غرامة 10000 دولار للتجسس على هاتف الزوج

إن من أكبر أسباب قتل الحب بين الزوجين هو سيطرة أحد الزوجين على الآخر، سواء أكان الدافع في هذه السيطرة الحماية أم الغيرة أم الشك أم الحب، فمهما كانت الدوافع فإن النتيجة واحدة، وهي قتل الحب بين الزوجين، وقد عشت قصصاً كثيرة للطلاق بين زوجين على الرغم من حبهما لبعضهما البعض، ولكن السبب الذي منعهما من الاستمرار كان حب السيطرة والتملك والتجسس، فهذا سلاح أشد من السلاح الكيماوي لتدمير العلاقة الزوجية.

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/01 الساعة 07:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/01 الساعة 07:45 بتوقيت غرينتش

امرأة سويسرية اطلعت على رسائل زوجها الغرامية مع نساء أخريات، فعلم زوجها بذلك، فقدم ضدها شكوى؛ لأنها خرقت خصوصيته بتجسسها على هاتفه، فقضت المحكمة ضدها بغرامة 10000 دولار بسبب فتح هاتف زوجها من غير إذنه، واطلاعها على رسائله الخاصة بصفة متكررة، وقامت بتحميل وتصوير الرسائل التي رأتها، وقد تم تخفيض الغرامة النهائية إلى 1600 دولار فقط.

لو طبقنا هذا القانون في بلادنا، فكم امرأة تتوقعون ستدفع هذه الغرامة لزوجها بسبب تجسسها على هاتفه؟

لكل فرد ممتلكاته الخاصة، ولا يحق لأي طرف أن يعتدي على ممتلكات الآخر إلا بإذنه، والإسلام احترم الخصوصية وحرم التجسس؛ لأن كل إنسان يمر بلحظة ضعف قد يرتكب فيها خطأ، فعندما نتجسس عليه ونطلع على أسراره وعيوبه ثم نحكم عليه؛ فيكون حكمنا عليه خطأ، فالأصل أن نوازن بين إيجابيات الإنسان وسلبياته ثم نحكم عليه.

فاحترام حرية كل طرف للآخر وممتلكاته من أساسيات الزواج الناجح، ولهذا الإسلام احترم الملكية الفردية والفكرية لكل زوج؛ فلا يحق لأحد الزوجين أن يصادر ممتلكات الآخر، سواء أكانت مالية أم أدبية وفكرية، فالحرية بين الزوجين تعني أن يسمح كل طرف للآخر أن يكون مختلفاً، ومن الخطأ أن يلزم الزوج زوجته بشخصيته وذوقه وسلوكه، فالقيم في الزواج ليست بالضرورة أن تكون متساوية حتى يكون الزواج ناجحاً، فلو كانت متساوية فهذا حلم أو أمنية كبيرة، ولكن الأصل أن لا تكون متساوية، وتكون العلاقة بين الطرفين مبنية على التفاهم والاحترام وحسن المعاملة، ولا نتصور أن يكون أحد الزوجين نسخة طبق الأصل من الآخر.

إن من أكبر أسباب قتل الحب بين الزوجين هو سيطرة أحد الزوجين على الآخر، سواء أكان الدافع في هذه السيطرة الحماية أم الغيرة أم الشك أم الحب، فمهما كانت الدوافع فإن النتيجة واحدة، وهي قتل الحب بين الزوجين، وقد عشت قصصاً كثيرة للطلاق بين زوجين على الرغم من حبهما لبعضهما البعض، ولكن السبب الذي منعهما من الاستمرار كان حب السيطرة والتملك والتجسس، فهذا سلاح أشد من السلاح الكيماوي لتدمير العلاقة الزوجية.

فنحن لا نشجع العلاقة العاطفية التي تكون خارج إطار الزواج، ولكن في نفس الوقت لا يصح أن نعالج الخطأ بخطأ أكبر منه، فكم من زوجة خسرت زوجها وزواجها بسبب تجسسها على هاتفه، وأذكر أن امرأة دخلت عليّ المكتب يوماً تبكي، فقلت لها: لماذا تبكين؟ قالت: من كثرة تجسسي على هاتف زوجي صار عندي (وسواس التجسس)، فحتى لو كان زوجي صادقاً صرت مستمرة في التجسس عليه حتى تحول التجسس عندي إلى مرض.

فسلامة الزواج بسلامة العلاقة واحترام الخصوصية، وإن كان أحد الزوجين مخطئاً، فإن الله يحاسبه، لو اعتمد الزوجان هذا المبدأ، فإن زواجهما سيستقر، وهذا المبدأ يريح كلا الزوجين؛ لأن الأصل أن نحكم على الإنسان بالظاهر ولا نتجسس عليه لنطلع على أسراره؛ لأن التجسس يهدم العلاقة الزوجية، وقد نهى النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- أن يدخل الزوج بيته عند عودته من السفر ليلاً حتى لا تظن زوجته أنه يتخونها أو يشك بها، حماية للعلاقة الزوجية، فقال عليه الصلاة والسلام: "إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلاً"، وفي رواية "نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً يتخونهم أو يلتمس عثراتهم"، فهذا الحديث النبوي لو عملنا به لحفظ بيوتنا من الانهيار التجسسي، فقد حارب النبي عليه الصلاة والسلام الظن في التجسس، فكيف بالتجسس نفسه؟

– تم نشر هذه التدوينة في موقع صحيفة اليوم

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد