لا يعرف كثير من المصريين أو العرب شيئاً يكاد يذكر عن حقوق الإنسان، أو إن ثقافة المواطن المصري والعربي عامة لم تصل بعد إلى تلك النقطة التي حرص الحكام المستبدون على مر السنوات على إخفائها والتعمية عليها؛ حتى لا يطالب أبناء شعوبهم بما هو واجب على الدولة أن تؤديه نحوهم من حقوقهم الإنسانية التي كفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ حيث إنه وثيقة تاريخية مهمة في تاريخ حقوق الإنسان صاغه ممثلون من مختلف الخلفيات القانونية والثقافية من جميع أنحاء العالم،.
واعتمدته الجمعية العامة، وهو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في باريس في 10 ديسمبر/ كانون الأول 1948 بموجب القرار 217000، بوصفه المعيار المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم، وهو يحدد وللمرة الأولى حقوق الإنسان الأساسية التي يتعين حمايتها عالمياً، وترجمت تلك الحقوق إلى 500 لغة من لغات العالم.
ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
وقد جاء في ديباجته أنه لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم.
ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني، وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة.
ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان؛ لكي لا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم، فإن الجمعية العامة تنادي بهذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على أنه المستوى المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم؛ حتى يسعد كل فرد وهيئة في المجتمع.
و قد جاء عدد مواده لتصل إلى ثلاثين مادة كلها حافظت في نسقها العام على الحفاظ على الحقوق والحريات لكل الأفراد بدون تمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي السياسى، وغير السياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد.
و سوف أورد هنا بعض المواد للذكر لا للحصر؛ لكى يعرف المصريون خاصة والشعوب العربية عامة حقوقهم التي طالما انتهكت وضاعت من قِبل طغمة فاسدة.
ففي المادة رقم 3 منه ينص على أنه لكلِّ فرد الحقُّ في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه.
المادة 5:
لا يجوز إخضاعُ أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطَّة بالكرامة.
المادة 9:
لا يجوز اعتقالُ أيِّ إنسان أو حجزُه أو نفيُه تعسُّفاً.
المادة 14:
لكلِّ فرد حقُّ التماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتُّع به خلاصاً من الاضطهاد.
المادة 19:
لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود.
ومن خلال هذا الاستعراض الموجز والبسيط تظهر لنا الصورة جلية واضحة فهذه هي الحقوق التي يجب أن تعمل الدول على توفيرها لمواطنيها، وأي إخلال بمادة من هذه المواد يعتبر إخلالاً بهذه الحقوق الإنسانية التي كفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتوضح لنا أيضاً أن الإنسان إذا ما تعرض لانتهاك في حق من حقوقه، مثل أن يحرم من التعبير عن رأيه أو التعذيب أو الاضطهاد فيحق له أن يلجأ إلى القضاء في الحد الأدنى إلى أن يترك بلده، ويتجه إلى بلد آخر لطلب الحماية الإنسانية، وللحفاظ على حياته من الخطر الذي قد يصيبه أو أن يلحق به.
وبضدها تعرف الأشياء ففي إيطاليا مثلاً يقر قانون المرور على أصحاب المركبات أن يقدموا العلاج إذا ما صدموا قطة أو كلباً بطريق الخطأ، وفي سبيل ذلك يحق لهم إطلاق نفير سياراتهم بحيث يصل بالحيوان الذي صدمه صاحب السيارة إلى مكان تلقي العلاج بأقصى سرعة ممكنة حفاظاً على أرواح تلك الحيوانات.
وفي ألمانيا القطط والكلاب جزء لا يتجزأ من طبيعة المجتمع، فهي تحتل المركز الأول في أحاديث الألمان، بينما يتدنى الحديث عن الأطفال إلى المرتبة الثانية وتنتشر في ألمانيا دور لرعاية القطط والكلاب والحيوانات الأليفة، وتكاد لا تخلو مدينة من إحدى هذه الدور.
وتتوافر هناك مآوٍ جيدة للحيوانات التي مات أصحابها، أو تلك الضالة، وتسمح دور الرعاية لكلّ من يجد حيواناً ضالاً بجلبه إليها، وتدخل بيانات هوية لكلّ منها توضح فيه اسم الحيوان وعمره وتاريخ دخوله إلى الدار، وبما أنّها تشكل مآوي مؤقتة للحيوانات، تعمد دور الرعاية إلى الإعلان، بين وقت وآخر، عن قطط صغيرة أو كلاب، موجودة لديها، عبر برامج التلفزيون العائلية؛ كي تسمح لأسر بتبنيها.
أيضاً للحيوان في أوروبا حرية التنقل مع صاحبه، ويشترط القانون أن يكون لهذا الحيوان جواز سفر تدوّن به كل المعلومات الخاصة به من حيث عمره واللقاحات التي أخذها والطبيب البيطري الذي يتابع معه.
وأخيراً يتضح لنا جلياً الفرق الواضح والكبير ما بين معاملة الإنسان المصري والعربي في حصوله على حقوقه، وما بين حقوق الحيوانات في أوروبا، ويكاد يكون الأمل الآن معقوداً أن يدرك أصحاب السلطة في عالمنا العربي المنكوب أن شعوبهم تتطلع إلى الخارج، وأن الناس قد أصبحت تعرف حقوقها التي انتزعت منها، خاصة بعد ربيع عربي رفع مستوى الوعي والإدراك للجميع، فلا يصح بعد الآن أن تعيش الناس في بلادنا العربيه في وضع تصبح فيه أقل من حيوانات أوروبا.
فتوفر لهم الدولة الخدمات الأساسية من تعليم جيد ورعاية صحية وجو من الحريات بعيداً عن الإرهاب الذي تمارسه ضدهم وتحفظ حرية التنقل وتؤمن حياة كبار السن بحصولهم على معاشات تقيهم الحاجة، ومر السؤال إلى آخره من حقوق وإلا فليعلنوها لنا أننا لسنا دولاً بالمعنى المتعارف عليه أو أننا مجموعة من القبائل تاهت في مجرى الزمن.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.