تدوينة داوني السادسة| الإدارة الصحية “1”

في هذه التدوينة سأتحدث عن المفهوم والأهمية والخصوصية للإدارة الصحية والطبية، وأما في التدوينة الثانية فسأتحدث أكثر عن هذا التخصص ومواده العلمية ومجالات عمله، مع الإشارة إلى أنني أحمل شهادة مهنية فيه منذ عشرة أعوام، وكان مشروع بحثي حينها كتيباً باللغة العربية اسمه تسويق الخدمات الصحية.

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/14 الساعة 04:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/14 الساعة 04:08 بتوقيت غرينتش

يعتبر هذا التخصص من التخصصات المهمشة في البلاد العربية، ويعاني الخريجون من صعوبات في الحياة العملية، وخاصة إذا كانوا من غير العاملين في المجال الصحي، إذ أنهم غير مقبولين من الأكاديميين العلميين كإداريين وموجهين، ولذلك نجد عزوفاً عن الدخول في هذا المجال لغير المختصين، وأما المختصون فهم يجدون أنه بدراسة وتعمق هذا المجال سوف يتم عزلهم عن المرضى والمتابعة العلمية للفرع الطبي الذي هو أصلاً يعمل به، فيترك الموضوع لغيره وهكذا.

في هذه التدوينة سأتحدث عن المفهوم والأهمية والخصوصية للإدارة الصحية والطبية، وأما في التدوينة الثانية فسأتحدث أكثر عن هذا التخصص ومواده العلمية ومجالات عمله، مع الإشارة إلى أنني أحمل شهادة مهنية فيه منذ عشرة أعوام، وكان مشروع بحثي حينها كتيباً باللغة العربية اسمه تسويق الخدمات الصحية.

أهمية الإدارة الصحية تأتي من شقين:

الأول: من جانب الفكر المتجدد والحداثة التنافسية المتزامنة في المجال الصحي، الثاني: من الجانب التشغيلي والتحسيني، وأما عن الأول فتبرز أهمية الإدارة الصحية لأي مستشفى في نمو سمعته وكفاءة مرافقه ونجاح طاقمه وإعداد وصياغة الآليات وسياسات العمل داخله، ونجاح علاقاته مع العملاء وشركات التشغيل والتأمين والخدمات، وأما عن الثاني فتبرز أهمية الإدارة الصحية في الارتقاء بسير العمل لجميع الأقسام ومراقبته، والإشراف على تنفيذه بالشكل المطلوب وفقاً لقواعد وقوانين الجودة الشاملة، إضافة إلى ضرورة اتباع القواعد والأنظمة واللوائح والتعاميم وفق الآليات والسياسات العامة للمستشفى ومراقبة تنفيذها، والعمل على رفع مستوى الأداء والولاء للمنسوبين، وتطوير مهاراتهم والعمل على استقطاب الكفاءات والخبرات في جميع جوانب العمل داخل المستشفى، وحل جميع الإشكالات والمعوقات سواء للمنسوبين أو للعملاء، فمن ينظر للدول المتقدمة صحياً قبل عدة سنوات يلاحظ اهتماماً متزايداً بموضوع الإدارة الصحية من قبل المهتمين والمشتغلين بالقطاع الصحي من مخططين صحيين ومزودين لهذه الخدمات، إضافة إلى المنتفعين بها.

ويأتي التركيز على الإدارة الصحية كعنصر أساسي وجوهري في التغلب على هذه المشاكل الصعبة التي تواجه المؤسسات الصحية، وبهذا المعنى يقول أحد كتاب الإدارة: إن المشكلة الحقيقية التي تواجه المؤسسات الصحية بشكل عام والمستشفيات بشكل خاص هي مشكلة إدارية أكثر منها مشكلة إمكانات وموارد.

وقد نما هذا الاهتمام بموضوع الإدارة الصحية في كثير من الدول المتقدمة، وخاصة أميركا، منذ عشرات السنين، وأصبح يدرس من خلال الجامعات كتخصص إداري شأنه شأن التخصصات الإدارية الأخرى، كما أصبحت الإدارة الصحية مهنة معترفاً بها وذات أهمية كبيرة شأنها شأن المهن العريقة المعروفة كالطب والهندسة والمحاماة.

أما في الدول العربية ورغم أهمية الدور الذي يمكن للإدارة القيام به في مجال تخطيط وتقديم خدمات الرعاية الصحية بإطار من الكفاءة والفاعلية، فلم تحظَ الإدارة الصحية بعد بما تستحقه من اهتمام؛ إذ لا تزال تسند إلى الأطباء مهمة إدارة أنظمتها ومؤسساتها الصحية، وأحياناً ما يساعد هؤلاء الأطباء إداريون غير مختصين في الإدارة الصحية، مما يحد من فاعلية الأنظمة الصحية ومؤسساتها، ومن قدرتها على توفير خدمات جيدة، وبشكل يحافظ على مواردها الصحية المحدودة والمرتفعة التكلفة.

وبالنسبة لطبيعة الإدارة الصحية، فإنها تعتبر فرعاً متخصصاً من العلوم الإدارية والصحية المتميزة، وهي علم تطبيقي اجتماعي، يضم مزيجاً من علوم إدارة الأعمال، والإدارة العامة، والعلوم الطبية، والصحة العامة، والوبائيات والسياسات الصحية وعلم الأنظمة الصحية، وعلوماً أخرى متخصصة في الإدارة الصحية، كالبحوث الصحية، أو أنظمة البحوث العلمية والتخطيط الصحي والثقافة الصحية، وتقويم البرامج الصحية.

ويعتبر نظام الصحة من أعقد الأنظمة، بسبب تعدد الخبرات والمهارات، وعدم تجانسها، والإدارة الصحية علم وفن متغير ومتطور نتج عن التغير الدراماتيكي في التكنولوجيا الطبية، وتدريب وتعليم القوى الصحية العاملة، وازدياد تكاليف الخدمات الصحية أيضاً.

إن الإدارة الصحية شأنها شأن الإدارة في المؤسسات الأخرى تقوم بتحديد الأهداف وتنسيق نشاطات القوى العاملة الإدارية والمهنية والطبية وغيرها، من أجل تحقيق الأهداف المرجوة والمتوقعة في المؤسسة الصحية.

ويطلب من الإداري الصحي أن يكون مخططاً، واستراتيجياً في بعض النواحي، ومنسقاً، وقبل كل شيء قائداً وموجهاً للعنصر البشري، ومحفزاً ومراقباً للأعمال والأنشطة، كما أن المدير الصحي كقائد هو القدوة والنموذج لكل المرؤوسين، وهو الذي يستعمل الموارد بكفاءة وفاعلية في المؤسسة الصحية.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد