دور الشعوب والنخبة في نُصرة القدس

إن واقع المسلمين اليوم في العالم العربى والإسلامى بعد هذه الأحداث أصبح يبشّر بشيء جديد أو يعيد لجزء من الماضي التليد الذي كنا نفخر به.

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/02 الساعة 04:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/02 الساعة 04:21 بتوقيت غرينتش

لا شكَّ أننا نحيا ونعاصر أحداثاً جساماً يشهدها العالم وتشهدها منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً مع تصاعد وتيرة الهجمة الصهيونية ضد المسلمين في فلسطين المحتلة، وما تم في الأيام الماضية من إصدار ترامب قراره بنقل سفارة أميركا للقدس وما تبعه من غضبة وهبَّة جماهيرية على مستوى الدول أحيت قضية القدس والأقصى في النفوس من جديد بعد سنواتٍ من الركود والسُّبات.

إن واقع المسلمين اليوم في العالم العربى والإسلامى بعد هذه الأحداث أصبح يبشّر بشيء جديد أو يعيد لجزء من الماضي التليد الذي كنا نفخر به.

فالهبّة الشعبية التي اجتاحت الشعوب جديرة بأن نقف أمامها تقديراً ولا مجال للتقليل ولا التخوين، لكن نسدد ونقارب ونثمّن المواقف ونقدّرها بقدرها.

إن الشعوب الجريحة في اليمن والعراق ومصر وسوريا انتفضت ضد وعد بلفور الثاني "ترامب" بشيء يعزز ويؤكد إسلامية القضية المحورية القدس والأقصى ورفض كل محاولات التسييس والعبث والتآمر الذي تم ويتم على مدار سنوات بهدف إجهاض القضية الفلسطينية ودمجها في صفقة مشبوهة سمّوها بصفقة القرن.

لقد أكدت وأفرزت قضية القدس مدى الالتحام الحقيقي بها، فما بين مظاهرات ماليزيا وإعلان وزير دفاعها أن الجيش مستعد للدفاع عن القدس، وبين اعتصام المقدسيين في باب العمود ورفضهم تهويد مدينتهم لهو أمرٌ غاية في الأهمية، فلقد أزالت قضية فلسطين كل الحدود وتحولت الغضبة إلى الاستعداد للدفاع عن المدينةِ المقدسةِ.

إن الحراك الشعبي الذي تم تلبية لنداءِ الأقصى والقدس يفتح كل أبواب الأمل والعمل معاً، وأنه لا مكان لليائسين ولا المثبطين، وأن الشعوب قادرة على فعل المستحيل شريطة توفر الإرادة الصحيحة والقيادة القادرة على توجيها بشكل يثمر ميدانياً ويغير من واقع البلاد والعباد.

إن قضية القدس والأقصى ستظل هي المحرك والدينامو الحقيقي لغضبة الشعوب المسلمة شاء مَن شاء وأبى مَن أبى وتآمر مَن تآمر.

وبوضوح شديد أقول: إن واجب الشعوب هام في تعطيل هذا المسار الصهيوني الذى يستهدف مقدسات أمتنا، وأولى هذه المهام هو اللجوء والدعاء الدائم لله عزوجل بزوال هذه المحنة وتوحيد الرأي والكلمة وأن تتحول قضية القدس لقضية المسلمين الأولى ويزداد التلاحم الشعبي والرسمي، وهذا أمل حقيق أن نفخر به ونسعى اليه.

وعلى الشعوب السعي في إصلاح فساد القلوب، فلربما يكون هذا التضييق والسعي لاغتصاب مقدساتنا هو بسبب علاقتنا الضعيفة مع الله؛ لذلك فالرجوع إلى الله هو حل مهم في تعطيل مسارات الصهاينة.

وعليها حضور كل الفعاليات الرافضة لقرار ترامب والحشد لها، فالأمة لم ولن تموت، لكن الوقت مهم، والحشد والتجييش لقضية القدس واجب ولو ضاعت القدس ستذهب مكة والمدينة في المستقبل.

كما يجب علينا كشعوب أن نعلم كيف يفكر الأعداء والخصوم؛ لذلك فهناك مئات الكتب تتحدث عن أهمية القدس، والقضية ولتكن القراءة حائط صد ضد محاولات الزيف والتجريف للوعي والمعرفة.

وعلى الشعوب أن تتخلى عن اليأس، فالخصم دوماً يشعرك بتمكنه من الأرض، وأن كل محاولات الرفض لن تُجدي معه، وهذا خطأ؛ فهو يتوجع ويتألم مثلك وصدق ربنا {إنْ تَكونوا تَألموْن فإنّهم يَألموْنَ كما تَألموْن}؛ لذلك فالحذر أن تقلل من قيمة أي جهد للقضية ولو يعيد جزءاً من قدسيتها في ظل هذه الحرب الإعلامية والمكر المركب من دعاة الصَّهيَنَة والفساد.

دور الكُتّاب والمثقفين

هذا هو دور الشعوب ولا مناص من أن صفوةَ الشعوبِ هم نخبتُها من كتابٍ ومثقفينَ وأصحاب الرأي؛ لذلك فدورُهم متناغم مع دور الشعوب ودورهم هام في الخطورة والبناء؛ لذلك فيجب أن يتوجه جهد كل صاحب قلم إلى عدة أمور:

أولاً: التعريف بالقضية
إن التعريف بالقضية ومراميها وخطورة هذا القرار على مجريات الأحداث في الشرق الأوسط والقدس خصوصاً، واجبٌ على كلِّ ذي عقل وبصيرة، والعمل على دعم مشروع قدسية القضية أمرٌ لا مفر منه؛ لأن البديل هو التعويم والنسيان.

ثانياً: استنفر قلمك
كتابة مقالات وأبحاث تؤكد أهمية القدس ومنزلتها في نفوس الشعوب الإسلامية والعربية، والرد على كل الشبهات التي يثيرها الأعداء لتبرير احتلالهم وتدنيسهم للمقدسات.

ثالثاً: افضح المخطط
عبر فضح السياسة الأميركية والصهيونية وكل ما يدور في فلكها بشتى الوسائل البحثية والنصية، وإبراز مدى الخصومة مع الشعب المسلم في فلسطين خاصة، والشعوب العربية عامة.

رابعاً: غرس قيمة القضية
من خلال تعريف الأبناء والأجيال القادمة بقضية القدس والأقصى ومدى قدسيته عندنا كشعوب مسلمة من عوامل النهوض لمجتمع صالح وأمة واعية؛ لذلك فالجيل القادم لن يسامحنا إذا ذهبتْ القدس واشتعلت الدنيا ونحن لم نخبره أو نزيد من وعيه ونصحح مسار أفكاره، ونضعه في قلب الحدث دون تقليل من شأنه.

خامساً: نشر الوعي
بثّ ثقافة الوعي والأمل في نفوس الشباب خصوصاً فهم قادة الغد؛ وحتى يعلموا أنّ القدس قضية المسلمين، وأن فلسطين هي قلب الأمة النابض، وأن جيل أسامة والقعقاع ومصعب سيعود شريطة أن يكون هناك مستوعب وقيادات ربانية تدل الشباب على المسار الصالح دنيا وآخرة.

هذه واجبات مهمة في هذه المرحلة الراهنة التى تعيشها شعوبنا العربية والإسلامية وفي القلب منهم الكُتّاب والمثقفون، فالكاتب صاحب رسالة والمثقف دوره خطير في بناء الشعوب والدفاع عنها، المهم أن يكون مخلصاً في رسالته، متجرداً ناصحاً يضع مستقبل وطنه ودينه وأُمّته أمامه، فيصحح مسار أفكار ويغرس قيماً، ويؤكد الثوابت ويرفض الذل والهوان.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد