سبحان الذي جعل الحنان والأمومة غريزةً في البنت، سبحان الذي ألبسها ثوب الاهتمام بالآخرين من صغرها، كأنه يُريبيها منذ نعومة أظفارها لتحمل عبء التربية وعبء تكوين البيت والأسرة؛ لأنها ستكون أحد أهم الأعمدة التي يبنى عليها البيت.
ولنا عبرة في المثل القائل (الأم تلم)، أي أن الأم هي التي تحوي زوجها وأولادها.
فهي سكن لزوجها وأمن ودفء لأولادها، لكن مع هذه الغريزة الجميلة هناك أمور لا نعلمها ولا نعرف كيف نبدأها؟ لأن الإنسان لم يولد وهو يعرف كل شيء، بل يكسب ما يعرفه عن طريق التعلم من محيطه الخارجي عبر التعامل واكتساب الخبرات، ومن خلال تجاربه في مختلف مراحل حياته.
فتبدأ الأنثى التي أصبحت أماً وهي التي لا تعرف شيئاً عن كيفية التعامل مع الأطفال، تبدأ بالقراءة أو سماع قصص النساء مع أطفالهن وطرق التعامل والتربية واستقدام ذكريات تعامل والدتها معها؛ لتبدأ المرحلة الأولى، وهي العناية بالرضيع التي هي من أصعب ما يكون؛ لأن الطفل الرضيع لا يملك التواصل إلا عن طريق البكاء إن كان جائعاً، متسخاً، يريد النوم، يشكي مرضاً، يشعر بالحرارة أو يشعر البرودة. حتى تأتي على الأم لحظات لا تعرف لماذا يبكي صغيرها وهي تشعر بالتعب والقلق والإرهاق، فتستسلم بالبكاء بجوار طفلها إلى أن ينام أو يسكت.
هنا تبدأ مرحلة التفكير مراراً وتكراراً هل ما أفعله صحيح؟ هل تربيتي صحيحة؟ هل يجب أن أسمع كلام الناس؟ هل كل الأطفال سواسية؟ هل كنتُ مصيبةً في قرار الحصول على طفل؟ حيث إنه عبارة عن مخلوق وكيان يعتمد عليك اعتماداً كلياً بضحكته، بكائه، لعبه، شقاوته، مرضه وصحته.
هل ستكونين قوية دائماً؟ هل تستطيعين حل كل المشاكل التي تواجهك معه؟ هل سيكون طفلاً سليماً معافى؟ أم سيكون مريضاً متعباً؟ كيف ستكون حياته معي ومن بعدي؟ هل سيحبني؟
حيث سيكون كل قرار تتخذينه قراراً صعباً متعباً سواء أكان صحيحاً أم خاطئاً، لن تعرفي ذلك إلا بعد مرور فترة من الزمن، حتى طريقة تعاملك بين أطفالك ستختلف؛ لأن كل طفل له حالة خاصة به، له شخصية منفردة عن بقية الأطفال.
ما أجمل أن تكون الأمومة والحنان غريزة في الأم، والأهم من كل هذا أن تتبعي قلبكِ في تعاملكِ مع صغيرك، ولا بأس بسماع بعض القصص والنصائح، ومن خلال هذه الأمور تستطيعين عمل تجربتك الخاصة.
لا يوجد مانع من قراءة الكتب حول الأطفال أو الاستماع إلى نصائح الأقارب والأصحاب.
ولكن تذكري بأن هذه تجربتكِ الشخصية ولن تكون مشابهة لتجربة غيركِ أبداً؛ لأنك تختلفين عن كل الأمهات، وطفلك يختلف عن باقي الأولاد، فأحبّي تلك التجربة بحلوها ومرها، واسمعي ما يقول لكِ قلبكِ، وأتبعيه بدعوات خالصة لله تعالى؛ ليحفظ صغيرك ويهد سبل النجاح.
لا أخفيكِ سراً مع ولادتي لابني الرابع، في بداية ولادته حين كنت وحيدة معه خِفتُ كثيراً كأنه أول طفل لي، ولا أزال خائفة من بقائي معه، ولكنها تجربة تستحق المغامرة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.