العدم والوجود

خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول من كل عام في مصر تحدث أزمات تلوث الهواء، وتزداد لتصل إلى 42% نتيجة الحرق العشوائي لقش الأرز، ينتج عنه مخاطر صحية مهولة على البشر مثل: (احتقان الحلق، والربو الشعبي، والتهاب الأعين، وقد تؤدي أحياناً إلى تدمير الجهاز التنفسي).

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/05 الساعة 02:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/05 الساعة 02:01 بتوقيت غرينتش

في إحدى ليالي الشتاء الحزينة في إحدى قرى صعيد مصر العتيق، نشب حريق أدى إلى التهام ثلاثة بيوت، كان الحريق إثر تجمع فريق من الأشباح بقيادة النداهة وأبو رجل مسلوخة، تحت اسم فريق العدالة، كما اعتقد أهل القرية حينها.

لم يكن الحريق سوى أثر احتراق قش الرز ليلاً بالخطأ، أو عمداً بفعل فريق العدالة، صدق ما تريد، وما لا يأن له فؤادك ليلاً.

العدم:
خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول من كل عام في مصر تحدث أزمات تلوث الهواء، وتزداد لتصل إلى 42% نتيجة الحرق العشوائي لقش الأرز، ينتج عنه مخاطر صحية مهولة على البشر مثل: (احتقان الحلق، والربو الشعبي، والتهاب الأعين، وقد تؤدي أحياناً إلى تدمير الجهاز التنفسي).
والآن دعنا من قش الأرز قليلاً، ولنتحدث عن الأرز، محاصيل الأرز المصري بالتحديد، محاصيل الأرز المصري تعتبر من أقوى المحاصيل عالمياً، حيث يبلغ إنتاجه 3.7 طن في الفدان الواحد، الأرز محصول رئيسي تصل عائداته إلى 4 ملايين طن سنوياً، طبقاً لإحصائيات FAO – 2014 – Food and Agriculture Organization – UN

والآن بعدما أقنعتك بأهمية الأرز، لا تذهب يا صديقي حتى أقنعك بأهمية قشّه، بعد إخراج محصول الأرز يبقى القش لدى المالك أو المزارع (وهو حوالي 2 مليون طن سنوياً)، ويصبح لديه حلان لا ثالث لهما:
الأول: وهو المحدود في مصر ببيع قش الأرز لمصانع الورق والبلاستيك لإعادة تدويره.
الثاني: أن يقوم المزارع بحرقه في الهواء الطلق عشوائياً، وهو لا يدري ماذا جنت يداه.

سأحدثك قليلاً عن استخدامات قش الأرز من يدري ربما تبادله الاحترام قليلاً.

يستخدم قش الأرز عالمياً في:
● إنتاج الخبث البلاستيكي.
● إنتاج الغاز.
● إنتاج السليكا جيل.
● صناعة الورق والكربون.
● إنتاج السماد الصناعي.
● صناعة أنواع من القبعات والحبال.

لم تبادله الاحترام بعد؟! فوجب عليه الولوج إلى عقر دارك.
اليوم سأحدثكم عن استخدام رماد قش الأرز في الخلطة الخرسانية بنسبة من وزن الأسمنت، انتظر قليلاً لمَ الأسمنت تحديداً؟!
يكمن السُم في ظهر الأفعى، كذلك السبب في صناعة الأسمنت نفسه.

صناعة الأسمنت هي إحدى أخطر الصناعات وأقواها تأثيراً بالبيئة، وهي صناعة تحتاج إلى طاقة مهولة.

تخيل معي أن إنتاج طن واحد من الأسمنت يحتاج إلى 4 جيجا جول، كذلك يخرج إثر صناعته 0.8 حتى 1.3 طن Co2.

بين جميع نشاطات البشر علي وجه الأرض وصناعاتهم يخرج إثر صناعة الأسمنت فقط 5% من Co2 وهو الغاز الذي يؤدي إلى ثقب الأوزون وانصهار القطبين، بل سيكون سبباً في نهاية الحياة على كوكب الأرض!

الوجود:

لذا وجب علينا اللجوء إلى استخدام خرسانة صديقة للبيئة، عن طريق استخدام خلطة خرسانية بنسبة أسمنت أقل أو باستخدام بديل بوزولاني للأسمنت مثل رماد القش.

والآن سأعطيك نبذة عن مكونات الخلطة الخرسانية ودور الأسمنت المحوري ولم يصعب التخلي عنه.

تتكون الخرسانة من عدة مكونات منفصلة لكل منها دوره:
● الركام أو كسر الأحجار والزلط.
● الرمل.
● المياه.
● الإضافات.
● الأسمنت.
كل هذه المكونات هي مواد منفصلة، يعمل الأسمنت كحلقة وصل بينها يقوم بدور المادة اللاحمة.

لهذا لا يمكن التخلي عن الأسمنت ببساطة، ولكن سنحاول تقليل نسبته عن طريق أحدها، أتمنى بعد كل هذا أن يكون لقي جزءاً من احترامك، وستتوقف عن حرقه ونفخ رماده.

ولكن قبل أن تبجله وتذهب لإحراق هؤلاء المزارعين بدلاً من حرقه، يجب أن تساورك الشكوك ويشتعل رأسك بالتساؤلات ليلاً.

ما هو تأثير إضافة رماد القش إلى الخلطة الخرسانية؟
ما هي التكلفة الكلية إثر إضافته؟
هل يستحق عناء الإضافة أم الأسمنت وحده سيفي بالغرض؟

كل هذه التساؤلات سأحاول أن أجيب عنها في المقال القادم.. يُتبع.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد