تأمُّلات في دين الله

فمع كل عصرٍ ثمة من يُمدُّ له في الحياة، وإن عَلِمتَ أن المدى الزمني ما بين الراشدين وبين ابن تيمية هو (عام)، وما بين ابن حزم وعصرنا هذا هو (عام)، فهذا يعني، أن ثمة أملاً كبيراً في أن تتبوأ أنت أيضاً ذات الامتداد العمري هذا

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/27 الساعة 02:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/27 الساعة 02:24 بتوقيت غرينتش

تأملتُ (مد الحياة)، في الذين سبقونا رحمهم الله جلّ جلاله، فالسيرة العطرة التي يعيشها هؤلاء من رجال ونساء، ما زالت عطرة، نابضة بالحياة، فهم ما زالوا يعيشون فيما بيننا، وأضحت أسماؤهم تُعَنونُ بها جامعاتنا، وأجنحة مستشفياتنا، ومشاريعنا على تنوعها، حياة أضحوا يعيشونها وهم (ميتون)، فلو قارنا الصِّيت الذي كانوا يحظون به زمن حياتهم مع صِيتهم في زمننا هذا، وفق معادلة النسبة والتناسب، لقلنا إنهم (أحياء اليوم) و(أموات بالأمس)، فمن هؤلاء، من غير الأنبياء والرسل؟ فمن هؤلاء من مثل خلفائنا الراشدين، والتابعين، وابن تيمية، وابن القيم، والفاتح، وابن حزم؟

فمع كل عصرٍ ثمة من يُمدُّ له في الحياة، وإن عَلِمتَ أن المدى الزمني ما بين الراشدين وبين ابن تيمية هو (عقود من الاعوام)، وما بين ابن حزم وعصرنا هذا هو (عقود من الاعوام)، فهذا يعني، أن ثمة أملاً كبيراً في أن تتبوأ أنت أيضاً ذات الامتداد العمري هذا، واعلم أخيراً أن فتح رومية التي بَشَّر بها نبينا الكريم لم يحِن بعد، ويبدو أنه بعيد زمنياً، ما يعني أن فرصة امتداد العُمُر كبيرة جداً بالنسبة اليك، فهلا تقدمت خطوة، لِتُخَلِّد ذكراك في الآذان عطراً؟

تأملتُ.. لماذا وفد من الملائكة، ألا يكفي أن يكون ملاكاً واحداً؟ في (إِذ دَخَلوا عَلَيهِ فَقالوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَومٌ مُنكَرونَ)، وما عسى كل ملاك منهم أن يقول ضمن تلك المهمة (قالَ فَما خَطبُكُم أَيُّهَا المُرسَلونَ * قالوا إِنّا أُرسِلنا إِلى قَومٍ مُجرِمينَ * لِنُرسِلَ عَلَيهِم حِجارَةً مِن طينٍ * مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلمُسرِفينَ)، إذاً فهو وفد متكامل من الملائكة لإنجاز مهمة محددة، وكلّ منهم معنيّ بمجال، فعسى أن يكون لإبراهيم (عليه السلام) تساؤل؛ ليجيب عليه الملاك المختص، ثم إنه نموذج لـ(حوار) فيما بين الله وخليفته على الأرض عبر وفد كهذا، فهو يضعه بالصورة حيال قراره الذي اتخذ، (حوار) لأنه متضمن للأخذ والرد (يُجادِلُنا في قَومِ لوطٍ)، (يا إِبراهيمُ أَعرِض عَن هذا إِنَّهُ قَد جاءَ أَمرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُم آتيهِم عَذابٌ غَيرُ مَردودٍ)، إذاً القرار كان بشأن اقتلاع وجود قومٍ بأكملهم عن كوكب الأرض؛ لذا كان وفداً بأكمله من الملائكة، وثمة وقفة حيال الأسلحة المستخدمة، فلم تكن بعظم ما خلق الله من كون، فهو من خلق الشموس بما تحمله من (تفاعلات ذرية)، غير أنه اختار حجارة من طين ليس أكثر، ما يشير لبساطة ما يمكن اعتماده من أسلحة في مقاومة الأعداء بالرغم مما توصلوا إليه من (تكنولوجيا متطورة)، بشرط الإيمان الصادق بما في يد الله، لا بما في يد البشر، فبادِر لاستكمال مهمة أبينا إبراهيم، خليفة على الأرض، بحجارتك عبر مجالك المعرفي وخبرة حتى وإن كانت محدودة الأبعاد.

تأملتُ (الجماعية)، في الإسلام كدين، فمع الحج والصلاة كنمطين للعبادة، أحدهما مرة في العمر، والآخر خمس مرات في اليوم، ما يشكل علاقة فيما بين ثلاثة عناصر: (الزمن، العبادة، الجماعية)، والأمر يمتد نحو الأمر بالمعروف ففي (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهلِكَ القُرى بِظُلمٍ وَأَهلُها مُصلِحونَ)، إنما يهلكها إن كان أهلها مفسدين بالكفر والظلم والمعاصي، ومفهوم الجماعية ليس محصوراً في الدنيا فحسب، وإنما عبر عنصر الزمن الذي يمتد نحو الآخرة حيث نجده في (وَسيقَ الَّذينَ كَفَروا إِلى جَهَنَّمَ زُمَرً) وكذلك (وَسيقَ الَّذينَ اتَّقَوا رَبَّهُم إِلَى الجَنَّةِ زُمَراً)، فالجماعية، تعزيزٌ لنبذ الانعزال عن المجتمع في كافة شؤونه، الاجتماعية والاقتصادية، والتربوية، وحتى السياسية، فأنت عود ضمن رزمة، فلا تقُل (وما شأني أنا؟)، وهكذا يتم البناء والاستعمار للأرض، فلكل مسمار فيما شُيّد عبر هيكل، دور رئيس في إقامته، وأي خلل فيه سيؤثر في باقي أجزاء الهيكل، فالزَم غرسك تَحيَا الأُمة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد