ما لم نجده في الجامعات

بغض النظر عن الوقت، المدة أو السن، كل ما يحدث في حياتنا يشكل درساً لنا، المواقف التي نمر بها ، تجرحنا، تعلمنا النهوض بنفس أقوى مما كنا عليه قبل، كل حزن يظهر في أعيننا على هدف فشلنا في الوصول إليه تعلمنا كيف نتداركه

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/15 الساعة 04:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/15 الساعة 04:04 بتوقيت غرينتش

أكبر خطأ يرتكبه الأشخاص، ظنهم أنهم اكتسبوا دروساً كافية عبر مراحلهم التعليمية في المدارس والجامعات، مرحلة يكون فيها الشخص محدود الأفكار، كل تركيزه على النتائج العلمية وحسب: "فيروس التحصيل العلمي والشهادات الكبرى".

تمضي الأيام، تنتهي المرحلة التعليمية لتبدأ حياة ما بعد الدراسة: البحث عن الهوية، عمل قار، علاقة مستقرة مع شخص نحبه، مسؤوليات تختلف كل الاختلاف عما تم تلقينه لنا في الكتب الأكاديمية، نتخبط بين أزمات وأغلاط، مصاعب ومتاعب " دروس الحياة"، هنا تتولد المعركة الفكرية. أي كيف لدرس الأعداد العقدية الذي لطالما حصلت فيه على نقاط ممتازة أن يحل لك معادلة من هذا النوع وهذا الكم من التعقيد؟

معركة التجربة، شر لا مفر منه…

يجب ألا نراهن على أن الحياة تشبه الطريق الملتف بكل ما فيها من مواقف وتجارب، معترك قابل لكل شيء، قيمتها ومعناها لا يكتملان إلا إذا وجدنا فيها شيئاً نناضل من أجله.

"إذا لم يجد الإنسان شيئاً في الحياة يموت من أجله، فإنّه أغلب الظن لن يجد شيئاً يعيش من أجله". تشي جيفارا

بغض النظر عن الوقت، المدة أو السن، كل ما يحدث في حياتنا يشكل درساً لنا، المواقف التي نمر بها ، تجرحنا، تعلمنا النهوض بنفس أقوى مما كنا عليه قبل، كل حزن يظهر في أعيننا على هدف فشلنا في الوصول إليه تعلمنا كيف نتداركه، كل تعثر في حياتنا نستفيد منه تجربة، هذه التجارب التي نمر بها تكون لنا خبرة في الحياة، فالأشخاص الذين يمرون بمشاكل كثيرة بحياتهم تتكون لديهم خبرة مصقولة بتحول أفكارهم النظرية إلى أخرى عملية وذلك بالاحتكاك مع الواقع، مما يسهم في "تعزيز الحكمة".

الحياة عالم واسع ونحن من نطوف بها…

"يتحقق كثير من الأشياء المهمة في هذا العالم لمن أصروا على المحاولة بالرغم من عدم وجود أمل" ديل كارنيغي.

من غير المعقول أن نتحكم في نمط حياتنا بنسبة مائة بالمائة ومن المستحيل أيضاً أن تستمر سعيدة للأبد أو تعيسة للأبد؛ لأنها وببساطة ليست مرسومة كما نحب ونريد، ولأن الشخص مسيّر غير مخير، فنحن خاضعون لمزيج من الظروف المضطربة. حقيقة أن هناك تجارب تكاد تهدم الشخص، ولكن رغم قساوتها فإنها تعلمنا كيفية التعامل مع من حولنا، وأن نكون حذرين، فالمطلوب إذن، التكيف، والتعامل بالحكمة والروية، ألا نقلق من أول فشل نمر به، فيجب أن ندرك جيداً أن الحياة صعبة لا تستحق المزيد من الضغوط، بل تحتاج لبذل الكثير لمواصلة السير بها بنجاح، والنجاح رحلة وليس محطة للوصول، كما يقول "بين سويتلاند"، فكم هو جميل أن تكون خير محفز لنفسك لا محطماً لها، فليس من المنطق أن نظل نبكي على اللبن المسكوب طيلة حياتنا، بل لنقم ولنبدأ بالمحاولة من جديد.

لا تنحنِ، قل نعم للتغيير.

في كتابه الشهير "Don't sweat the small stuff and it's all small stuff" تحدث الكاتب الأميركي ريتشارد كارلسون في مقالات قصيرة عن أفكار تتضمن في محتواها حلولاً لتغيير تعامل الأشخاص مع مختلف تعثرات الحياة وكذا التدريب على استراتيجيات تجربة الحياة من دون إحباط.
من جهة أخرى، يرى كارلسون أنه بمجرد تخفيض الضغط الواقع على الشخص وإحساسه بأنه أقل انهماكاً، يتجدد سحر حياته؛ حيث يستطيع أن يرى ويتحسس الجمال في مختلف الصعوبات التي يمر بها، وهو الذي غالباً ما يكون غير مرئي أو محاطاً بالغيوم عندما يكون الشخص مكبلاً تماماً بالضغوط، أو تحت سيطرة الظروف. ومن بين أهم النقاط التي تطرق لها كارلسون في كتابه نذكر:

-عدم القلق بشأن الأمور:الكثيرون يستنفدون قدراً ضخماً من طاقتهم في القلق بشأن الأمور، حتى إنهم يبتعدون عن سحر وجمال الحياة.
-التعايش مع عدم الكمال:تذكير النفس برفق أن الحياة على ما يرام كما هي الآن، وبمجرد أن نبدأ بالتخلص من حاجتنا للكمال في مختلف مجالات حياتنا، سنبدأ باكتشاف الكمال في الحياة ذاتها.

-اختيار المعارك بحكمة: الحياة مليئة بالفرص للاختيار بين تضخيم شيء صغير أو تركه يمر ببساطة، بإدراك أنه لا يهم حقيقة.
-التمتع بالصبر: يتوقف قدر ما نملك من صبر بدرجة كبيرة على الأهداف المراد تحقيقها، ومن إصرارنا على أن تكون تماماً كما نريدها أن تكون.
-الاستمرار في تحقيق الأهداف: السعي لتحقيق النجاح يجعلنا ننجح فى نهاية المطاف مهما طالت المدة.
-عدم الإحباط من كثرة الفشل: المرور بتجارب فاشلة هو دليل قوة لا دليل ضعف كما نعتقد. وبعد خوض عدد من التجارب الفاشلة لا بد أننا سندرك كم هو ضئيل كم المعلومات التي لدينا مقارنة بما يمكن للحياة أن تمنحنا من تجارب.

يقول الشيخ إِبراهيم أبو اليقظان:

إِن الحياةَ كجنةٍ قد أقفلَتْ *** مفتاحَها الأوصابُ والأنصابُ
من يجتهدْ يبلغْ ومن يصبرْ يصلْ *** وينلْه بعد بلوغِه الترحابُ
أما الكسولُ أو الملولُ فحظهُّ *** الآسادُ في غاباتها وذئابُ

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد