البحث عن المصلحة ما بين الشرع والحياة

لا يوجد في الحياة الدنيا مصلحة خالصة أو تامة، فالكمال للخالق وحده، وهو ما يجعل الصالحين في تطلع دائم لبذل الكثير من الوقت والجهد في أعمال الخير.

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/07 الساعة 07:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/07 الساعة 07:00 بتوقيت غرينتش

هل أنت تبحث عن مصلحتك؟ نعم أنا أفعل، يجب أن تكون تلك إجابتك بلا أي تردد، فالدين قد شُرع لإقامة مصالح الدارين ودفع المفاسد؛ لذلك كانت العناية بالمصالح والحرص عليها هي السبيل للسعادة والبعد عن الشقاء.

المصلحة والمفسدة

المصلحة هي لذة أو فرحة تصيب الإنسان أو ما قد يُسببهما، أما المفسدة فهي ألم أو غم أو ما قد يُسببهما.

المصالح في الدين
منها ما هو مجزوم به، وهو ما جاء به نص أو دليل شرعي، ومنها المظنون وهو ما اجتهد وتوصل إليه من قِبل العلماء، ومنها ما هو موهوم على خلاف النص أو الدليل.

الوسيلة والمصلحة

الأصل في الوسيلة أنها أداة للوصول إلى الشيء، وهي تتعلق بالمآل أو المقصد، فلو كان المقصد غير نافع فيجب عدم استخدام الوسيلة المؤدية إلى الهدف، والعكس صحيح؛ لذلك فلا تُفضل الوسائل بذاتها، ولكن بما يترتب عليها من مقاصد وأهداف.

أنواع المصالح
قد تكون مصالح جليّة ويعرفها العموم من الناس، أو مصالح خفية لا يدركُها سوى أهل العلم، أما النوع الثالث والأخير فهو ما يُعنى بالأمور التعبُّدية التي لا يظهر منها المصلحة، وقد أُخفيت علتُها لحكمة معينة، أما تقسيم المصالح من حيث التحصيل، فالمصالح والمفاسد قد تكون عاجلة وآجلة سواء لباذلها أو قابلها كُل بحسب موقعه.

أنواع الإحسان

تتلخص في كون الإنسان مُحسناً لنفسه بألا يظلمها وبحرصه على فعل الخيرات بقدر طاقته، ونوع ثانٍ وهو الإحسان للغير من البشر كالمعاملات الطبية ومد يد العون لمن يحتاج، والنوع الأخير من الإحسان وهو إحسان الفرد للعبادات وفعل كل ما يُقربه لربه من طاعات.

ترتيب الأولويات

يجب أن تُراعى المصالح من حيث الأهمية والعموم، فالمصلحة العامة تُغلب على المصلحة الشخصية في غالب الأوقات، كما أن المصالح تتفاوت من فاضل لأفضل، كما تتفاوت المفاسد من قبيح لأقبح، وفي حال عدم قدرة الإنسان على التفضيل يجب على الشخص القيام باستشارة وسؤال أهل العلم وخاصته، ثم بعد ذلك يلجأ إلى الاستخارة في كل شيء.

على الجانب الآخر توجد بعض المصالح الضرورية كالفروض، أو الحاجية كالنوافل المؤكدة، والنوع الأخير المصالح التكميلية كفعل المندوبات، ويجب التنويه بأن كلما عظُم الأمر من الخالق لشيء ما عظُمته منفعته وكلما عظُم النهي لشيء ما عظُمت مفاسده.

درء المفاسد
القاعدة تقول إن "درء المفاسد مُقدم على جلب المنافع"، ويمكن تفسيرها بأن المفسدة في حال وقوعها قد تثُبت وتنمو ولا يمكن إزالتها؛ لذلك يجب سد ذريعتها من البداية.

العمل والمصلحة
لا يُعظم العمل بمقداره بل يُعظم ويُقدر بمقدار مصلحته ووجود دليل أو نص خاص به، فالورع في بعض الأشياء والزيادة قد تكون ضارة وغير نافعة، وهو ما يؤدي بدوره لظهور طوائف أكثر تشدُداً وأقل فهماً للدين وللأحكام، فالمشقة يجب أن تكون في حدود المعقول، وألا يتكلف الإنسان ما لا يستطيع حتى يُمكنه القيام بما هو أولى بشكل صحيح ومستمر.

أعمال الخير
قد يكون الغرض من إظهار العمل والإفشاء به هو الرياء أو الاقتداء والمسلك الأخير يُقصد به تحفيز الغير على الأعمال الصالحة؛ لذلك كلما كان عمل الخير في الخفاء كان الثواب أعظم وأكبر.

الكمال في الأمور
لا يوجد في الحياة الدنيا مصلحة خالصة أو تامة، فالكمال للخالق وحده، وهو ما يجعل الصالحين في تطلع دائم لبذل الكثير من الوقت والجهد في أعمال الخير.

فى الختام.. لأن الأوقات تشُح عن فعل جميع الطاعات، فيُقدم في المصالح أعلاها رتبة في حال الفروض، وأدناها في حال الأمور الدنيوية، بدون تفريط أو إفراط.

المصدر: من تعليق الأستاذ الدكتور عبد العزيز العويد على كتاب مختصر الفوائد في أحكام المقاصد لسلطان العلماء العز بن عبد السلام بمسجد الحناكي بمحافظة الرس بالسعودية.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد