في تسريب صوتي للرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب بمصر، تحدث فيه في أثناء إعادة محاكمته في القضية المعروفة إعلامياً بـ"اقتحام الحدود الشرقية والسجون"، أمام محكمة جنايات القاهرة برئاسة القاضي محمد شيرين فهمي، والمنعقدة بطرة، عن تعمد السلطات الانقلابية التعنت ضده واتباع أساليب تؤدي إلى قتله بالبطيء، وأن الأساليب التي تمارَس ضده، تجعل صحته في خطر حقيقي، وقال للمحكمة، وتساءل: "ماذا أفعل؟! الشهود قالوا أقوالاً غير صحيحة على الإطلاق وأردت الرد عليهم ولم أستطع، أنا المحاكمة بالنسبة لي غيابية، ولا أرى إلا خيالات ولا أرى دفاعي، وأنا متأكد أن المحكمة لا تراني على الإطلاق بسبب القفص الزجاجي، أنا مش شايف من شدة الضوء ولا أعرف من يتكلم حتى الشهود، ومش شايف غير خيال، والمرايات هنا بتعمل لي دوار".
كما ذكر الرئيس مرسي أنه لم ير دفاعه منذ شهور، وتابع: "وأنا مُحاصَر، سواء في مكان إقامتي أو بمكاني هذا، وأنا أحاكم غيابياً، وإذا لزم الأمر لمحاكمة خاصة، فأنا أوافق على ذلك كي أستطيع الحديث للمحكمة، وأقول لها ما يقال لي، فأنا مهدَّد وحياتي مهددة بشكل خطير، فأنا حاضر كالغائب؛ بسبب القفص الزجاجي المودع به خلال جلسات المحاكمة".
والطريف أن القاضي رد على الرئيس مرسي قائلاً له: "إن المحكمة تراك، وعندما لاحظتْ عدم سماع صوتك اليوم أمرت بإدخال مُكبر صوت، تأكد تماماً أن المحاكمة عادلة ومُنصفة، ولا علاقة لها بالسياسة، وأن المحكمة تجري طبقاً للقانون، لك ولغيرك".
ولا أدري عن أي عدل وأي قانون يتحدث قاضي الإعدامات، الذي هو أحد قضاة العسكر، وضمن قائمة قضاة الإعدامات، بعد أن قضى بالإعدام والمؤبد على مائة مظلوم في قضية كرداسة، والذي يعد من أبسط جرائمه قتل الشهيد "محمد مهدي عاكف،" وهو القاضي نفسه الذي حكم بإخلاء سبيل أحمد عز في قضية غسل الأموال والاستيلاء على المال العام (قيمته 6.5 مليار جنيه)، وقضى بوقف نظر القضية، وحكم بإخلاء سبيل مرتضى منصور في قضية موقعة الجمل!
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا يخشى الانقلاب من صوت الرئيس وصوت الشرعية؟! ولماذا يخشى من تواصل الرئيس مع الشعب؟! فالنظام الانقلابي يعلم تماماً أن الشعب سيُصغي لكلمات الرئيس، بعدما انكشف زيف الانقلابيين وخداعهم للشعب، بعد التنازل عن مياه النيل، وبيع الأرض والغاز ومقدرات الشعب في أسواق النخاسة!
الرئيس مرسي يحاكَم اليوم أمام القضاء الظالم محاكمةً تفتقد لأبسط حقوق الإنسان وقواعد العدالة، والذي تآمر عليه خونة العسكر ونخب العار وحكام الخليج، وبرعاية صهيونية، ومباركة أميركية، ومع ذلك لم تكتفِ نخب العار بما اقترفته في حق الشعب من جرائم، فها هي اليوم تستمر في مسلسل خداع الشعب، والتآمر على شرعية الرئيس، من خلال السعي لإقناع الشعب بالمشاركة في هزلية انتخابات 2018، بالترويج الفاضح لهذه المسرحية، ويطالبون الشعب بالاصطفاف خلف أحد داعمي الانقلاب، ومرشح القوى الانقلابية، وأحد مخرجات جبهة الخراب التي استدعت العسكر، للعودة إلى السلطة على ظهور الدبابات!
وقد حاول الرئيس مرسي أن يكشف ما يتعرض له من انتهاكات صارخة داخل المحكمة وفي محبسه، الأمر الذي يجعل حياته في خطر، وحرمانه من أبسط حقوقه، ويؤكد أن ما يجري له هو انتقام من شخصه، من خلال الإهمال الطبي المتعمد، وعزله عن المحاكمة بوضعه في قفص زجاجي لا يرى منه أحداً، وهو إجراء لم يسبق في تاريخ القضاء المصري حتى مع أشد المجرمين إجراماً، مما يؤكد أن النظام الانقلابي والقضاء الشامخ ينتهكان كل الأعراف والقوانين والدساتير؛ بل ينتهكان القوانين والمواثيق الدولي.
ومع ذلك لم نرَ أي رد فعل لدى المنظمات الدولية والحقوقية للتدخل بمطالبة السلطات الانقلابية بتوفير الضمانات والمعايير الكافية لمحاكمة عادلة، في المحاكمات السياسية، كما قامت السلطات الانقلابية بمنع الزيارة عن الرئيس منذ 4 سنوات، فضلاً عن مقابلة محاميه، وغير ذلك من الانتهاكات بحق الرئيس!
وعندما تحدث الدكتور البلتاجي، طلب من المحكمة سماع شهادات كل من المخلوع حسني مبارك، ورئيس وزرائه أحمد شفيق، ورئيس الوزراء الأسبق عصام شرف، ووزيرَي الخارجية السابقين محمد العرابي، ومحمد عمرو، وكذلك وزير الدفاع السابق محمد حسين طنطاوي، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق سامي عنان، وذلك لسؤالهم عن وقائع اقتحام الحدود، ولكن كالعادة، القضاء الشامخ، لا يهتم بسماع الشهود، ولا مناقشتهم!
وقد اعتبرت جماعة الإخوان المسلمين، في بيان لها، عقب تسريب الرئيس مرسي، أن ما أعلنه الرئيس محمد مرسي من انتهاكات في حقه بلاغ تتقدم به للرأي العام العالمي، ومن خلاله للأمم المتحدة وشتى المنظمات الحقوقية والقانونية الدولية، ولكل الجهات المهتمة بحقوق الإنسان؛ ليقوم كلٌّ بدوره، وليضطلع كلٌّ بمسؤولياته، لوقف تلك الانتهاكات وحماية حياته من الخطر.
لكن -للأسف- لوحظ تقاعس قنوات ما يسمى قنوات الشرعية، عن تناول خبر الرئيس مرسي، وجعلت من أخبار سعد الحريري مادة إعلامية لها، وكأن ما يحدث مع الرئيس مرسي لا يعنيها، أو أن مرسي ليس هو رمز الشرعية بالنسبة لها!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.