إلى متى منهاجنا التعليمي منهاج تلقيني ببغائي؟ إلى متى يدرس طلابنا بالكتب الثقيلة والمقررات القديمة واستنساخ كلي للكتب الدراسية الفرنسية وكأن فرنسا صارت قدوة في التعليم تفوق ألمانيا أميركا واليابان؟
عذراً عشاق فرنسا ومناهجها فذلك البلد الضعيف جداً تكنولوجياً والفقير علمياً والمعتمد كلياً على كفاءات المهاجرين والهاربين من لا قانون بلدانهم لا يستحق أن يكون قدوة علمية البتة.
تطور العالم وصار التعليم رقمياً، صارت الكتب رقمية، تغير الحال من لغة المستعمر للغة العلم والتكنولوجيا "الإنكليزية" في حين ما زالت الجزائر تلهث وراء "الفرنسية"، وما زال الشعب يظن أن مَن يتقن الفرنسية متحضر ومتقدم، ما زال الوزراء يخجلون من لغتهم الأم العربية ويتحدثون بغيرها.
يروى أنه في عز رقي الحضارة الأندلسية كان الإفرنج يخلطون حديثهم بلغة العرب حتى يقال عنهم إنهم متعلمون ومتقدمون.
واليوم يحدث العكس لا لسبب سوى لكوننا اخترعنا الصفر وقبعنا فيه.
وزيرة أخلطت اللغة وشوهتها تشويهاً في كل مرة تحدثت بها إلا وكانت المجازر في حق لغة القرآن، اشتكى التلاميذ الصغار من ثِقَلِ المحفظة فحَذَفَت البسملة من الكتب تخفيفاً عنهم.
لم يخطر على بالها تقديم كتب رقمية ولوحات إلكترونية تعوض الكتب التي شرب عليها الدهر وأكل.
لم أعد أفهم شيئاً في هذا البلد فهل يريدون له أن يبلغ مقاماً عالياً ويرتفع درجات أم أن يهبط لأسفل سافلين وينزل دركات؟
هكذا هو التطور في بلدي وهكذا مخطط عمل الحكومات الترقيعي فالوجوه التي رأيناها منذ عقدين من الزمن، وأظهرت فشلها التام في تحسين حال المواطن وازدهار الوطن، ما زالت في مناصبها باقية خالدة والخلود لله، فكل من عليها فان، لكن الرداءة بوطني غير فانية بل باقية قائمة.
منذ الاستقلال لم نقدم شيئاً للبشرية كبلد ولا لأنفسنا كذلك، نحن شعب مستهلك وحكومة أكلت الأخضر واليابس بغياب الحلول ونجاعة التسيير، وكما قلت في بداية المقال وعذراً على التكرار، لكن التكرار جيد يعلم أي كائن كان، ما زالوا يجرون وراء فرنسا وكأنهم يسألونها العودة، لماذا أردت الخروج نحن (هم يعني المسؤولين وليس الشعب)، لم نرد لك ذلك، لقد أخطأنا الظن، أنت من عليك إنقاذنا، لا نستطيع العيش دون لغتك ولا منهاجك ولا سياستك، وكل قانون نضعه ننقله عنك، وكل شيء ترمينه نأخذه منك.
عذراً يا وطني مات الشهيد وقاتل المجاهد؛ ليرتع فيك الخونة وهواة العبودية المستعبدون الذين يلهثون وراء لعق الأيدي والأرجل.
عذراً على الكلمات القاسية، لكنني لست "شياتا" ولا ابناً عاصاً وعاصية، بل ابن مسلم ومسلمة مؤمن ومؤمنة بأن هذا الوطن إن سكتنا فيه عن الذل والضيم سيصبح أمراً عادياً وسنرضى به عاجلاً أم آجلاً.
أعلم أن بداية المقال ليست كنهايته، فبدأته بالمنهاج التعليمي وختمت منتقداً التسيير الحكومي والتبعية لفرنسا.
لكن كلا الأمرين سيان، فالتعليم تضعه الحكومة، والحكومة تأتي من الشعب، فإن أقروا منهاجاً دراسياً قوياً ستجد حكومة قوية، والعكس صحيح؛ لذلك فهي معادلة تكاملية.
والكلمة الأخيرة تبقى لك أخي القارئ، أختي القارئة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.