اللحية والنقاب بلاء

النقاب ابتلاء للنساء يجب عليهن الصبر عليه، واللحية ابتلاء للرجال يجب عليهم الصبر عليها، حين سمعت منه ما قال للفتاة أصابتني دهشة أذهلتني، فلم أرد، وأخذت أنظر إليه مدهوشا مشدوها .

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/14 الساعة 04:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/14 الساعة 04:26 بتوقيت غرينتش

كنا ندرس الماجستير معا، هو في قسم العقيدة، وأنا في قسم القرآن والحديث، وكنا نلتقي أثناء لقاءات المشرفين وفي الندوات العلمية.
شاب يمني على خلق، وذو كرم وفضل، وذو حلم وسكينة، تبدو عليه من ثيابه وهيئته أنه أحد شباب السلفية.
وفي أحد اللقاءات أخَذَنا الحديث إلى ملابس المرأة المسلمة في المجتمع المسلم.
فقلت: رغم تفريط المرأة في كثير من القيم النبيلة لكن المرأة المسلمة ما زالت بخير، ولو وُجِدَ وُلاة أمر صالحون، وعلماء عاملون، ودعاة فاقهون، فسوف ينصلح حال المرأة المسلمة بل والمجتمع المسلم كله.

فقال لي متحسرا: شكت إليَّ إحدى الفتيات المنتقبات من النقاب،
قالت: أهلي يفرضون عليَّ النقاب وأنا لا أريده، ولا أحبه، ويضايقني.

فقال لها: يا أختي الفاضلة اتق الله واصبري، فإن كنتِ ابتليتِ بالنقاب، فنحن الرجال قد ابتلينا باللحية، ويجب علينا وعليكن أن نصبر ونتقبل الحكم راضين، فذلك خير لنا.

وحين سمعتُ قوله لها:
النقاب ابتلاء للنساء يجب عليهن الصبر عليه، واللحية ابتلاء للرجال يجب عليهم الصبر عليها، حين سمعت منه ما قال للفتاة أصابتني دهشة أذهلتني، فلم أرد، وأخذت أنظر إليه مدهوشا مشدوها، وما أنقذني إلا صوت الموظفة تناديني لآخذ الاستمارة التي طلبتها.

وأخذتني كلمة الفتى، وكيف نظر إلى اللحية على أنها بلاء، وإلى النقاب على أنه بلاء ويجب الصبر عليهما!!! وكيف أنه نَفَّرَ الفتاة من النقاب من حيث أراد أن يُرَغِّبها. وظللتُ كلما ذكرتُ كلامه تعجبتُ وتألمتُ.

أما اللحية:
فإنها مع ما ورد فيها من أحاديث الوجوب فهي من سنن الفطرة، وهي زينة الرجال.
وقد كان قيس بن سعد رضي الله عنه رجلا أمرد لا لحية له، وكان كريما شجاعا حكيما، فقال قومه الأنصار: نِعم السيد قيس لبطولته وشهامته، ولكن لا لحية له، فوالله لو كانت اللحى تشترى بالدراهم لاشترينا له لحية!!

وهذا الأحنف بن قيس رضي الله عنه كان رجلا عاقلا حليما، يُضرَب به المثل في الحلم، وكان أمرد لا لحية له، وكان سيد قومه فقال بعضهم: وددنا أنَّا اشترينا للأحنف لحية بعشرين ألف..!

وما ذلك إلا لأن اللحية عند هؤلاء الأخيار تعتبر من الجمال والرجولة، والكمال لشخصية الرجل، وكان الواحد منهم أهون عليه أن تزول رقبته ولا تزول لحيته.

أما النقاب:
فإنه وإن لم يكن واجبا، فإنه فضيلة، تتزين بها كرائم النساء.
وإني أعلم سيدات فضليات يلبسن النقاب عن رغبة فيه شديدة، وعن محبة له راسخة، ولا يفرطن فيها أبدا، فقد تعلقن به تعلقا شديدا، وارتبطن به ارتباطا وثيقا، فقد صار جزءا لا يتجزأ من نفوسهن وقلوبهن.
فكيف جعل اللحية بلاء؟!
وكيف جعل النقاب ابتلاء؟!

وأخبرتُ أحد زملائي – وهو أيضا سلفي – بهذه الحادثة فقال:
أين الإشكال في هذا؟!
فالله ابتلى عباده بشرائع ليعلم من يتقي ومن يصبر، والابتلاء يكون بالخير وبالشر فليس الابتلاء بالشر فقط، فالصلاة خمسة أوقات طاعة عظيمة وقد ابتلى الله العباد بها ليرى أينا أحسن عملا ، وليس معنى الابتلاء مرتبطا دائما بالسوء! فقد يبتلي الله العباد بالمحاب أوبالمكاره.
فقد ابتلانا الله بحل أكل شحوم الذبائح ؛ لينظر أنشكرأم لا، وابتلى قوما بتحريم شحومها؛ لينظر أيصبرون أم لا ، فالابتلاء يقع على المحاب وعلى المكاره.
وأما كلام الأخ اليمني فليس فيه تبغيض للأخت من النقاب، حتى لو اختلفنا – فلكل رأيه – بل فيه حث لها على الصبر فالنفس البشرية وخاصة النساء إن شعرت أنها تشترك وغيرها في نفس الشيء الذي يثقل على نفسها فسوف تهدأ قليلا.
ولو علمت المرأة أن الرجال يصيبهم من المشقة ذات الشيء فستهدأ أكثر لشعور كثير من النساء أن الرجال ليس عليهم من التكاليف ما يشق عليهم كالنساء.
وهذا لعمري من الفطنة والنباهة أن نربط اشتراك الرجال والنساء بالعبادات والتساوي في التكليف مع اختلاف في بعض الاحكام فتطيب نفوس الضعفاء
هذا رأيي وقد أصيب وقد أخطئ… والله أعلم.

فرددتُ عليه:
يا شيخ محمد:
أما تحريم الشحوم على اليهود :
فلم يكن ابتلاء بل كان عقابا ببغيهم، اسمع لربك ماذا قال عنهم وعلة التحريم آخر الآية: (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ۖ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ۚ ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ ۖ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ)

أما الصلاة :
فقد تكون عبئا على بعض النفوس ، وعلى البعض الآخر تكون رحمة وسكينة ، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أرحنا بها يا بلال) وكذلك سائر العبادات.

أما اللحية :
فقد كانت زينة الرجال زمن الرجال الحق الصادقين، واليوم صارت عبئا على الرجال، ولا ألوم من يتركها ولكن اللوم على من يرى فيها عبئا.

أما النقاب:
فالراجح فيه كما تعلم أنه ليس فرضا، وإنما الفرض الواجب في الحجاب، فهو فضيلة لمن شاءت أن تتزين به، وإن اختارته المسلمة لنفسها فلا شك لن يكون عليها عبئا، زينة ومحبة
والله أعلم
جزاكم الله خيرا

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد