تتوعك صحياً، تصاب بمرض أو خلل في وظائف الأعضاء فتستشير طبيباً، تبدأ بممارسة رياضة، أو تحاول تعلم مهارة جديدة فتبحث عن مدرب يوجهك ويساعدك على إتقانها.
تقصر في تعلم الحساب أو الكيمياء فتبحث عن معلم يفسر لك ما استشكل عليك.
حتى الآن تبدو هذه الأحداث كمسلّمات منطقية طبيعية لا يختلف اثنان عليها، فالمرض يعالجه الطبيب، والمهارة الرياضية يصقلها التدريب، والجهل يمحوه التعليم.
ثم إذا ما انتقلنا من المرض والرياضة إلى الحياة بتشابكها السهل الممتنع، وإذا ما توعكت روحك، أو قيّد الخوف عقلك، أو احتجت لتطوير نفسك، أو تغيير مهنتك أو عاداتك أو قصرت في تحقيق أهدافك واستشكل عليك تأدية دورك في الحياة، تبرز الحاجة لمن يعالج التوعك، ويصقل المهارة، ويعيدك إلى المسار الذي يخدم أهدافك ويمنحك التوازن النفسي الذي تبحث عنه.
وهذه الحاجة خلقت تدريباً ومدربين لا يختلفون كثيراً عن أولئك المدربين في الصالات الرياضية والملاعب، غير أن اللعبة هاهنا هي الحياة، وهدف مدربي المهارات الحياتية Life Coaches يتلخص في تزويدك بالمعرفة وتعزيز ثقتك بنفسك وتحفيزك ومساعدتك لتعلم المهارات اللازمة لنجاحك.
وقد كانت البداية الفعلية لمفاهيم التدريب على مهارات الحياة في منتصف الثمانينات من خلال توماس ليونارد الذي كان يعمل مستشاراً مالياً وقد لاحظ أن أغلب من يطلبون استشارته في أمور مالية هم فعلياً بحاجة إلى النصح والإرشاد في حياتهم بشكل عام، والجانب المالي هو جزء من هذه الحياة.
ومن هنا كانت بدايته كمدرب مهارات حياتية حتى صار من رواد ومؤسسي هذا العلم.
وعلى اختلاف الأجناس والهويات والأماكن يتشابه الناس جميعاً في حاجتهم إلى النصح والإرشاد والدعم والتعلم من أجل التطور وتحقيق الأهداف والوصل إلى حالة من الاستقرار النفسي والمهني، وقد يصبح اللجوء إلى مدرب المهارات الحياتية الخيار الأمثل إذا كنت تمر بأي من هذه الحالات التالية:
• تحس أن لك دوراً أكبر وأهم، غير أنك عالق في روتين الحياة، تدور بلا هدف، أو تقف على مفترق طرق، ويصعب عليك الاختيار ولا تدري بأي اتجاه تسير!
• لديك رؤية ضبابية، أو لديك أهداف بلا خطة، أو خطة بلا تنفيذ ومتابعة، ويصعب عليك الالتزام بتنفيذ خطتك وتحديد أهدافك.
• تحتاج لاتخاذ قرارات حياتية مهمة، كاختيار تخصص جامعي، أو تغير مجالك الوظيفي أو البدء بمشروع مستقل.
• تريد سماع رأي محايد مستقل، يملك الخبرة والقدرة لإرشادك بناء على معطيات حالتك والظروف المتعلقة بك دون مجاملة أو تزييف.
• فقدت الحماس وبدأت بتأجيل الأمور المهمة، وتحتاج لمن يساعدك على تحفيز نفسك ومتابعتك وتشجيعك.
• يصعب عليك الشعور بالسعادة، أنت منشغل دائماً، وتكاد الضغوط تحتل حياتك.
• تستنزفك بعض العلاقات السلبية، أو يصعب عليك تكوين علاقات إيجابية، أو تحتاج لتطوير مهارات التعامل مع الآخرين.
ورغم أن فكرة التواصل مع مدرب مهارات حياتية قد تبدو للبعض جديدة وغريبة، وقد يتساءل الكثيرون عن الجدوى الفعلية لهذه اللقاءات، غير أن بعض الإحصائيات المتعلقة بالتدريب حسب الاتحاد الدولي للتدريب تشير إلى أن أكثر من 95% من المتدربين كانوا راضين عن نتائج التدريب، وأن الثقة بالنفس والإنتاجية الفردية زادت حسب تقدير المتدربين بما يفوق 70%.
وإن ما يجعل التدريب على المهارات الحياتية أكثر فاعلية من قراءة مقال أو استشارة صديق أنه يشمل الحصول على خبرة المدرب وعلمه ومبني على الاحتياجات الشخصية للمتدرب، بحيث يراعي نمط الشخصية والظروف المحيطة، والمدخلات والمخرجات الإنسانية والمجتمعية التي تلعب دوراً في بناء خطط التغيير والتطور.
ومن أهم المجالات الشخصية التي يستطيع مدرب المهارات الحياتية مساعدتك من خلالها:
• تحديد الأهداف والأولويات.
• التخلص أو الحد من العادات غير المرغوبة.
• تطوير مهارات التنظيم واستغلال الوقت.
• المرونة والتفكير خارج الصندوق.
• وضع الخطط والاستراتيجيات التي يمكن تطبيقها.
• تحمّل المسؤولية ومتابعة النتائج والتغذية الراجعة للتطوير.
• التحفيز والتعامل مع الضغوط.
• التوصل إلى التوازن بين العمل والحياة الشخصية.
• تحسين مهارات التواصل وبناء العلاقات الإنسانية.
• التحرر من المفاهيم السلبية وعوائق الماضي.
في نهاية الأمر التدريب ليس وصفة سحرية، وليس هناك طرق مختصرة، والمدرب لا يملك عصا موسى ولن يفلق خوفك لتعبره، ولا يمكن أن يمسح على قلبك فيبرأ من شتاته أو وجعه، ولن يمنحك الإجابات النموذجية على كل تلك الأسئلة التي تقلقك.
التدريب عملية تشاركية، والتغيير لا يحدث بكبسة زر، وقبل كل ولادة هناك مخاض، ومايكل جوردان، ومحمد علي كلاي وجميع الناجحين لم يستيقظوا ذات يوم ليجدوا أنفسهم على القمة، غير أن الوصول إليها كان يستحق المحاولة واستثمار الجهد والوقت، وقد حان الوقت لتصل إلى قمتك أنت.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.