لا شك أن أسواق المال في العالم بشكل عام، وفي العالم العربي بشكل خاص، تمثل انعكاساً لقطاعات اقتصادية وتجارية ومالية هامة على مستوى الإقليم، وعلى مستوى العالم، ما يبرز الحاجة إلى حماية المتعاملين داخل السوق، خصوصاً صغار المستثمرين منهم، من أية ممارسات غير قانونية من شأنها أن تضر بمصالحهم كالتداول من الداخل، والغش والخداع والاحتيال، والتلاعب في السوق المالية، والتقصير من قِبَل بعض سماسرة السوق المالية الذين يقومون في بعض الحالات بتزويد المستثمرين بمعلومات مضللة، أو لا يقومون في حالات أخرى بتزويد المستثمرين بمعلومات وافية حول السوق والشركات العاملة فيها وأوجه الاستثمار الفضلى، والذين قد يكون همهم الأوحد في كلتا الحالتين تحقيق الربح حتى على حساب الإضرار بالمستثمرين الآخرين والإضرار بسمعة السوق المالية كذلك، ما قد يؤثر على الاقتصاد الوطني لاحقاً والاقتصاد العالمي برمته.
وكل ما سبق من أسباب وجيهة يبرز الحاجة إلى قوانين أسواق رأس المال، خصوصاً في العالم العربي، والحاجة إلى تطبيقها عملياً، ما يضمن حماية المتداولين "المتعاملين" داخل السوق، سواء كانوا من المواطنين أو من المستثمرين الأجانب.
ويكون ذلك من خلال أدوات تشريعية متنوعة، كتشريعات عادية (قوانين) خاصة بتنظيم سوق رأس المال، أو تشريعات ثانوية كاللوائح التنفيذية التي تقوم بتفصيل كافة الجزئيات والتفصيلات ذات العلاقة بالقانون الموضوعي، ونقصد هنا قانون سوق رأس المال، إضافة إلى قوانين أخرى ذات علاقة، كقانون الشركات التجارية.
ومن ذلك مثلاً قانون سوق رأس المال العماني لعام 1998 وتعديلاته، واللائحة التنفيذية الصادرة عن الهيئة العامة لسوق المال لعام 2009، فضلاً عن لائحة تنظيم المقاصة والتسوية التي تم اعتمادها بعد تحويل مهام المقاصة والتسوية من سوق مسقط للأوراق المالية إلى شركة مسقط للمقاصة والإيداع، إضافة إلى قانون الشركات التجارية العماني لعام 1974 وتعديلاته.
ومعلوم بالضرورة أن الشركات التي يمكنها طرح أسهمها للاكتتاب العام من قِبَل الجمهور، وفقاً لقانون الشركات العماني سالف الذكر، إنما هي الشركات المساهمة العامة التي يجب عليها أن تلتزم بالأسس والمعايير والواجبات المنصوص عليها قانوناً، وأهمها قيام الشركة التي ترغب بطرح أسهمها للاكتتاب العام بإصدار نشرة إصدار خاصة بالاكتتاب وفق المتطلبات القانونية لسوق مسقط للأوراق المالية قبل نشر الإعلان الخاص بالاكتتاب في الصحف اليومية ولمرتين متتاليتين، شريطة أن يتضمن إعلان الاكتتاب كافة المعلومات ذات العلاقة، مثل اسم الشركة ومركز عملها الرئيسي وغاياتها ومدتها، وتاريخ القرار المرخص بتأسيس الشركة، ورأسمال الشركة وعدد الأسهم وقيمتها الاسمية، وأسماء الشركاء المؤسسين وجنسياتهم وعنوان وجنسية كل منهم وعدد الأسهم المكتتب بها من قِبَلهم، كون أن المؤسسين وفقاً لغالبية القوانين ذات العلاقة يتعين عليهم أن يكتتبوا بنسب معينة من رأسمال الشركة قبل طرح الباقي للاكتتاب العام، منها القانون الأردني والقانون العماني الذي ينص على ضرورة قيام الشركاء المؤسسين بالاكتتاب بما لا يقل عن 30%، وبما لا يتجاوز 60% من العدد الإجمالي للأسهم المطروحة للاكتتاب.
ويجب أن يتضمن إعلان الاكتتاب أيضاً عدد الأسهم المطروحة للاكتتاب وقيمتها الاسمية وكيفية تسديدها ومصاريف الإصدار، والمصارف التي يجري الاكتتاب بها.
ومن نافلة القول، تفرض التشريعات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي شروطاً صارمة على وسطاء "سماسرة" السوق المالية حمايةً للمستثمرين، ومن ذلك التوجيه الصادر عن البرلمان الأوروبي ومجلس أوروبا في عام 2004 ويُعنى بتنظيم الخدمات الاستثمارية والمالية داخل دول الاتحاد حماية للمستثمرين، خصوصاً صغار المستثمرين منهم، سواء كانوا أفراداً أم شركات، فيما يتعلق بالخدمات الاستثمارية والمالية المقدمة من قِبَلهم لهؤلاء المستثمرين، ما يشمل خدمات السوق المالية.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.