التدخين يقتل.. وكذلك الملل.
أن تبدو النهايات كلّها متشابهة، فهذا يعني أنّ "نظرية التطوّر" ليست محض هراء.
ليس أنّ داروين كان معتوهاً أو ما شابه، لكن لنكُن واقعيّين، لا نعرف عن الرجل سوى "نظرية التطوّر"، حتى إنّنا أطلقنا عليها اسماً غريباً: "نظرية الإنسان القرد".
لنَعُد أحد وعشرين قرناً إلى الوراء، لا قبل ذلك بكثير، ولنفترض بأنّ القرد كان إنساناً، أو الإنسان قرداً، كلاهما سيان؛ لأنّ نظرية التطوّر "دورية"؛ حيث تتشابه النهايات، ماذا نجد؟
نجد أنّ القرد كان يستيقظ مبكراً، يحصي أولاده بجانب أنثاه الضخمة، ثم يدخل الأدغال مذعوراً، غاضباً، لا "قهوة صباحية" لا "سيجارة" تهدّئ من روعه. لم تكن البرازيل وكوبا موجودتيْن حينها، كانت المياه تغمر اليابسة.
ثمّ تبدأ رحلة البحث عن الفريسة، عادة تكون الفريسة أصغر حجماً، إلا أنّ القرود كانت تطمع بما لا تعرفه، ثمّ ينتهي بها الأمر مكتفية "بالموز".. من هنا جاءت تسمية "جمهورية الموز"، كل الجمهوريات قامت على "موزة".
داروين كان عبقرياً !
وبعد مضيّ الوقت، يعود بجعبة فارغة إلى أولاده الأربعة وأنثاه الجائعة، فيلتهمون الصغير؛ لأنّه الأصغر حجماً ليس إلّا، حينها لم تكن اللحوم معلّبة، ولا تاريخ انتهاء الصلاحية بعد سنة من تاريخ الإنتاج، الأسواق كانت حرّة للغاية، الأقوى يأكل، والضعيف يؤكل.
التوازن البيئي.. هذا كلّ ما في الأمر، السلسلة الغذائية لا تحدّدها رغبة قرد طموح، والعالم بألف خير.
عودة إلى القرن الحادي والعشرين، من فينا لا يعود إلى مضجعه بجعبة فارغة؟
الإنسان ليس قرداً حتماً، وداروين اكتفى بعلم "التشريح" وتسمياته المملّة، لكن العالم لم يختلف فعلاً، الأسواق ما زالت حرّة للغاية، والحيتان تسبح على السطح؛ لأنّ الأسماك الصغيرة في الأعماق لا تجيد السباحة.. العالم بألف خير.
التوازن و"الكونتراست" بين أبيض وأسود لم تخترقه لمسة فنان مجنون..
داروين كان فناناً مجنوناً، وكذلك "موزارت"… المقطوعة لا تكتمل إلا بنهاية غير اعتيادية، تتشابه مع مقطوعات أخرى غير اعتيادية.
لاحِظوا اتجاه هوليوود نحو النهايات غير الاعتيادية..
كلّه سيّان، لدرجة الملل، البعض يفضّل أن ينفث الملل مع الدخان، والبعض الآخر يمزجه مع كميّة كافيين مُبالغ بها، ويبتلعه بجوع بالغ؛ لأن الجوع لا يشبعه الطعام المُعلّب، ثم هناك جزء أخير يبدع في خَياراته فلا يسلك "الطريق السريع"، ويرسم خارطة وفقاً لمزاجه السيئ.
كل الأمور بلغت أشدّها في الآونة الأخيرة، حتى إنّ لندن أصبحت مملّة، التبضّع في باريس مضيعة للوقت والمال، والـ"باستا" في ايطاليا، تقدّمها مقاهٍ رخيصةٍ في العالم الثالث.
وغرينيتش لم تكن يوماً محور الأرض؛ لأنّ الأرض تدور حول محورها.. غرينيتش تدور أيضاً، ومن المنطقي الاعتراف بأنّ الخطوط وإن مرّت كلّها في غرينيتش، لا يعني أنّها تتقاطع في الوسط.
كنظرية التطوّر تماماً، صورة الإنسان كامل البنية، صاحب العضلات المفتولة (بفعل كميات زائدة من البروتين "المعلّب")، لا يتموقع في الوسط تماماً؛ لأنه محور التاريخ!
التاريخ لا يتمحور حول نظرية مجنون، وكذلك الأرض لا تدور حول غرينيتش، ولندن كما هي مملّة وضبابية، وما تروّجه الأسواق الحرة والشركات الضخمة، هو نتيجة تضخّم في الشرايين الحيوية، والوقت سيثبت ذلك، كذلك "وصية الأمير وليام" بعد موته..
ابحثوا عن "مايكل هارت"، كرومويل، جون لوك، والملكة إليزابيث الأولى.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.