسط مكتبات الحبوس بمدينة الدار البيضاء المغربية، وبعد ساعة من البحث عن هذه الرواية التي شدتني إليها قبل أن أقرأها، والتي طال بحثي عنها أكثر من أسبوعين في مكتبات هذه المدينة الكبيرة.

أخيراً ها هي رواية زوربا متربعة على أحد الرفوف وسط هذه المكتبة المتواضعة، والأهم من هذا أنها بترجمة الطرابيشي، الترجمة التي نصحني بها أستاذي الكاتب المغربي الذي لطالما افتقر الأدب المغربي لقلمه، والحمد لله أنه لم يبخل علينا بكتاباته ونصائحه.

هذا الكاتب الذي جعلني أنجذب لرواية زوربا اليوناني لكاتبها كازانيتزاكي وهو كاتبه المفضل.

زوربا الرجل الكهل الذي جال واستكشف العالم واحتك بأناس من كل الأطياف، الرجل الذي حل لغز المرأة، بمعنى آخر عرف من أين تؤكل كتف المرأة، لن أنكر أنه لم ترُقني طريقة تفكيره بالأنثى التي استخلصها في بضع كلمات عاطفية تدخل المرأة في حالة سكر فتنصاغ لكل رغباته وتنفذ طلباته، كأن سحراً أصابها.

ولن أنكر أيضاً أن فلسفة زوربا يجب أن تدرس لكل رجل متزوج أو مقبل على الزواج، فإن تشبع بهذه الفلسفة كسب زوجته وضمن سعادته الزوجية.

رواية تتكون من 391 صفحة، لكنها تسرد عليك تفاصيل "سوق نسا"، كانت هذه أول رواية أقرأها لكاتب غير مسلم، وبطل كافر بكل الديانات.

بعد اقتنائي للرواية وفي شارع مولاي إدريس الأول التقيت بأستاذي ربيع، رجل مهووس بشراء الكتب ويهمه أكثر أن يعثر على الطبعات الأولى، كلما وجد كتاباً كان يبحث عنه أرى سعادة في عينيه كأنه وجد تحفة أثرية أو التقى حبيبته التي انقطع الوصال بها منذ زمن، كان يتجول وسط المكتبة كأنه طفل وسط محل للألعاب.. وكنت أردد بداخلي: أي نوع من العشق هذا الذي يعشقه للكتب؟!

أهداني كتابه نبضات قلم وعليه توقيعه.. نبضات قلم شيء مثل نسمات الصباح لامس خلجات روحي بطريقة غريبة، وكأنه عبارة عن خواطر ومقتطفات من حياتي، لم يكن شيئاً غريباً عني كان يعبر عما يجول بخاطري ويترجم أحاسيسي، تلك التفاصيل الصغيرة التي لم يعلم بها أحد والأوجاع التي لم أشكُ منها والأحلام التي تحطمت، نبضات قلم نطقت بكل شيء دون أن تهمل أي جانب، ربما لأنها انبثقت من الحقيقة وليس من الخيال، لامست فيها مقولة خير جليس في الأنام كتاب، وجدت فيها الصديق الحقيقي الذي لم ولن يفارقني.

في ثالث أيام المعرض الدولي للكتاب، ذهبت لأخذ توقيع الكاتب والشاعر جهاد الترباني، وأقتني بعض الكتب، لكن للأسف المعرض كان مكتظاً بطريقة غريبة أصابتني بالاختناق، تأملت هذا الكم الهائل من الحضور وقلت في نفسي: لو أن كل شخص اشترى كتاباً واحداً لانتهت كل نسخ الكتب في ظرف ساعة، لكن للأسف أغلبية الحضور أتوا للفرجة.

وسط كل هذا زحام ألتقي بصديق فيسبوكي فإذا به يهديني رواية للكاتب الفلسطيني عبد الله البرغوثي، ومن يعرفني حق المعرفة هو من يعلم شدة حبي واهتمامي للقضية الفلسطينية وعشقي لهذا البلد.

غادرت المعرض بتوقيع العظماء المائة ورواية المهندسة ملاك الرحمة وبقلب مبتسم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد