تأملات من وحي الحياة

موقفٌ كهذا يشبه الذي نتعاطاه عبر شبكة الإنترنت، فهي شبكة تحوى بلايين المعلومات والصور والمسارات، فعندما يدور بحثك في موضوعٍ معين، تجدها تستعرض لك -عبر بلايين المسارات- مساراً واحداً فحسب، كما لو أن باقي المسارات غير موجودة، أو لنقل كما لو كانت غير مُبصرة لما يدور حولها من مدونات وغرف نقاش وملايين الفيديوهات التي يتم تلقيمها في كل ثانية.

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/05 الساعة 04:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/05 الساعة 04:17 بتوقيت غرينتش

تأملتُ.. "الفكرة"، حين تسيطر على عقلك فتغشاه فتخامره فتصبح هماً، فلا يعود مما يدور مِن حولك سوى تعابير لصور وإيهاماتٍ، محورها فكرتك تلك. حينها، لا تنتبه لما يجري مِن حولك، فهل كنت في غير العالم الذي هم فيه!

موقفٌ كهذا يشبه الذي نتعاطاه عبر شبكة الإنترنت، فهي شبكة تحوى بلايين المعلومات والصور والمسارات، فعندما يدور بحثك في موضوعٍ معين، تجدها تستعرض لك -عبر بلايين المسارات- مساراً واحداً فحسب، كما لو أن باقي المسارات غير موجودة، أو لنقل كما لو كانت غير مُبصرة لما يدور حولها من مدونات وغرف نقاش وملايين الفيديوهات التي يتم تلقيمها في كل ثانية.

تذكرت حينها ﴿وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون﴾، فأحد أسباب عدم الإبصار تسلُّط فكرة ما، أما "الهُدى"، فهو متاح حين بُرمجت عليه عناصر البيئة المحيطة بك كافة، فأضحى جميعها مُرشداً لمسارٍ واحدٍ لا عوج فيه، والإخفاق يكون حينما تسمح لفكرة فاسدة بأن تغشى دماغك، فينقطع تواصلك، فتصبح خارج نطاق التغطية.

تأملتُ.. "خصيصتان" خصَّ الله بهما المسلمين دون مَن سواهم من البشر؛ فقد خصّ أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- بأن يكون بيدها الميزان، ميزانٌ من كفتين، كفته الأولى لتحمي كرامة الإنسان، بأن يصون له حرية اختياره بالعقل، عبر خصوصية تأديب الخارجين على منهج الله، ومنهج الله جاء عبر "الكتب الثلاثة".

فقديماً، كانت السماء هي التي تؤدب هؤلاء الخارجين، والرسول كان مُبلِّغاً للمنهج، فإنْ خالفه الناس تتدخل السماء وتعاقبهم؛ إما بصاعقة وإما بفيضان وإما بعذاب، ولم يكن الرُّسل مكلفين بحمل وقسر الناس على المنهج.

وكفته الثانية، حين اختارنا شهداء، فنحن شهداء على باقي الأمم، فإن كانت الكفة الأولى في الدنيا، فهذه الكفة مرْتبة تالية في الآخرة، وعليهما استحق المسلم أن يكون "خليفته سبحانه"، ومن دون هاتين الخصلتين، تُراه يستحق أن يُمنَح اسم مسلم؟!

تأملتُ.. "منطق" الخطاب الرباني حين يحاور الكفار، لاحظ، فرغم عنادهم فإنه -سبحانه- مستمرٌ وسيستمر في رزقهم؛ بل إنه سيبالغ فيما يرزقهم به، ولعلك تدرك العلة المنطقية حين تقرأ ﴿والله فضَّل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون﴾.

فالله -سبحانه وتعالى- فضَّل بعضكم على بعض فيما منحكم من الرزق، فجعل منكم الغني والفقير، والسيد والمَسُود، فليس الذين فضَّلهم الله في الرزق برادِّي ما أعطاهم الله على عبيدهم حتى يكونوا شركاء بالسوية معهم في الملك، فكيف يرضون لله شركاء من عبيده، ولا يرضون لأنفسهم بأن يكون لهم شركاء من عبيدهم يستوون معهم؟ فأي ظلم هذا؟! وأي جحود لنِعم الله أعظم من هذا؟! هنا يطمئن العبد المؤمن إلى أن البسط في الأرزاق كان قبضاً عليهم لا سعة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد