تجربتي في الإسقاط النجمي

أما أنا اليوم، فأصبحت أؤمن بأسطورة الإسقاط النجمي؛ وبأن قدراتي ليس لها حدود، يمكنني تحقيق أحلامي حتماً، وذلك الجسد الإشعاعي ليس بإمكانه الخروج من جسدي الفيزيائي، عليه أن يبقى بالداخل ليحثَّني على العمل والنجاح

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/06 الساعة 03:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/06 الساعة 03:58 بتوقيت غرينتش

ما زلت أذكر تلك الليلة التي تحدثت فيها مع صديق عن ماهية الإسقاط النجمي، ذلك المصطلح الذي كنا قد شاهدناه في إحدى الصفحات المخصصة لقصص الرعب القصيرة، وبدأنا بالفعل نبحث عن ماهيته وعن حقيقة وجوده، تلك الليلة التي غيَّرت حياتي بشكل كامل؛ بشكل يصعب تصديقه.

الإسقاط النجمي، هو مصطلح غريب عن الشخص العادي أو بالأحرى غير متداول، وهو عمليةٌ تَعتمد في أساسها على فرضيّة أنّ للإنسان جسماً ثانياً مكوّناً من إشعاع، ويتمثّل الإسقاط النّجمي بانفصال الجسد الإشعاعي عن الجسد الفيزيائي وخروجه منه، ويمكن أن يحدث هذا من خلال ظروفٍ وحالات معيّنة منها أنْ يكون الإنسان ما بين الغفوة والوعي، وعند انفصال الجسد الإشعاعي عن الجسد الفيزيائي فإنّه لا يَبتعد عنه بصورةٍ كاملة في أثناء النوم؛ حيثُ إنّه يبقى حوله مرتبطاً به بالحبل الفضّي، ويستطيع الجسد الإشعاعي أن يتحرّك ويذهب إلى كُلّ المَناطق وفي الاتجاهات جميعها، وتكون له القدرة على أن يَرى جميع الأشياء المُحيطة به، ولا يستطيع أحدٌ رؤيته.

لم يكن لدي أدنى مشكلة بهذا التفسير العلمي أو المنطقي لما يمسى الإسقاط النجمي؛ لكن السؤال يبقى هنا: كيف يقوم الإنسان بعمل الإسقاط النجمي؟

وكان ذلك قد جعلني أتطرق إلى بحث آخر عن كيفية الإسقاط النجمي، وكيف يمكن لي أن أجعل جسدي الإشعاعي ينفصل عن جسدي الفيزيائي ويسافر إلى مكان آخر؛ يذهب إلى كل مكان حول هذا العالم؛ إلى لندن التي لطالما حلمت بزيارتها، وإلى بريطانيا التي حلمت بأن أعمل بها في مجال الهندسة المعمارية؛ كنت أريد أن يسافر الإشعاع إلى سور الصين العظيم الذي لطالما كنت أشاهد صوره عبر الإنترنت وأحلم بأن أسافر إليه؛ حتى أرى ذلك السور الذي بناه أحد حكام أسرة تشين (شي هوانغ) ليحمي مملكته من هجمات المغول والترك؛ ذلك التاريخ الذي كثيراً ما قرأت فيه وكنت أؤمن بأن العمارة هي التي حددت كل تلك المشاهد التي قاموا بكتابتها في سطور التاريخ؛ أحلم بأن أسافر لكل تلك الأماكن وأشاهد التاريخ والعمارة معاً بصورة حية وواقعية!

بحثت مطولاً في تلك الليلة عن حقيقة الإسقاط النجمي، ووجدت الآراء تنفصل لقسمين؛ فقسم يصدق الإسقاط النجمي وقسم يدحض كل تلك التفسيرات ولا يصدق بوجوده.

أما أنا، فالنتيجة الوحيدة التي خرجت بها؛ هي أننا نعيش في عالم واقعي يخلو من كل تلك الخرافات التي تجعل المرء يجلس في غرفته وينتظر معجزة تغير حياته؛ فجميعنا نعرف أن ذلك الزمن القديم الذي كانت تحصل فيه المعجزات قد انتهى، وأكبر معجزة يمكن للإنسان أن يصادفها في حياته هي قدرته على التغيير؛ فنحن نملك قدرات هائلة تجعلنا قادرين على تغيير هذا العالم وعلى تغيير حياتنا بشكل كامل؛ بل وأقدارنا أيضاً.

تلك الليلة التي عرفت فيها عن هذا المصطلح بالفعل كانت حياتي قد تغيرت؛ كنت أملك البصر ولكنني أصبحت أملك البصيرة، كم هو الفرق كبير بين هاتين الكلمتين: فالبصر يجعلنا نرى الأمور؛ ولكن البصيرة تجعلنا نرى حقائقها.

والحقيقة الوحيدة التي أراها اليوم؛ هي أن ذلك الجسد الإشعاعي الذي يستطيع الخروج من جسدي الفيزيائي والسفر عبر العالم؛ هو عبارة عن أحلامي التي تنتظر أن أقوم بتحقيقها؛ هو القدرة على التغيير والقوة المطلقة التي يملكها كل شخص منا؛ هو الجزء المشرق من أنفسنا والذي نخشاه جميعاً!

الكثير كان يرى أن خروج الجسد الإشعاعي من الجسد الفيزيائي في عملية الإسقاط النجمي، شيء مخيف؛ لأن الجسد الإشعاعي قد يعلق خارجاً ولن يستطيع المرء إعادته؛ ومن ثم سوف يموت خلال ساعات معدودة، تماماً كأحلامنا العالقة بداخلنا والتي نخشى أن نقوم بإخراجها؛ خوفاً من النجاح، خوفاً من السلطة، خوفاً من المجد، خوفا من الجانب المشرق والتي تموت بداخلنا في وقت مبكر جداً.

أحد المهندسين الذين قد عملت معهم في مجال الهندسة المعمارية، أخبرني ذات مرة بأن النجاح الذي وصل إليه في تأسيس عمله الضخم بمجال التصميم المعماري هو بسبب أسطورتين كان يؤمن بهما؛ الأسطورة الأولى: طائر الفينيق؛ وهو طائر مهما احترق يخرج مرة أخرى من الرماد وفي كل مرة
فمهما أحرقتنا الحياة وطرحتنا أرضاً، فعلينا أن نخرج من بين الرماد تماماً كطائر الفينيق الأسطوري.

والأسطورة الثانية هي: إحراق طارق بن زياد أسطول المسلمين الذي عبر به إلى الأندلس؛ حتى يثبت لجيشه أن ليس هناك أي خيار وارد للعودة أو الهرب، عليهم القتال والفوز بالمعركة وليس هناك خيار آخر.

وهذا ما علينا أن نفعله في حياتنا؛ فليس علينا أن نملك خياراً آخر غير النجاح.. غامِر واعمل وانجح بلا خوف أو تردد؛ فالفرص لن تنتظرك.

أما أنا اليوم، فأصبحت أؤمن بأسطورة الإسقاط النجمي؛ وبأن قدراتي ليس لها حدود، يمكنني تحقيق أحلامي حتماً، وذلك الجسد الإشعاعي ليس بإمكانه الخروج من جسدي الفيزيائي، عليه أن يبقى بالداخل ليحثَّني على العمل والنجاح، حتى أصل لذلك اليوم الذي يمكنني فيه السفر إلى لندن وبريطانيا بشكل كامل وحقيقي؛ ذلك اليوم الذي سأسافر فيه إلى سور الصين العظيم وأقول وأنا أنظر من كثب إلى حجارته القديمة: لقد كانت فكرة رائعة يا شي هوانغ!
ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد