خطوات على الطريق: كيف نشكل قادة الرأي والفكر لقيادة منظومة التغيير في المجتمع؟

وقادة الفكر هم عدد محدود لديهم أفكار جديدة وحلول مبتكرة لمواجهة الصعوبات التي تقف حجر عثرة أمام تقدم المجتمع وتغييره للأفضل. هؤلاء جميعاً يمارسون دورهم ونفوذهم بين الناس، ويعرفهم "ليندمان" بالأشخاص الذين يتقبل الناس أحكامهم ومشاعرهم باعتبارهم أساس العقيدة والسلوك.

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/22 الساعة 05:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/22 الساعة 05:37 بتوقيت غرينتش

التغيير المطلوب يحتاج إلى ثورة، والثورة تحتاج إلى قيادات للرأي والفكر لتمهيد الأرض وإقناع الجماهير بها، فهم لن يتركوا حياتهم إلى المجهول، لكنهم يريدون معرفة الطريق والخطوات التي يسلكونها فيه، وهذه هي مهمة قيادات الرأي والفكر، ثم يأتي دور الطليعة القائدة التي تمتلك القوة للسيطرة على مقاليد الأمور بما لديها من مساندة مجتمعية وقوة تنظيمية تمكنها من القيام بذلك، ولهذا مقال آخر إن شاء الله، أما اليوم فنناقش دور قيادات الرأي والفكر في تمهيد الأرض لتغيير المجتمع، وصفات هؤلاء القادة والوسائل التي يتم اتباعها والخطوات التي يقومون بها في سبيل إعداد المجتمع للتغيير المنتظر.

ومن المعروف أن قادة الرأي والفكر يلعبون دوراً إيجابياً في التأثير على غيرهم؛ لكي يتبنوا نفس الأفكار والوصول بهم إلى الأهداف المرجوة، وهؤلاء القادة عادة ما يأخذون زمام المبادرة في قبول أو رفض الأفكار الجديدة قبل أن يفعل التابعون لهم ذلك، فعملية نشر الأفكار والمبادئ مهما كان نوعها تعتمد رأساً على قادة الرأي والفكر، وأن الجماهير أكثر تأثراً بهم من روافد المعرفة الأخرى.

ومن وسائل الاتصال الجماهيري، فهم الوسطاء بين هذه المصادر وبين الناس، ويساهمون بفاعلية في تشكيل الرأي العام وتوجيهه والسيطرة عليه داخل مجتمعاتهم المحلية، وهم يتنوعون حسب مستوياتهم الفكرية والاجتماعية والتأثيرية، فمنهم رجال الدين ورجال الإعلام والاُدباء والكتاب وقادة الأحزاب والحركات والجماعات.

وقادة الرأي والفكر مكملون لبعضهم، فقادة الرأي هم عدد قليل من الناس يتواجدون في كل مجتمع ويصنعون قراراته الحاسمة، وإذا تم إقناعهم فهم مفاتيح اتصالية لإقناع غيرهم من اتباعهم ولهم دور كبير في تشكيل الرأي العام في المجتمع الذي ينتمون إليه.

وقادة الفكر هم عدد محدود لديهم أفكار جديدة وحلول مبتكرة لمواجهة الصعوبات التي تقف حجر عثرة أمام تقدم المجتمع وتغييره للأفضل. هؤلاء جميعاً يمارسون دورهم ونفوذهم بين الناس، ويعرفهم "ليندمان" بالأشخاص الذين يتقبل الناس أحكامهم ومشاعرهم باعتبارهم أساس العقيدة والسلوك.

وقد أطلق الخبراء والمفكرون عليهم العديد من الصفات، فسماهم "ليونبرغر" مفاتيح الاتصال، وقال عنهم "ويكلغ" الزعماء الرسميين، ودعاهم "روغرز سافيلون" زعماء تبني الأفكار، وقال عنهم "ليونبرغر" بأنهم أصحاب النفوذ المحليون، وسماهم "كوين" بأنهم حراس البوابات أو رؤوس شموع تحترق، وسماهم "كولمان" مهندسي الأسلوب، ونعتهم "واوزر" بأصحاب التأثير، وسماهم "لازار سفليد" رواد الفكر.

ويتمتع قادة الرأي في مختلف المواقع بمنزلة اجتماعية أرفع من منزلة التابعين لهم، وغالباً ما يأخذون زمام المبادرة في تقبل الأفكار الجديدة أو رفضها، وهم أكثر قابلية لابتكار الأفكار المستحدثة وتبنيها من تابعيهم.

وقد أكدت الدراسات الإعلامية على التأثير المهم الذي يمارسه هؤلاء القادة في المجتمع، فهم عناصر نموذجية مميزة وسط جماعات تابعة لهم. وحتى يؤدي هؤلاء القادة دورهم المطلوب ويصلون إلى درجات التأثير لا بد من توافر مجموعة من السمات أكدتها بعض الدراسات والبحوث التي قدمها بعض المختصين منهم "لازار سفيلد" و"بيرلسون" و"جوديه" وتتمثل هذه الصفات في:

1. الذكاء والنضوج الفكري والاجتماعي وسعة الأفق.

2. الجاذبية التي تشتمل على سماحة الوجه ورقة الحديث وحسن الهندام.

3- الاتزان النفسي والعاطفي والفكري والقدرة على التعامل مع المواقف المختلفة.

4. المهارات الاتصالية كمهارة التحدث والكتابة والقراءة والقدرة على الإنصات، والحصول على المعلومات وفهمها، والقدرة على التفكير وقوة البيان، واستعمال الإشارات والوسيلة المناسبة في الوقت المناسب.

5. القدوة الطيبة، ذلك أن الناس سيتعلقون بهم في سيرتهم وحسن قيادتهم وقدرتهم على الالتزام بالصدق والموضوعية.

6. اختيار أحسن الأساليب وأفضل الطرق لاستمالة الجماهير والتأثير فيها.

7. يتميز قادة الفكر عن غيرهم بالدقة والقدرة على استخدام وسائل الاتصال، والانفتاح على العالم ومواكبة كل جديد.

8. الاتصال المباشر والمستمر بالجماهير حتى يتم التفاعل المرجو.

9. الصبر والرحمة وسعة الصدر والتواضع، وغيرها من الفضائل التي تكسب ود الجماهير.

10. البعد عن مواطن الريبة والشبهة.

11. الهمة العالية والبعد عن سفاسف الأمور.

12. الوسطية والاعتدال في الأفكار والمشاعر.

13. يتميز قادة الرأي عن غيرهم بـ: (القدرة على التجديد وتقبل الأفكار المستحدثة، القدرة على التوافق مع النظام الاجتماعي السائد، القدرة على إعطاء المعلومات، يعدون مصادر موثوقاً بها، إنهم حريصون على مساعدة غيرهم والمشاركة معهم بغض النظر عن مستوياتهم ونفوذهم).

وقادة الرأي والفكر عبر كل زمان ومكان قاموا بأدوارهم في كل مجالات الحياة، فقد أشعلوا حروباً وأخمدوا أخرى، وبسببهم قامت ثورات، واخمدت فتن، وهم على نوعيات متعددة وأصناف متنوعة في كل البيئات وتتمثل في:

1- رجال وعلماء الدين وهم على رأس القادة، خاصة في المجتمعات المتدينة بقوة، فالدين أهم عناصر الحياة عند كثير من الأمم، فرجل الدين يتمتع بنفوذ كبير وهو مفتاح العلاقات الاجتماعية ويستوي في ذلك رجال الدين في الإسلام والمسيحية أو غيرها من الأديان.

2- رجال الإعلام على اختلاف نوعياتهم ومناصبهم.

3- الأدباء من شعراء وقصاصين وكتاب.

4- قادة الأحزاب السياسية الناشطة على الساحة.

5- أعضاء مجالس الشورى والمجالس النيابية.

6- قادة النقابات العمالية والمهنية.

7- المعلمون والمربون في المراحل المختلفة.

8- رؤساء النوادي الرياضية.

9- رؤساء الجمعيات المختلفة التي تقدم خدمات للناس.

10- الموظفون الرسامون في الدولة.

11- فئة الشباب وكبار السن.

ولكن ما هي الوسائل التي يمكن أن يستخدمها قادة الرأي والفكر لتمهيد الأرض للتغيير الذي ستقوم به الطليعة القائدة التي تمتلك القوة والقدرة على التغيير (لأن القاعدة الأساسية في التغيير الثوري، إنه لا يتم إلا بالقوة) وتتمثل هذه الوسائل في:

1- استخدام وسائل الاتصال المباشر من لقاءات وحوارات ومحاضرات وندوات وغيرها لإقناع الجماهير بأهداف التغيير المطلوب.

2- استخدام وسائل الاتصال الحديثة من مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة والتي يشترك بها أكثر من نصف المجتمع المصري، حوالي 52%، مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام ولينكد.إن وواتساب والرسائل عبر الإيميلات وغيرها في إقناع الجماهير.

3- التواصل المستمر مع الفضائيات والصحف المختلفة العالمية والمحلية والرد على المنشور بها وتصحيح الأخطاء وإظهار الحقيقة.

4- نشر الأفكار المستحدثة والحلول المبتكرة لمواجهة الصعوبات التي تقف في طريق تغيير المجتمع.

5- تشكيل رأي عام مساند وداعم بقوة للتغيير، عن طريق الدعوة المستمرة سواء للأفراد بشكل مباشر أو للجماهير بشكل جماعي من خلال وسائل الاتصال المختلفة.

وفي النهاية، إذا استطعنا تشكيل قيادات للرأي والفكر تستطيع تشكيل الرأي العام وتوجيهه نحو تقبل التغيير ومساندة المجموعات القيادية التي تسعى إليه، فإن مهمة الطليعة القائدة تكون أسهل كثيراً؛ لأنها ستقاوم نظاماً يفتقد التأييد الشعبي والجماهيري له، بينما يتمتع ما تقوم به هذه الطليعة القائدة بتأييد كبير من قيادات الرأي والفكر في المجتمع، وبالتالي من الجماهير الغفيرة فيه.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد