قد لا يكون الدافع الرئيسي لكتابة هذا المقال حول اللاعب المصري العالمي محمد صلاح، هو كوني تدرجت في فرق الناشئين بأحد أفضل الأندية الأردنية، أو بسبب عشقي الرياضة وممارستي مختلف أنواع الرياضة؛ مثل كرة القدم وتنس الطاولة والتنس الأرضي والجري، ومشاركتي في بعض المنافسات الجامعية ذات العلاقة.
إنما الدافع الرئيسي، هو تلك الحالة التي شكَّلها اللاعب المصري، المحترف في أحد أعرق الأندية الإنكليزية (نادي ليفربول)؛ بسبب جدِّه واجتهاده داخل الملعب من جهة، إضافة إلى رقي تعامله مع المعجبين، ما يعكس حسن التربية والنشأة التي نشأ عليها من جهة أخرى.
وتحتوي مسيرة محمد صلاح الكروية على إضاءات مهمة، ابتداء من احترافه مع نادي بازل السويسري، ومروراً بتجربة احترافه في أعرق الأندية الإيطالية كنادي فيورنتينا ونادي روما، ووصولاً إلى احترافه مع نادي ليفربول صاحب التاريخ الطويل عبر صفقة قياسية، وتسجيل اسمه في تاريخ هذا النادي خلال فترة وجيزة بواسطة إنجازاته، سواء داخل ملعب ليفربول "الأنفيلد" أو في ملاعب الأندية الأخرى.
هذا إضافةً إلى مساهمته كذلك في صعود المنتخب المصري إلى نهائيات كأس العالم بروسيا، وحالة الفرح، المبالغ فيها على كل حال، التي عمت أرجاء مصر خصوصاً، والعالم العربي عموماً. وفوزه مؤخراً بلقب أفضل لاعب في إفريقيا، إضافة إلى منافسته على لقب هداف الدوري الإنكليزي مع الهداف التاريخي للدوري الإنكليزي، لاعب فريق توتنهام، هاري كين.
ويعكس سلوك محمد صلاح السوي، سواء داخل الملعب أو خارجه، صورة نحتاجها كثيراً في عالمنا العربي والاسلامي، خصوصاً في الدول الغربية؛ إذ يتعين مخاطبة الآخرين بلغة حضارية يفهمونها وبأدوات يفهمونها بواسطة العلوم، والفنون المتحضرة والرياضة، وأهمها كرة القدم. وكم ساهم اللاعبون في التعريف ببلدانهم التي كانت مغمورة أصلاً ولا يعرف العالم عنها إلا القليل، أو في تحسين صورتها.
وما استوقفني في "ظاهرة" صلاح، هو قيامه بالسجود بعد كل هدف شكراً لله على تلك النعمة. وأين؟ في بريطانيا، التي عانت ما عانت في الأعوام الأخيرة وفقدت كثيراً من الأرواح كما نعلم. ودفعت تلك السجدة كثيراً من عشاق نادي ليفربول في بريطانيا وحول العالم إلى التساؤل والبحث عن سر ذلك.
ويعلم صلاح أن سجود الشكر إنما يرفع درجاته أكثر وأكثر؛ ولذلك تجده يحافظ عليه بعد كل هدف. ويعلم يقيناً -إن لم أكن مخطئاً- أن حكمة إلهية اختارته للعب هذا الدور من أجل المساهمة -ما أمكن- في تحسين صورة العربي والمسلم في العالم الغربي.
وينطبق ذلك على كل عربي ومسلم يبدع في الغرب في شتى الحقول والعلوم وفي مختلف التخصصات، ما يساهم في البناء الحضاري والإنساني.
إن حالة صلاح تستحق أن يُحتذى بها، ولا أبالغ إن قلت: أن تتم دراستها بشكل وافٍ من أجل استخلاص العِبر والدروس، ما يمكِّن الأجيال الناشئة من فهم أدوات العصر الجديدة، وضرورة مخاطبة الآخرين بلغة جديدة يفهمونها وبواسطة علوم أو مهارات يقدِّرونها، مما يشمل الأدب والعلوم المختلفة والفنون الراقية والرياضة بمختلف أنواعها.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.