رحلة التعافي من الاكتئاب المؤدي للانتحار والقلق: هذه قصتنا

في هذه الأثناء، سأمسك يده بقوة، وأحضر له القهوة، وسوف أحافظ على قمصانه قديمة الطراز، وسأستمر في تشجيعه على المضي قدماً، حتى عندما يشعر بأنه لا يستطيع ذلك، بحب غير مشروط، في المرض والصحة.

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/16 الساعة 05:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/16 الساعة 05:28 بتوقيت غرينتش

من الصعب معرفة من أين ينبغي البدء بالحديث عن هذه الرحلة التي نخوضها أنا وزوجي. كنت على علم منذ بداية علاقتنا بأنه كان يعاني الاكتئاب والقلق، ولكي أكون صريحة تماماً، لم يزعجني ذلك. فقد مر بمراحل في السنوات الأخيرة عانى فيها الأمرّين، والأسوأ (حتى الآن) هو أنه عاطل عن العمل منذ شهرين؛ لأن قلقه وصل به لدرجة أن يجعله غير قادرٍ على مغادرة المنزل.

لقد استطعنا تجاوز الأمر…

اعتدت أن يخبرني بأنه حزين، وأنه يفكر في أشياء مريعة، وهو ما يحدث عندما تصاب بالاكتئاب وسوء تقدير الذات. لكن ما لم أعتده هو أن يخبرني برغبته في وضع حدٍّ لحياته، وأنه قد بحث على الإنترنت ووجد الطريقة التي سينفذ بها ذلك.

وهو بالضبط ما حدث يوم الأربعاء الموافق لـ8 نوفمبر/تشرين الثاني.

لقد كانت تلك اللحظة من أكثر اللحظات المخيفة التي مررت بها طوال حياتي، بكيت من شدة الخوف، وشعرت بالقلق، لكنني حاولت أن أظل متماسكةً من أجل زوجي، وانتقلت من وضعية الضعف إلى وضعية القتال.

لن يكون مفاجئاً لأي شخص يعرفني أن تتضمن "وضعية القتال" الخاصة بي الانتقال المباشر إلى الرغبة في السيطرة الجامحة على زمام الأمور. هذا هو وضعنا الحالي. إذن، ما الذي أستطيع التحكم فيه والسيطرة عليه الآن؟ وما المخاطر المباشرة المترتبة عن هذا الوضع؟ وما الخيارات التي نملك؟ وما الأسئلة التي نحتاج إلى إجابات فورية عنها؟ وكم سيكلف الأمر في حال لم نتمكن من استخدام التأمين الخاص بنا؟ وما التأثير الطويل الأمد المترتب عن ذلك؟ وما هي النتائج المرجوة؟ وتطول قائمة الأسئلة.

ما حدث بعدها لم يكن مفهوماً ألبتة بالنسبة لزوجي غاري، فقد حجزت له موعداً طارئاً لدى طبيبه النفسي، الذي وصى بقوة بأن يظل بعض الوقت في وحدة الطب النفسي، لنمضي بعد ذلك ليلة طبيعية في البيت، ثم يُقبل ويدخل مستشفى الطب النفسي الذي يوجد به منذ ذلك الحين.

سألني في إحدى زياراتي الأخيرة له عن شعوري عندما أراه في هذه الحالة. سأعترف بأنني كنت مترددة بإخباره في البداية، بينما كنت أعلم أنه كان قلقاً للغاية بشأن كيفية تعاملي مع وضعنا الحالي، لكن إذا كان هناك شيء واحد تعلمناه في هذه اللحظة، فهو أن الصراحة والشفافية من أهم الأشياء. ومع أخذ هذا بعين الاعتبار، تناقشنا، واتفقنا على أن نشارك مشاعرنا، سواء كانت جيدة أو سيئة، مع الجميع.

غاري بالتأكيد في وضعٍ سيئ، لكننا نرى أن أخذ فكرة عن كيفية تأثير ذلك على الأشخاص الذين يدعمون من يعاني الاكتئاب، قد يكون شيئاً مفيداً.

إذن، الأمر كالتالي…

إنه أمر مرهق، ومستمر، ويستنزفك عاطفياً. لكنه يستحق كل دقيقة شعرتُ فيها بالقلق، أو لم أنم، أو فقدت أعصابي على أحد ما؛ لأن زوجي على قيد الحياة، وهو يواجه هذه المشكلة بعزم.

إن هذا النهج هو ما يجعلني قادرة على مواجهة هذه المحنة، فأنا لا أستطيع تحمل كل شيء مرة واحدةً، ولكنني أفكر بمنطق، وأثق بالمنظومة، وأطرح الأسئلة المرتبطة بهذه المشكلة من أجل أن نحصل نحن الاثنين على المعلومات التي نحتاجها، لفهم ما يحدث، وما سيحدث تالياً، وما أستطيع القيام به للمساعدة.

هل تعبت؟ أجل!
هل أنا قلقة؟ بالطبع، فأنا إنسان!
هل بكيت؟ أجل، كثيراً (وكانت آخر مرة يوم الأحد عندما أرسل لي زوجي الشقي أغنية جميلة). في الواقع، أعتقد أن البكاء هو منْفذ مهم للغاية… ولذلك، أخصص بعض الوقت لأعيد ترتيب أموري كي لا أفقد صوابي!
لكن، هل أنا خائفة؟ لا، ليس بعد الآن.

أنا القوة التي يحتاجها غاري عندما يشعر بأنه لا يملكها، يمكنني النظر إلى هذا الوضع ككل من الخارج (وأقصد بذلك أنني لست الشخص الذي يعاني الاكتئاب، والذي يكون حكمه في بعض الأحيان ضبابياً)، وهو ما يجعلني أرى مدى التقدم الذي قد أُحرز، وأنني محظوظة بما يكفي لامتلاكي شبكة دعم رائعة من حولي (تضم زوجي كذلك).

هل من الممكن أن أرغب في تغيير كل هذا؟ بالطبع سأرغب في ذلك، فأنا لا أريد أن أرى زوجي يمر بهذه الصعاب، لكنه كذلك. وما يقوم به، وما نقوم به معاً الآن، هو تعلم البقاء على قيد الحياة، عندما تصاب بالاكتئاب، وتواجهه. هذا أمر ممكن، وسنتمكن من تجاوز هذه المحنة. لا يتعلق الأمر بالشجاعة، (وهي الكلمة التي سئمنا أنا وزوجي من سماعها، ولا أكون بذلك غير ممتنة لمن يحاولون دعمنا، لكنني اتخذت وعداً على نفسي بقول الحقيقة)؛ بل يتعلق الأمر بعدم الرغبة في البقاء بهذه الحالة للأبد، والعثور على أفضل طريقة لتجاوزها.

في هذه الأثناء، سأمسك يده بقوة، وأحضر له القهوة، وسوف أحافظ على قمصانه قديمة الطراز، وسأستمر في تشجيعه على المضي قدماً، حتى عندما يشعر بأنه لا يستطيع ذلك، بحب غير مشروط، في المرض والصحة.

هذا زواجنا، وهذا حبنا. والآن، هذه حياتنا.

من خلال مدونتنا الخاصة، نريد أن نكسر وصمة العار هذه من خلال التحدث بصراحة عن كيف يبدو الأمر من الجانبين الاثنين لهذه الرحلة. سوف نكون صادقَين، وسنستخدم الكلمات المرعبة مثل الانتحار، وإيذاء الذات، والاكتئاب. وسنختبر مجموعة مختلفة من المشاعر.

هو زوجي وأنا سأظل بجانبه. وهذه هي مدونتنا الخاصة.

– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الجنوب أفريقية لـ "هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد