لماذا لم يستغرب السيناويون مجزرة الروضة؟

لكن لماذا ذلك؟ لماذا معشر عدم المُستغربين -وأنا منهم- لهذا النوع من الجرائم مفرطة البشاعة؟ لأن هذا العمل الوحشي بالرغم من أنه أول هجوم يقوم به إرهابيون على مسجد، إلا أنه لم يكن الأول من نوعه، فهناك مرات أربع تم الاعتداء فيها على مساجد أسفرت عن مقتل مصلين ومعتصمين داخلها، لكن الفرق الوحيد بين الهجوم الأخير وتلك الأربع التي سبقته هو أن هذا الهجوم نفذه إرهابيون.

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/28 الساعة 06:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/28 الساعة 06:45 بتوقيت غرينتش

لماذا لم يستغرب السيناويون مجزرة مسجد الروضة؟

حقيقة فإن الهجوم كان الأعنف والأكثر دموية وعدداً للقتلى في تاريخ مصر الحديث، حسب المراقبين، حيث بلغ للحظة كتابة هذه التدوينة 305 شهداء وعشرات الجرحى، كان كما وُصِف عبارة عن عملية إبادة حقيقية للمصلين بالمسجد، صحيح أن الشعوب العربية المقهورة ما زالت لم تستوعب هول الفاجعة، لكن هناك الكثير منهم الذين لم يستغربوا طبيعة هذا الهجوم كما هو حال غالبية السيناويين، حين حصل الهجوم الغاشم على مصلين وهم يؤدون فريضة الله، وفي يوم الجمعة الذي هو ثالث أعياد المسلمين.

لكن لماذا ذلك؟ لماذا معشر عدم المُستغربين -وأنا منهم- لهذا النوع من الجرائم مفرطة البشاعة؟ لأن هذا العمل الوحشي بالرغم من أنه أول هجوم يقوم به إرهابيون على مسجد، إلا أنه لم يكن الأول من نوعه، فهناك مرات أربع تم الاعتداء فيها على مساجد أسفرت عن مقتل مصلين ومعتصمين داخلها، لكن الفرق الوحيد بين الهجوم الأخير وتلك الأربع التي سبقته هو أن هذا الهجوم نفذه إرهابيون.

المرة الأولى، كانت في العريش عندما أطلق الجيش المصري النار على المصلين وهم يؤدون صلاة العصر في 6 يونيو/حزيران 2013، حيث سقط شهداء وجرحى من المصلين.

المرة الثانية، كانت أثناء مجزرة فض رابعة العدوية في 14 أغسطس/آب 2013، ومن ثم تم حرق مسجد رابعة وبداخله جثث الشهداء والجرحى الذين كانوا يئنون، وقُتل في المجزرة ككل ما يقارب 4 آلاف شهيد، حيث باغت الجيش المصري المعتصمين عقب انتهائهم من صلاة الفجر وهم غافلون آمنون، لقد وصفت منظمة هيومان رايتس ووتش المجزرة بأنها أكبر مجازر القتل الجماعي لمتظاهرين سلميين خلال يوم واحد في تاريخ العالم الحديث، حين ذكرت ذلك في تقرير استقصائي أجرته على مدار عام كامل ونشرته في أغسطس 2014.

المرة الثالثة، أثناء مجزرة ميدان رمسيس ومسجد الفتح القريب منه، في 16 أغسطس 2013، أي بعد يومين على مجزرة ميدان رابعة العدوية، حين اقتحم الجيش المصري مسجد الفتح الذي كان قد تحول إلى مستشفى يستقبل الجرحى والشهداء الذين تم الهجوم عليهم أثناء تظاهرهم في الميدان، وفي النهاية تمت محاصرة المسجد وقتل كل من كان فيه والذين بلغ عددهم أكثر من مائة شهيد، وبقي المسجد مغلقاً منذ ذلك الحين.

المرة الرابعة، كانت أثناء تدريب للجيش المصري خلال الاحتفال بتخريج فوج من الكلية الحربية الجوية في يونيو/حزيران 2016، كان المتدربون يطلقون النار على مجسّم مسجد كهدف إرهابي، الأمر الذي أثار غضب العالمين العربي والإسلامي.

أما المرة الخامسة، فهي التي حدثت يوم الجمعة الفائت، لقد كانت متوقعة من حيث النوع ومن حيث تغيير أبجدية عمليات ما يُطلق عليها، الجماعات الإرهابية بسيناء، في حربها ضد النظام الحالي، لكن الحقيقة أننا شهدنا مثل هذه العمليات طوال السنوات الأربع الأخيرة من قبل الجيش المصري، وبحجة تصفية الإرهابيين وهدم منازل ذويهم، وتجريف وتهجير أهالي تلك القرى التي تقع على طول الشريط الحدودي بين سيناء ودولة الكيان الصهيوني بحجة أنها قرى تؤوي إرهابيين وأهلها استعمروا تلك القرى بدون تراخيص.

يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 كَذّبت الصحافة البريطانية الجيش المصري عندما أعلن أنه قام بشن هجمات على أوكار الإرهابين في سيناء كرد على مجزرة مسجد الروضة، وقالت بأنه لو كان الجيش صادقاً لأغار على تلك الأوكار قبل تلك المجزرة البشعة.

لطالما صرح رئيس وزراء دولة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو عن الإرهاب بسيناء، وتاريخ هذه التصريحات يعود إلى 5 أبريل/نيسان 2012 حين قال: إن سيناء تحولت إلى منبع للإرهاب، ولإسرائيل حق الدفاع عن نفسها، الغريب في الأمر أن نتنياهو استبق بذلك التصريح ظهور داعش وميليشيات ولاية سيناء الموالية له، تلك الميليشيات التي ظهرت فجأة ودون سابق إنذار منذ الانقلاب على مرسي، إسرائيل لم تدافع عن نفسها هناك بالمرة منذ ذاك التصريح إلا عندما كانت تشارك الجيش المصري بعد عزل مرسي في غاراته على أوكار الإرهابيين بسيناء، وها هي تدافع اليوم عن نفسها من خلال الطائرات المصرية التي تشن غاراتها على سيناء انطلاقاً من المطارات الحربية الصهيونية، والغريب أن الإرهاب ما زال ينخر بسيناء وأهلها، حتى إنه بدأ يتسبب بإبادة المصلين الآمنين الغافلين في مساجدهم، لقد امتد الإرهاب الذي يحاربه الجيش المصري ودولة الكيان إلى كنائس القاهرة والإسكندرية رغم ذلك!

ربما أن نتنياهو وقتها في 2012 كان يخشى أشد الخشية على مساجد ومصليي سيناء من خلال تصريحه وتوعده وكان يخشى على كنائس القاهرة والإسكندرية، ربما أنه أيضا كان يحث الجيش المصري على شن هذه الحرب؛ لينقذ أهل سيناء ومساجدها ومصلييها من الإرهاب وينقذ قرى رفح والشيخ زويد على طول الشريط الحدودي، وكان يحث الجيش المصري أيضاً على استدراج الخليجيين لبناء القرى الجديدة في سيناء التي يرى المراقبون أنها تبنى ليتم تهجير أهالي القرى الحدودية المدمرة إليها! أو ربما يُهجَّر إليها شعب آخر غير السيناويين.

أو كما قال الدكتور حسن نافعة، الرئيس السابق لقسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، بخصوص مجزرة مسجد الروضة بالعريش، الآن يتم استهداف تجمع بشري يفسره البعض استهدافاً للصوفية، والواقع يؤكد وقوع الكثير من الضحايا من عمال المحاجر، وجميع تلك المؤشرات تؤكد أن هناك مخططاً لإفراغ المنطقة والتسريع بتهجير سكانها، وهذا هو شعور أبناء سيناء.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد