أحبّك لأنّي أحيا: قصص نساء هجرهن الحب فهجرن الحياة

كتبت "سيلفيا بلاث"، " الموت فنّ وإني أمارسه بإتقان في وسعكم القول إنّه دعوتي"، طيلة إحدى وثلاثين عاماً تجرّعت سيلفيا الموت على جرعات منفصلة في الظاهر، متشابكة ومترابطة في الباطن، سيلفيا التي تعتبر إلى اليوم إحدى أشهر شاعرات أمريكا على الإطلاق، لم تدرك لحظة إقدامها على حشر رأسها في فرن الغاز أنّها ستكون أيقونة خالدة في سماء الشعر.

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/16 الساعة 07:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/16 الساعة 07:00 بتوقيت غرينتش

كثيرٌ من العشاق أنهوا حياتهم بطرق مأساوية، وكثيٌر من المشاهير ذهبوا إلى الجانب الأقصى من الحياة، أيّ الموت بإرادتهم، لم تمنحهم الشهرة والمال السعادة الكافية، ولكن أن يكون الموت قرار امرأة هو أمر لا يخلو من شجاعة نادرة أو يأس قاتل، لا سيّما وأنّ التاريخ كتب قصص نساء كتبن نهايات محزنة اختياراً، هجرهن الحبّ فهجرن الحياة.

كتبت "سيلفيا بلاث"، " الموت فنّ وإني أمارسه بإتقان في وسعكم القول إنّه دعوتي"، طيلة إحدى وثلاثين عاماً تجرّعت سيلفيا الموت على جرعات منفصلة في الظاهر، متشابكة ومترابطة في الباطن، سيلفيا التي تعتبر إلى اليوم إحدى أشهر شاعرات أمريكا على الإطلاق، لم تدرك لحظة إقدامها على حشر رأسها في فرن الغاز أنّها ستكون أيقونة خالدة في سماء الشعر.

وُلدت "سيلفيا بلاث" في 27 أكتوبر/ تشرين الأول سنة 1932 وتوفيـت 11 فبراير/ شباط 1963 وتعتبر تجربتها الإبداعية من أهمّ التجارب الشعرية في العالم، عانت منذ طفولتها من نوبات وأزمات نفسية بعد فقدانها للأب الذي لم تتعافى من غيابه، وبرزت المعاناة في عملها الشعري، لم يحالفها الحظ في زواجها إذ عانت من خيانات الشاعر الإنجليزي " تيد هيوز"، فبحثت عن السكينة في غياب الأب وخيانات الزوج ولم تجده إلاّ بين أحضان الموت.. لو لم يخن "تيد هيوز" سيلفيا وتفهم نوباتها النفسية الحادّة هل كانت سيلفيا ستغادر الحياة في سن الحادية والثلاثين؟

من أمريكا إلى باريس عاصمة الأنوار، التي تفتخر إلى اليوم بإحدى أشهر نجمات الفنّ، وتعتبرها من ضمن تراثها وتاريخها الفنّي الحديث، ونصبت لها تمثال كامل على قبرها تقديراً لما قدمته للأغنية الفرنسية، ورغم ما نشر عن "داليدا" من مقالات وأفلام، فإنّها مازالت في أذهان وقلوب محبيها، يهرع الجميع إلى اكتشاف أشياء جديدة عن حياتها الغامضة والتي انتهت بانقطاع الحبّ.

"داليدا" أو "يولاندا كريستينا جيجليوتي" شقراء إيطالية، وُلدت بمصر في 17 يناير/ كانون الثاني 1933 شاركت في عديد الأفلام المصرية ثم بدأت مسيرتها في فرنسا سنة 1954، بعد أن فازت بلقب ملكة جمال مصر، أدت "داليدا" أغانٍ بلغات مختلفة فرنسة، وعربية، وإيطالية، وعبرية وإسبانية في أكبر المسارح العالمية، ما جعلها تتبوأ قمة سلم النجومية والشهرة.

تُعتبر النجمة الإيطالية " داليدا" من أشهر نجمات القرن العشرين ومازالت إلى اليوم تشغل الصحف وتلهم الكثير من الفنانين المبتدئين، غنّت داليدا مئات الأغاني وأبدعت ، لتُنهي آخر المطاف الرحلة بجرعات إضافية من منوم، بعد أن تركت رسالة من بضعة كلمات " سامحوني الحياة لم تعد تحتمل ".

لم تُطق "داليدا" الحياة بغياب الحبّ فاختارت الموت عن قناعة تامة، أنّ الضوء لا يمكن أن يسدّ ثقوب قلبها التواق إلى الحبّ، ولم تعوضها الشهرة عن الحرمان العاطفي.

اقترن اسم "داليدا" بانتحار أغلب الرجال الذين ارتبطت بهم، الأمر الذي سبّب لها أزمات نفسية جعلتها في النهاية تختار الموت بإرادتها، ومن أشهر عشاقها المنتحرين "لوسيان موريس" والمغني "لويجي تانجو".

أنهت النجمة العالمية رحلة حياتها في 11 مايو/ أيار 1987 بعد مسيرة طويلة من الشهرة العالمية وحكايات الحبّ الفاشلة.. لو صادف الحبّ حياتها هل كانت ستنتحر داليدا؟

ومن قصة أخرى نقتطف مثالاً آخر عن الحب والموت، فصلٌ بطلته نجمة الإغراء الأمريكية "مارلين مونرو"، فرغم النجاحات التي حقّقتها والألقاب التي جنتها، والشهرة والأضواء والأموال الكثيرة التي جمعتها، لم يمنعها كلّ هذا من قرار الانتحار، مدونةً في أسطر دوافع الإقدام على الخطوة.

" لدى إحساس عميق بأنني لست حقيقية تماماً، بل إنني زيفٌ مفتعلٌ ومصنوعٌ بمهارة، وكل إنسان يحس في هذا العالم بهذا الإحساس بين وقت وآخر، ولكنى أعيشُ هذا الإحساس طيلة الوقت، بل أظن أحياناً أنى لست إلاّ إنتاجاً سينمائياً فنياً أتقنوا صُنعه"، لتضع في 5 أغسطس /آب 1962 حداً لما وصفته بالمعاناة واليأس، بعد أن تناولت هي الأخرى جرعات إضافية من الحبوب المهدئة.

وكانت "مارلين مونرو"، خضعت إلى العلاج النفسي قبل خيانة زوجها الثالث الكاتب المسرحي "آرثر ميللر"، ولكن النهاية كانت مع آخر الخيانات التي لم تحتملها، فاختارت الهروب من عالم لم يتعامل معها على أساس أنّها إنسان من لحم ودم ومشاعر، بل مجرّد صورة جميلة للإغراء والإغواء.. لو وجدت مارلين مونرو الحبّ هل كانت ستنتحر حقاً؟

إلى ذلك، يمكن القول من خلال استعراض فصولٍ من حياة نجمات (شاعرة، مطربة، ممثلة) خلّدن ملامح من حياة المشاهير في القرن العشرين، ومازالت سيرهن إلى اليوم تجد رواجاً منقطع النظير وصداً فنياً وإعلامياً، أنّ غياب الحبّ والفراغ العاطفي، كان سبباً دفعهن إلى ترك الحياة رغم المجد والترف، فلم تنر الأضواء قلوباً كلّت من عتمة الوحدة.

قيلَ إنّ المال والجاه يجعل المرأة أميرةٌ، فتحاط بالحب والتبجيل أينما حلت ورحلت، ولكن القول يحمل هناتٍ في جوانبه، فليس كل الحب حباً صافياً خالصاً، قد تجده تملقاً وخداعاً، استغلال ونفاق، لذلك إذا صادف المرأة النوع الثاني، فإنّ النهايات الأليمة وغير المتوقعة غالباً ما تـــــــــــوّشح الفصل الأخير من المشهد.

قليل من الليل قربك يكفي لأخرج من بابلي
إلى جوهري _ آخري لا حديقة لي داخلي
وكلك أنت وما فاض منك أنا الحرة الطيبة

كتب درويش فصدق، لا شيء يجعل المرأة تفيضُ بالحياة سوى الحبّ، فإذا هجرها جعلها أتعس مخلوقات الأرض.

لا شيء يجعلها تعيش الحياة بكلّ تناقضاتها مرتمية في أحضانها تعيش تجاربها بنهم وثقة، لا شيء يخيفها طالما أنّها تمسك بيد رفيقها في رحلة الحياة، تشعر معه بالأمان وتتحدى من أجل لحظات الحبّ معه عالماً بأكمله.

– تم نشر هذه التدوينة في موقع ميم

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد