1- إلى كل المتفائلين الحالمين المحلقين بأجنحتهم فوق غيوم الدنيا: لا تقرأ.. جدياً لا تقرأ حتى لا تفقد النعمة التى تملكها.
2- إلى مدمني التنمية البشرية ومدمني قياس نسبة الماء في الكوب: لا تقرأ.. وامضِ لما أنت ماضٍ فيه.
3- إلى أى إنسان كان إنجازه في الدنيا أنه وصل إليها قبلي، فبذلك كان لزاماً عليّ احترامه والإنصات إليه (أنت تحديداً): لا تقرأ.
قُدر لي أن أكون بين إخوتي أصغرهم، وبين أصدقائي أصغرهم، وبين زملائي في العمل أصغرهم، حتى حينما شاركت في العمل التطوعي وجدتني الأصغر.
"25 يوليو/تموز 1991 " تلك هي تُهمتي (عاهتي) التي لازمتني، ظلي الذي يتتبعني كلما حاولت التملص منه، حتى وجدتني ودون أن أدري صدقتها.. آمنت أنها عيب وعار لا بد من دفنه بداخلي حتى لا يعلمه الناس… أصبحت أضيف على عمري عاماً أو عامين حتى لا أشعر أنني صغير في عيون الناس، فأنا يا صديقي من بلدة الشيخ، الشيخ ثم الشيخ وإن كان ضريراً عاجزاً أصم، فالسن هو الأولى وهو الأعلى والأهم.
يعايرونني بتهم لو تدبروها لوجدوها تعايرهم هم، يتهكمون بأنني لم أحضر أيام العز وينسون أنها وإن كانت موجودة، فهم من أضاعوها ولم يحافظوا عليها، لم أعرف المليم والقرش ولم يحاسبوا أنفسهم على كل ما ضاع وتبدل أمام أعينهم وهم عاجزون خاضعون فاقدو الحول والقوة، يتهمونني أنني السبب فيما وصلنا له، غافلين أن ما نعيشه الآن هو مستقبلهم الذي فشلوا في التخطيط له فانتهى الحال إلى مزيد من القحط والذل، وحينما حاولنا تغييره -مجرد محاولة- كانوا هم الرافضين.
إلى كل هؤلاء الجبناء، إلى كل العجزة عجزة الفكر والقلب، دعوكم منا، حبات عقدكم قد انفرطت ولم يتبقَّ فيها الكثير، فانشغلوا بأنفسكم عنا، واتركوا لنا ما تبقى، لا تكرروا ما حدث معكم، إن كان في قلب أحدكم بعض من الفطنة، فتدبروا، تدبروا قبل أن تنطقوا.
احتكرتم الفكر والعقل والرجاحة والكياسة والشهامة حتى الشكوى، فنحن في أعينكم صغار على الشكاء والبكاء، نحن أطفال لم نعرف الحياة بعد حتى نشتكي، صدقتم… كيف لنا أن نشتكي أو نعرف الهم والحزن ونحن نعيش وسط تلك الحياة الرغدة؟! تلك الحياة السابحة وسط أعالي النجوم، وسط ذلك الكم من الحب الذي يتدفق علينا من ألسنتكم في كل ليلة.
الحاضر غائب، والمستقبل حُرم علينا التفكير فيه أو حتى مجرد المرور عليه بحلم عابر، فأيا هؤلاء العقلاء الحكماء الفقهاء العلماء، أيا مَن تعرفون كل شيء في كل شيء، أيا من تملكون مفاتيح الدنيا وآخرتها، أيا مَن ترسمون الحلم وتختارون ألواناً تشبهكم، أتعلمون أمراً لم تكونوا تعلمونه؟! هل أنبئكم بمفاجأة تشيب ما تبقى من سواد في مراياكم.. نحن لم نعد صغاراً.
أعلم جيداً أنكم عشتم حياتكم كلها صامتين راضخين راضين بكل الأوضاع التى مورست معكم، وُلدتم على الطاعة، وفُطمتم عليها، أدرك أسباب رفضكم لنا، وأتفهم وصفكم لنا بالمتمردين الخارجين عن المألوف، ولكنكم غفلتم عن أن هذا مألوفكم أنتم، أنتم من غيّرتم القاعدة واتخذتم الشاذ منها أساساً والآن تطالبوننا بأن نطبقه مثلكم.
وضعتمونا في آلة (مدرسة) نحفظ فيها ما يلقى إلينا (جامعة) لاستكمال دائرة التلقين (عمل) لا نحبه ولم نختَره ننشغل فيه ليل نهار فننسى كل شيء، نظل نقاوم ونقاوم حتى ننجو بما تبقى من حياتنا. نقاوم لنتزوج، ونقاوم لنربي أولادنا، ونقاوم لنعلمهم في محيط اتسخ بقاذوراتكم ونفاياكم.
من الواجب أن أعترف -في بعض الأحيان- بهزيمتي، أن أعترف بانتصاركم، انشغلت بمواجهة الحياة حتى مللتها.. زهدت العيش فيها، زهدت العيش معكم وبكم، أنتم تخططون للغد، وأنا أنتظر الرحيل، أنتم ترسمون المستقبل، وأنا أنتظر الرحيل، أنتم منشغلون بما هو قادم، وأنا أنتظر الرحيل…
تدبّروا وتأمّلوا وتفكروا… مَن منا أصبح كبيراً ومَن عاد صغيراً؟!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.