أحد زملائي المدرسين الذين بدأوا مشوار التدريس منذ ما يقرب من عام كامل مع بداية عامه الجديد، بدأ العمل في مدرسة جديدة من مدارس إسطنبول ومع أول يوم من عمله في المدرسة حصل على نسبة تأثير كبيرة من الطلبة ودرجة احترام ومودة ومحبة لأستاذهم الجديد.
الأجمل من ذلك بدأ الأهالي يتصلون بالمدرسة للعمل على بقاء الأستاذ الجديد مع أولادهم، يا ترى ما الذي صنعه معهم؟ ما الذي تكلم به؟ ما هي الأمور التي دعت الطلبة إلى أن يتشبثوا به رغم أنه لم يمكث معهم إلا ساعة واحدة؟ وعودة على سؤالنا: كيف تؤثر في طلابك من الدرس الأول؟
إذاً ما الذي فعله الأستاذ مع طلابه أو أنت إذا أردت أن تخوض تجربة التدريس ما عليك أن تفعله هو التالي:
أولاً: طريقة التدريس
حاول في الدرس الأول لك أن تبين لطلابك طريقة تدريسك ونقاشهم بها نقاشاً عميقاً، وخذ وجهات نظرهم عن هذه الطريقة أو استمع للطريقة التي يرغبونها هم، فإما أن تتبع طريقتك أو تأخذ بالطريقة التي يريدونها، أو تجمع بين ما تريد ويريدون، والأفضل من كل ذلك أن يكون لك في كل أسبوع طريقة جديدة جاذبة لهم، وهذه تحتاج إلى مقدرة كبيرة من الإبداع للمدرس، وهي ليست مستحيلة بقدر اعتمادها على إرادة الأستاذ.
ثانياً: قوانين الدرس
وهو ما الذي يسمح به داخل الدرس أو لا يسمح به مثلاً، هل يمكن للطالب أن يأكل في الصف أو يمكن له أن يشرب الماء أو يخرج من الصف لقضاء حاجاته؟ ما الذي يمكن لهم أن يفعلوه بالضبط؟ وفي نفس الوقت لا تفرض عليهم قوانين، اسمع منهم، وابدأ بالتمييز بين ما ينفع أن يكون داخل حجرات الدراسة أو لا يمكن، وأنت بهذا تنتهي معهم بقائمة تسمى قوانين أو نظام القاعة الدراسية، وتكتب بشكل كبير على شكل بنود، وتوضع بمكان مرتفع من القاعة.
ثالثاً: الحوار والنقاش وإبداء الرأي
بمختصر مفيد (الحرية الفكرية والنقدية) المدرس الناجح هو الذي يستمع من طلبته كل ما يتكلمون سلباً وإيجاباً، فنحن نبحث عن مربين قبل أن يكونوا معلمين أو مدرسين، فالمدرس الذي يحرم طلبته من النقاش أو الحوار أو النقد لأفكاره هو عبارة عن مصنع للآلات وليس مصنعاً للمبدعين، فالحرية الفكرية التي تعطي للطلبة سبل الإبداع، إذا أردت أن تكون مدرساً مؤثراً في نفوس طلابك، اجعل شعارك: الحرية أولاً، والحرية ستتكلف بتعليمهم كل شيء، علمهم الحرية، علمهم كيف يبدون آراءهم مع الحفاظ على الأخلاق والاحترام، استمع منهم كل شيء يتحدثون به، وكن أنت الموجه إذا أردت أن تربي بشكل صحيح، وإذا أردت أن تربي بالشدة والقوة، فأنت باستطاعتك عشرات الممثلين الذين يتمثلون الخلق الحسن أمامك، ويظهرون بغيابك ما لا يحسن إظهاره.
رابعاً: أسماؤهم واهتماماتهم ومهاراتهم
احفظ أسماء طلابك ونادهم بأجمل الأسماء التي يحبونها، واحرص على أن تربط الطالب بموهبته التي يحبها أو المهارة التي يحسنها أو اهتمامه الذي يبرع به أو الحرفة التي يعمل بها في أوقات فراغه، هذه لها أثرٌ نفسي على الطالب، وحاول أن تغطي تقصيره بالدرس بذكر المزايا الإيجابية التي يمتلكها من مهارات واهتمامات ومواهب.
خامساً: احترم أخطاءهم
الطلاب بمراحل مختلفة وواقع مليء بالسلبية يتوجب عليك أن تحترم أخطاء طلبتك بقصد إصلاحها وتحويلها من الناحية السلبية إلى الإيجابية، وتحدث بهذا بشكل علني أمامهم، وأنك لست متصيداً لأخطائهم، أنت المصلح لعثراتهم الجابر لها، امنحهم الثقة وسيمنحونك أنفسهم لتشكلها كما تريد، ولذلك تعلمْ أن تجعل من عيوبهم مزايا، فالبروفيسور طارق الحبيب يقول: علمتني الحياة أن أجعل العيوب مزايا.
وختاماً: لكي تكون مؤثراً عليك أن تتعب؛ لتتعرف على شخصيات طلابك والبيئة التي يعيشون فيها، هذا قد يكلفك أن تخرج معهم بعد الداوم، أو تلعب معهم كرة القدم، أو تمارس معهم الأنشطة الخارجية على مختلف مسمياتها.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.