في بلاد مزّقتها الحرب، واشتدت ويلاتها الاقتصادية والاجتماعية وقبلها الإنسانية، نتفاجأ بخبر صدم المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان العالمية، وهو إصدار حكم الإعدام غيابياً بحق المواطن اليمني حامد بن حيدرة بسبب معتقده الديني.
وتقول إحدى البهائيات في مقابلة لها مع قناة DW الألمانية: "لقد داهم الحوثيون منازلنا وصادروا ممتلكاتنا وروّعوا أطفالنا واعتقلونا وهددونا بالتصفية الجسدية".
ويعدّ الحكم على "بن حيدرة" تاريخياً في اليمن، فهي أوّل مرة، منذ توقيع الوحدة اليمنية عام 1990، ينطق فيها قاضٍ بحكم الإعدام في قضايا تخصّ حرية المعتقد؛ حيث تم احتجاز المواطن اليمني قبل 4 سنوات، وأُبقي في الاختفاء القسري تسعة أشهر، تعرّض خلالها للمعاملة السيئة والحبس الانفرادي لفترات طويلة سبّبت له إعاقة في الحركة، وفقداً للسمع، وحاجة ماسّة لأكثر من عملية لعلاج الإصابات والأمراض الناجمة عن التعذيب والصعق الكهربائي وحقن جسمه بمواد غير معروفة بقصد توقيعه على اعترافات لتهم ملفّقة يجهلها وهو معصوب العينين، إلى جانب حرمانه من التواصل مع محاميه خلال عملية التحقيق، والمماطلة غير المبرّرة والتأجيل المستمر لجلسات محاكمته، إلى أن انتهت بصدور حكم الإعدام تعزيراً بحقّه في الثاني من يناير/كانون الثاني 2018
إن الكفاح من أجل الحرية الدينية قائم منذ قرون، وقد أدى إلى كثير من الصراعات المفجعة.
وعلى الرغم من أن مثل هذه الصراعات ما زالت قائمة، فإنه يمكن القول بأننا قد شهدنا بعض التقدم؛ حيث تم الإقرار ببعض المبادئ المشتركة الخاصة بحرية الديانة أو المعتقد وتبنيها دولياً.
ويعاني البهائيون اليمنيون منذ سنوات من اضطهاد ممنهج، بسبب معتقدهم الديني لا غير؛ فقد تمّ احتجاز مئات المواطنين البهائيين بشكل تعسّفي بتهم زائفة ودون أدلّة دامغة في تجاهُل واضح للقانون الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والدينية للإنسان أينما كان.
وكما قال الكاتب المرموق إبراهيم الغرايبة في مقاله في جريدة الغد الأردنية: "هل يمكن محاسبة إنسان بسبب معتقداته وأفكاره الدينية أو السياسية أو الفلسفية، فلا يمكن إجبار إنسان على اعتقاد أو منعه منه؛ لأنها مسألة متعلقة بضمير الإنسان ووعيه، فالإنسان يفكر ويسأل ويبحث على نحو متواصل عن إجابات وأفكار، وهذا هو سرّ التقدم الإنساني".
وعودة إلى قضية حرية المعتقد وإزاء ما نرى من تعصّب راسخ وتفرقة قائمة على الدين أو العقيدة، فلا بد لنا أن نقر بالحاجة إلى عمل محكَم ومتماسك من قِبَل المجتمع الدولي لخلق مناخ يستطيع فيه الأفراد ذوو العقائد المختلفة أن يعيشوا، جنباً إلى جنب، حياة خالية من العنف والتفرقة العنصرية؛ لأن الحرية في تبنّي العقائد عن طريق الاختيار الشخصي للفرد وفي تبديل هذه العقائد هي من السمات المميزة للضمير الإنساني، وهو مما يعزز بحث الأفراد عن الحقيقة.
فما أحوجنا إلى تمسّك القانون الدولي بهذا الحق، الذي من شأنه أن يعزز مكانته في تأمين كرامة الكائنات البشرية.
إن ما يحزننا حقاً أن تتحوّل أرض اليمن السعيد إلى ساحة للاقتتال والسجن والتعذيب والتشريد في ظروف نرجو الله -تعالى- أن يقصّر أيامها رأفةً بعباده.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.